مآذن المسجد النبوي: معمار مهيب يجسد روحانية الزمان والمكان

يشكّل المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة تحفة معمارية وروحية فريدة، وتتجلى ملامح هذا التميّز في عشر مآذن شاهقة تزيّن أركانه، تُطلق منها نداء الأذان الخالد الذي يُلامس القلوب ويستدعي السكينة، ويُجسّد روحانية الزمان والمكان في واحدة من أعظم البقاع الإسلامية.
توزيع هندسي متناغم للمآذن العشر
تتوزع مآذن المسجد النبوي بانسجام معماري لافت، إذ تضم الواجهة الشمالية أربع مآذن، في حين تقع مئذنة واحدة في كل من الأركان الأربعة للمسجد: الشمالي الشرقي، الشمالي الغربي، الجنوبي الشرقي، والجنوبي الغربي. أما المئذنتان المتبقيتان، فتتمركزان في منتصف الجانبين الشرقي والغربي، لتشكل جميعها مشهدًا بصريًا مهيبًا يعكس عبقرية التخطيط والتوسع المتدرج عبر العصور.
طراز معماري فريد يعكس مراحل تطور المسجد
تتميز مآذن المسجد بتنوع الطراز المعماري الإسلامي الذي يُجسّد مراحل التطور الحضاري للمسجد النبوي منذ تأسيسه، حيث تتكون كل مئذنة من خمسة طوابق، وتمزج بين الفن الإسلامي التقليدي والطابع المعاصر، في انسجام يعكس تعدد العصور التي مرت بها توسعات المسجد وتحديثاته.
المنارة الجنوبية الشرقية.. أعلى المآذن وأكثرها شهرة
تتربع المنارة الجنوبية الشرقية بالقرب من القبة الخضراء، وتُعد أشهر مآذن المسجد النبوي وأعلاها، إذ تحظى بمكانة خاصة في الوجدان الإسلامي، نظرًا لقربها من الروضة الشريفة والقبر النبوي الشريف، كما أنها تُستخدم كمئذنة رئيسة لانطلاق الأذان.
“السنجارية” و”المجيدية”.. شواهد معمارية على مراحل تاريخية
تُعرف المئذنة الواقعة في الركن الشمالي الشرقي باسم ‘السنجارية’، وهي واحدة من أبرز المعالم التي تعكس الطابع العثماني في العمارة، بينما تحتل ‘المجيدية’ موقعها في الركن الشمالي الغربي، وتُعد جزءًا من التوسعة المجيدية التي شهدها المسجد في العصر العثماني أيضًا، ما يجعل منها إرثًا معماريًا نابضًا بالتاريخ.
المآذن.. هوية صوتية وبصرية للمسجد النبوي
لا تقتصر وظيفة مآذن المسجد النبوي على الجانب المعماري، بل تحمل أيضًا هوية صوتية وروحية للمسجد، من خلال الأذان الذي يُرفَع خمس مرات في اليوم، ويربط المسلمين حول العالم بأحد أقدس مساجدهم، في امتداد معنوي وروحي تتجاوز حدوده المكان.