رئيس الوزراء اللبناني: نحتاج إلى وسائل إعلام تع prioritizes the truth above all else.

– دوليات
قال اللبناني نواف سلام، اليوم الثلاثاء، أننا بحاجة الى اعلام يضع الحقيقة فوق كل اعتبار اي ان يكون كمسؤول ولا يسخّر للتحوير وأتحدث من خلفيّة رجل قانون تعلّم أن “الحقيقة لا تبنى على الظنون”، وذلك خلال كلمة ألقاها في القمة الإعلامية – دبي.
وذكر سلام في الكلمة: “السيدات والسادة، أحيّيكم باسم ، المدينة التي كانت ولا تزال منارةً للكلمة، وملتقى للحريات، وصوتاً عربياً عاليا في وجه العتمة والانغلاق. أحيّيكم باسم ، هذا البلد الصغير بجغرافيّته، العميق بجراحه، الغني بإرثه الثقافي والإنساني، والمصمم – رغم كل العواصف – على استعادة مكانته في قلب العالم العربي وعلى خارطة المستقبل. أتوجّه أولا بالشكر الى ، قيادةً وحكومةً وشعباً، على احتضانها هذه القمة، وعلى ما تبذله من جهد صادق في ترسيخ العمل العربي المشترك”.
تابع: “السيدات والسادة، نجتمع اليوم في زمن استثنائي. زمن لم يعد فيه الإعلام مجرد ناقل للواقع، بل صار قوة تصنعه. لم يعد الإعلام فقط مرآة، بل صار مصنعاً للرأي العام، وللسلم – وللأسف- كما للفتنة. لذا، مع احترامنا الكامل للحريات وتأكيد أهمية حمايتها، نحن بحاجة الى اعلام يضع الحقيقة فوق كل اعتبار، أي الى اعلام مسؤول، اعلام لا ينجر خلف الشائعات ولا يسخّر للتحريض والتزوير. أتحدث إليكم اليوم من خلفية رجل قانون، تعلّم أن الحقيقة لا تُبنى على الظنون، وأن المسار نحو العدالة يبدأ بالتجرّد عن الأهواء وعن اية مصالح شخصية، وبتقديس للوقائع والأدلّة. وهذه هي المهمة النبيلة التي يتقاسمها رجال القانون والصحافة معاً: مهمة البحث عن الحقيقة في زمن تكثر فيه كما يكثر التضليل. فالباحث عن الحقيقة في القضاء والباحث عنها في الإعلام يواجه معاناة كبرى، ذلك ان البحث عن الحقيقة يحتاج الى البعد عن الانحياز العائلي او الطائفي او الديني، وكذلك البعد عن هيمنة مذهب ما، فئة ما او أيديولوجية حزب ما. وجاء التطور التكنولوجي الذي أحدث ثورة في وسائل الإتصال ليجعل من العالم كله قرية الكترونية واحدة مربوطة باستمرار بشاشة كومبيوتر او موبايل. أصبح النفاذ الى بيوتنا وعقولنا ونفوسنا مباحا بل مستباحا بلا قيد او شرط. أصبح هذا الاختراق يأتي الينا من مصادر مجهولة بمعلومات مختلفة يصعب تعقّب من نشرها او دسها ولا يمكن التأثير على تفاعلاتها”.
تابع: “يكفي ان نتوقف امام بعض الإحصاءات لندرك حجم المسألة التي تواجهنا اليوم: أكثر من 75 % من سكان العالم يمتلكون جهازا محمولا او أكثر، أكثر من 67 % من سكان العالم يرتبطون بشبكة . ولعل الإحصاء الأكثر اثارة للقلق هو ان 58 % من الناس يحصلون على الاخبار عبر واكثرها مصادر لا يمكن تحديد مَن وراءها. كل يوم، كل صباح، كل مساء نسمع ونقرأ ونشاهد من يدعي كذبا بلقاءات لم تتم، وخلافات لم تحدث، وصفقات لم تعقد، وتصريحات لم تطلق، ومحادثات لم تحصل. فلو أراد المسؤول ان يرد على كل الأكاذيب، لأمضى معظم وقته في ذلك. وهنا مكمن الخطر: ان تصبح الكلمة أداة تشويش لا معرفة، وسلاحاً بيد من يسعى للإيذاء لا للبناء. في هذا السياق، لم يعد الإعلام شأناً محصوراً بالمهنيين فقط، بل أصبح ساحة صراع بين من يسعى لقول الحقيقة ومن يسعى لإخفائها او تحويرها. لذلك، فإن هذه القمة ليست مجرد محطة إعلامية، بل هي حدث استراتيجي في الدفاع عن الكلمة والحقيقة”.
