ما هو موقع غزة في سياق الصراع؟

تجد المنطقة نفسها وقد غرقت في أوحال التصعيد، إذ بسجال الهجوم والرد بين تل أبيب وطهران، تبدو الأوضاع مرشحة للإنزلاق نحو مواجهة على النحو الذي ربما يخرجها عن السيطرة، لا سيما إذا ما انخرطت أمريكا في الحرب، ما يجعل كل الاحتمالات قائمة، بما فيها تدحرج المواجهة نحو حرب شاملة.
تحبس المنطقة أنفاسها وهي تتهيأ لأسوأ سيناريو وأخطر تهديد، باحتدام المواجهة بين كيان الاحتلال وإيران، وإن يرى مراقبون أن المواجهة ستظل مضبوطة، طالما التزمت بقواعد الاشتباك العسكري، خصوصاً وأن إيران أبعد من أن تكون مستعدة لحرب طويلة مع إسرائيل وأمريكا.
فإيران تبدو مكشوفة الظهر في ميدان المواجهة، ودون أي حليف استراتيجي أو سند حقيقي، بعد أن خسرت أذرعها وغالبية حلفائها منذ السابع من أكتوبر، فيما أمريكا التي تفاوضها في العاصمة العُمانية مسقط، تبدي دعمها لإسرائيل، واستعدادها للدفاع عنها، وإن بدت مترددة حيال ضربها من قبل إسرائيل في بادىء الأمر.
في الأراضي الفلسطينية، يواصل كيان الاحتلال حربه الدامية على قطاع غزة، بينما أخذ يشدد من قبضته على الضفة الغربية، ومن المستبعد، وفق مراقبين، أن تستمر العملية السياسية لكسر دائرة الصراع، بعد أن تعرض الأمن الإقليمي والدولي لمخاطر جسيمة، قد تفضي تداعياتها إلى حرب شاملة.
وفق الكاتب والباحث السياسي شهاب شهاب، فالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، سيكون كنقطة في بحر الصدام الأعتى بين إسرائيل وإيران، مستبعداً حدوث اختراق بمفاوضات وقف الحرب، موضحاً: «سيكون من الصعب على حركة حماس الانخراط في مسار سياسي لوقف إطلاق النار مع كيان الاحتلال، بينما حليفتها إيران في منعطف المواجهة معه».
ويرجح شهاب أن يستغل الكيان ظروف المواجهة مع إيران لفرض مزيد من الوقائع على الأرض في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء، خصوصاً وأن المواجهة مع إيران تجري بالقوة الجوية، ولا تحتاج لقوات برية كما هو الحال في غزة والضفة، لافتاً إلى أنه حتى تهدأ المواجهة مع طهران، وتعود الأجواء مهيأة للعودة للمفاوضات السياسية، تكون حكومة بنيامين نتنياهو قد أضافت عقدة جديدة إلى ضمانات وقف إطلاق النار، ما يجعل المسلسل التفاوضي الماراثوني قابلا للتمديد لأشهر إضافية. وتبدو المواجهة الإسرائيلية الإيرانية بالغة التأثير على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بحسبانها أرض الحرب الأولى، إذ من شأن هذه المواجهة أن تضعف الاهتمام الإقليمي والدولي بالحرب على غزة، وخصوصاً إذا امتدت المواجهة بين تل أبيب وطهران إلى حرب إقليمية.
فاستناداً إلى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، ففي حال سجلت إسرائيل انتصاراً على إيران، فسوف تمضي بثقة نحو «شرق أوسط جديد» لطالما دعا إليه نتنياهو، وقوامه جعل اليد الإسرائيلية هي العليا في المنطقة والإقليم، ووقتئذ ستقوم بتسريع مخططاتها لحسم الصراع مع الفلسطينيين، بتصفية القضية الفلسطينية، وإقامة إسرائيل الكبرى.
أما في حال انتهت الحرب دون هزيمة ساحقة لأي طرف، فهذا حسب المصري سيحدث توازناً في المنطقة، ويساهم في إسقاط حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، ويعطي زخماً للمفاوضات السياسية.