كيف يؤثر الهجوم الإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني؟

أكد خبراء أن الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران وجَّه ضربة لبرنامج طهران النووي لكن تأثيرها ليس مدمرا في هذه المرحلة. وقال علي واعظ، الباحث المتخصص في ملف إيران في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية أمريكية «بإمكان إسرائيل إلحاق الضرر بالبرنامج النووي الإيراني، لكن من غير المرجح أن تتمكن من تدميره».
وأكد أن إسرائيل لا تملك القنابل الثقيلة اللازمة «لتدمير منشآت نطنز وفوردو المحصنة» في عمق الجبال.
ولفتت كيلسي دافنبورت، الخبيرة في «آرمز كونترول أسوسييشن» إلى أنه للقيام بذلك، ستحتاج إسرائيل إلى «مساعدة عسكرية أمريكية». وأضافت أنه لا يمكن القضاء على المعرفة التي اكتسبتها طهران، على الرغم من مقتل تسعة علماء نوويين في الضربات.
وبحسب ما نقلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن السلطات الإيرانية، فقد دُمِّرَ قسم رئيسي فوق الأرض من منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز في وسط البلاد. واعتبر معهد العلوم والأمن الدولي وهو مركز أبحاث مقرّه في واشنطن ومتخصص في الأسلحة النووية، أن الدمار الذي أكدته صور الأقمار الاصطناعية، «جسيم».
ولفت المعهد في تقرير له إلى أن الهجمات التي تستهدف إمدادات الطاقة في المنشأة يمكن أن تُلحق أضرارا بالغة بآلاف أجهزة الطرد المركزي الموجودة، وهي الأجهزة المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، «في حال نفدت (طاقة) البطاريات الاحتياطية». وأكد المعهد أن موقع نطنز «لن يتمكن من العمل لفترة من الوقت، على أقل تقدير». كما استهدف الهجوم الإسرائيلي منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وأعلنت إيران أن أضرارا محدودة لحقت به. واستهدف الهجوم الإسرائيلي أيضا مصنعا لتحويل اليورانيوم في أصفهان (وسط). ويُعتقد أن هذا المجمع يحتوي على احتياطيات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب. وفي هذه المرحلة، لا يمكن معرفة ماذا حدث لهذا المخزون.
وقال واعظ «إذا نجحت إيران في نقل بعض مخزوناتها إلى منشآت سرية، فستكون إسرائيل قد خسرت اللعبة».
ولم ترصد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أي زيادة في مستويات الإشعاع في مختلف المواقع المتضررة. وأكدت دافنبورت أن «خطر أن تؤدي الهجمات على منشآت تخصيب اليورانيوم إلى انبعاثات إشعاعية خطيرة، ضئيل جدا». لكن قد يكون لأي هجوم على محطة بوشهر للطاقة النووية (جنوب) «عواقب وخيمة على الصحة والبيئة». وأكد المدير العام للوكالة الدولية رافايل غروسي أن المواقع النووية «لا يجب أن تُهاجم أبدا، بغض النظر عن السياق أو الظروف، لأن ذلك قد يضر بالسكان والبيئة».
وبعد انسحاب الولايات المتحدة في العام 2018 أحاديا من الاتفاق النووي الدولي المبرم في 2015 بين إيران والقوى الكبرى، تراجعت طهران تدريجيا عن معظم التزاماتها الأساسية بموجبه، لا سيما من خلال تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير حد 3,67 % الذي حدده الاتفاق. وفي منتصف مايو، بلغ مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %، 408,6 كلغ، بحسب الوكالة. وفي حال خُصب هذا المخزون بنسبة 90 %، وهو المستوى المطلوب لتطوير قنبلة ذرية، فسيوفر كمية كافية لإنتاج أكثر من تسع قنابل. وإيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتخصب اليورانيوم إلى هذا المستوى، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تشكو أيضا من عدم تعاون طهران. وتنفي إيران تطوير أسلحة نووية.
ولفتت دافنبورت إلى أنه «حتى الآن، فاقت تكاليف التسلح فوائده. لكن هذه الحسابات قد تتغير في الأسابيع المقبلة». وأضافت «أعاقت الضربات الإسرائيلية إيران على الصعيد التقني، لكنها على الصعيد السياسي تُقرّبها من امتلاك أسلحة نووية». ولفتت إلى وجود «خطر حقيقي بتحويل اليورانيوم المخصب» في عملية «قد تجري خلال أسابيع من دون أن يلاحظها أحد»، إذ تمنع الضربات الحالية مفتشي الوكالة الدولية من الوصول للمواقع.