وقال: “السيدات والسادة، لبنان ينهض اليوم من ركام أزماته. بلدنا الذي انهكته الانقسامات والحروب والوصايات، قرر أن يستعيد نفسه، ان يستعيد كلمته، أن يستعيد دولته. مشروعنا يقوم على تلازم الإصلاح والسيادة التي تستوجب حصرية السلاح، اي ان نتحرّر من ثنائية السلاح التي كانت تؤدي الى ثنائية القرار وضياع مشروع الدولة الوطنية. ورؤيتنا للبنان ليست خيالا، بل مشروعا واقعيا: دولة قانون ومؤسسات لا دولة محاصصة وزبائنية. دولة سيادة لا ارتهان. دولة قرار لا ساحة صراعات. إننا نريد لبنان الذي يمتلك قراره في السلم والحرب. نريد لبنان متجذرا في هويته وانتمائه العربيين، المنفتح على العالم القادر أن يكون جسر تواصل بين الشرق والغرب”.
أضاف: “اليوم بعدما عاد لبنان الى العرب، فهو مشتاق الى عودة اشقائه العرب اليه، عودة فاعلة قائمة على الشراكة والتكامل. لكن دعوني اذكر هنا اننا فيما نعمل على تنفيذ كامل لقرار مجلس الامن 1701، ونلتزم وقف الاعمال العدائية، لا نزال نواجه احتلالا لأراضينا وخروقا إسرائيلية يومية لسيادتنا.
ولا ينسى لبنان لفتات الاشقاء في واشير شاكرا الى قرارات الدعم من دولة ورئيسها الشيخ زايد الذي وعد ووفى، وسمح بعودة زيارة الاخوة الاماراتيين لبلدهم الثاني لبنان. كما لا ننسى ان نحو 190 ألف لبناني يعيشون ويعملون بكل تفان وإخلاص في بلدهم الثاني، ، وينعمون فيها بالأمن والأمان وجودة الحياة”.
تابع: “السيدات والسادة، بالعودة الى الاعلام، فان المعركة التي نخوضها اليوم في لبنان ليست فقط معركة اقتصادية أو سياسية، بل هي معركة وعي، معركة كلمة. وبهذا المعنى، فان الإعلام ليس ترفاً في مسيرتنا نحو الإصلاح والنهوض، بل شرط من شروطه الأساسية. نحن نريده شريكاً في الثقة وفي صياغة مستقبل جديد لبلدنا. لا نطلب من الإعلام أن يكون موالياً، بل أن يكون مهنياً، نزيهاً، ملتزماً الحقيقة. نريده أن يكون فضاء للمشاركة، للفهم، للتفاهم – كما أراد الفلاسفة الأوائل حين عرّفوا عملية التواصل بأنها مشاركة في المعنى”.
ختم:” أيها الحضور الكريم، نحن أمام مفترق طرق تاريخي في المنطقة، لحظة إقليمية دقيقة تستدعي خطاباً إعلامياً جديداً يواجه محاولات التهميش والتفكيك، ويعيد إنتاج الأمل. نريد إعلاماً عربياً حديثا، حيّا ومتنوعا، يصنع المستقبل ولا يجتر الماضي. يفتح النوافذ لا يسدّها. يحمي الحرية لا يسيء استخدامها.
أقف بينكم اليوم لا كرئيس حكومة فقط، بل كمواطن لبناني عاش الألم والأمل، ويؤمن أن الكلمة، حين تكون صادقة، يمكن أن تكون جسراً نحو مجتمعات أكثر إنسانية وتماسكا. من دبي – مدينة الرؤية والطموح كما أرادها الشيخ محمد بن راشد -أطلق معكم نداءً إلى كل إعلامي حر: كونوا حرّاس الحقيقة. كونوا صانعي الوعي. كونوا حلفاء النهوض. ولبنان، من على هذا المنبر، يقول نحن عائدون، عائدون إلى دولتنا، عائدون إلى عروبتنا، عائدون إلى المستقبل”.