برلمان غير فعال: بطالة مقنعة داخل المؤسسة التشريعية

برلمان غير فعال: بطالة مقنعة داخل المؤسسة التشريعية


البرلمان يسدل العرض.. فصلٌ طويل الأيام شحيح الجلسات

في المشهد الأخير من المسرحية البرلمانية، حيث يُفترض أن تصل الأحداث إلى ذروتها، يفاجئ البطل الجميع ليغادر المسرح قبل نهاية الفصل، حيث يسدل البرلمان ، مع حلول عطلته التشريعية، بعد فصلٍ طويل الأيام وشحيح الجلسات، فالبرلمان وصل لمرحلة الإنهاك من الحساب، ليس حساب القوانين والجلسات،  بل كان يعدّ الأيام تنازليًا طوال الـ120 يومًا الماضية التي يتكون منها الفصل التشريعي، مترقبًا حلول العطلة.
 
ثلث معطِل وانسداد رئاسي.. البرلمان لا يعوض الفاته ويدخل بـ”سبات شتوي مبكر
بدأ الفصل التشريعي في التاسع من يناير الماضي، معلنًا بدء السنة التشريعية الأخيرة للدورة البرلمانية الحالية.. الدورة التي بدأت مشوارها بانسداد سياسي لمدة عام إثر جدل مشروع الأغلبية والثلث المعطِل، ثم تلاه عام “الانسداد الرئاسي” والمتعلق بخلو منصب رئاسة البرلمان.. لذلك.. كان من المفترض أن يعوّض البرلمان هذه الانسدادات في العام التشريعي الأخير.. الا أن دخل في سبات شتوي متأخر مع حلول الربيع..
 
131 جلسة خلال 3 سنوات تشريعية.. البرلمان مطلوب 61 جلسة بذمته
يتكون في دورته التشريعية من 4 سنوات تشريعية، وكل عام تشريعي يتكون من فصلين تشريعيين لـ8 اشهر، مع تشريعية لمدة 4 اشهر.. وخلال الفصلين التشريعيين يجب ان يعقد البرلمان كحد ادنى 64 جلسة في كل عام، لكن خلال الاعوام الثلاثة الماضية التي من المفترض ان يعقد البرلمان 192 جلسة كحد أدنى، لم يعقد البرلمان سوى 131 جلسة فقط..
 
الفصل التشريعي ينتهي بـ5 جلسات.. 90% من الجلسات المقررة “سُرقت
اما عند الحديث عن الفصل التشريعي الحالي المنتهي بعد 4 اشهر من انطلاقه، والذي يجب ان يعقد البرلمان خلاله 32 جلسة على الاقل، لم يعقد البرلمان سوى 5 جلسات تقريبًا.. اي بنسبة 10‎%‎ من اجمالي الجلسات المقررة..
 
اكثر من 100 نائب “لم تطأ أقدامهم البرلمان”.. بيت تشريعي أم “تشريفي”؟
هكذا تحوّل البرلمان من بيتٍ تشريعي.. الى بيت “تشريفي”.. يدخله النائب ليحصل على شرف الحصانة والامتيازات ومكسب العضوية.. بل أن حوالي ثلث النواب لم يدخلوا جلسة واحدة.. فمعدل حضور النواب لم يكن يتجاوز الـ220 نائبا من اصل 329 نائبًا يتكون منه البرلمان..
 
عطلة تشريعية لا تنتهي الا قبل شهرين من الانتخابات
وبينما يدخل البرلمان عطلته التشريعية لهذا العام الاخير من عمره، والتي تمتد لـ4 اشهر وفقًا للنظام الداخلي للبرلمان، فهذا يعني انها ستنتهي في ايلول المقبل، ليكون البرلمان امام شهرين فقط قبل الانتخابات في تشرين الثاني، وسط شكوك بأن يعقد البرلمان جلسات حقيقية في الشهرين الاخيرين قبل حلول موعد الانتخابات.
 
150 مؤجل.. هفوات بيروقراطية أم “إضراب دستوري”؟
لكن بحلول العطلة التشريعية او بدونها، ليس هناك فرقًا كبيرًا، فالبرلمان معطّلٌ في الحالتين، مع وجود اكثر من 150 مشروع قانون مؤجل بينها الكثير من القوانين المفصلية مثل قانون النفط والغاز وقانون الخدمة الاتحادي وجداول الموازنة وقانون وايضًا تعديل الذي يعد العامل الرئيس وراء تعطّل الجلسات، وهذا المشهد ليس “هفوات بيروقراطية” بل اعلان صريح عن “اضراب دستوري”.
 
البرلمان “مقهى سياسي”.. “جينات” التعطيل قد تنتقل للبرلمان المقبل
يكرس البرلمان بهذه السلوك سابقة خطيرة، تتمثل بتحويل البرلمان إلى “مقهى سياسي” يُفتح حسب المزاج، ما يجعل الخطر الحقيقي ليس في تعطيل الجلسات بل في تحول ثقافة التعطيل الى سمة دائمة للمؤسسات التشريعية، فهل تكون الانتخابات القادمة هي الحل ام انها ستكرس “جينات التعطيل” في البرلمان الجديد؟.
 
هذا التقرير من ضمن برنامج “حصاد ” من تقديم ورود الموزاني وإعداد غرفة أخبار “تواصل”، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً.