مواطنون ومقاولون لـ الشرق: اختيار مواد بناء غير مطابقة يسبب خسائر فادحة
حذر عدد من المواطنين والمقاولين من مخاطر استخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات القطرية المعتمدة، في ظل تسارع حركة البناء والتوسع العمراني في الدولة. وأكد المشاركون في استطلاع أجرته «الشرق» أن هذه المواد الرديئة تشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة المنشآت العقارية، وتُعد من الأسباب الرئيسية وراء ما تشهده بعض الأبنية من تشققات وتصدعات مبكرة، ما ينعكس سلبًا على ثقة المستثمرين في القطاع العقاري. وأشاروا إلى أن اختيار مواد البناء يُمثل ركيزة أساسية في إنجاح أي مشروع عمراني، نظرًا لتأثيره المباشر على جودة الإنشاءات وسلامتها على المدى الطويل. وشددوا على ضرورة الالتزام بالمواصفات الفنية الوطنية وتكثيف الرقابة على الأسواق، للحد من تسويق منتجات تفتقر إلى الجودة المطلوبة. ونوه المتحدثون إلى أن التهاون في استخدام المواد المعتمدة والمعايير الفنية الدقيقة لا يضر فقط بالمباني ومستخدميها، بل يهدد مستقبل الاستثمار العقاري برمته. وطالبوا بضرورة اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يثبت تورطه في استخدام أو تسويق مواد بناء غير مطابقة، حفاظًا على استدامة المشاريع العقارية وضمانًا لسلامة الأفراد والمجتمع.
– المقاول حسن بن عسران: نحذر من استخدام مواد رديئة لخفض التكلفة
أكد المقاول حسن بن عسران من شركة «وينستون للتجارة والمقاولات» أن المواد الأساسية المستخدمة في البناء في قطر، مثل الأسمنت والطابوق والخرسانة والحديد، تخضع لرقابة من الجهات الرسمية وتتميز بالجودة والسلامة. لكنه حذر من تجاوزات بعض المقاولين الذين يفتقرون إلى الأمانة والمهنية، ويقنعون ملاك العقارات باستخدام مواد رديئة بذريعة خفض التكلفة. وأوضح أن هذه الممارسات غالبًا ما تصدر عن مقاولين غير مختصين ودخلاء على المهنة، ليست لديهم الخبرة الكافية، ويتفقون مع المالك على سعر معين مقابل وعود بجودة عالية، لكنهم في الواقع يستخدمون مواد مغشوشة أو مقلدة، خصوصًا في ظل غياب المتابعة أو جهل المالك بتفاصيل عملية البناء.
ونبّه بن عسران إلى أن العديد من ملاك العقارات لا يدركون الأسعار الحقيقية لبعض المواد مثل الخرسانة، ما يجعلهم عرضة للتحايل والخسائر المالية، فضلًا عن ظهور عيوب في المباني بعد سنوات قليلة من الإنشاء. ودعا الملاك إلى ضرورة الإشراف المباشر على شراء المواد والتأكد من جودتها ومطابقتها للمواصفات، لا سيما أن معظم هذه المواد تُدفن لاحقًا تحت الأسمنت والتراب ولا يمكن اكتشاف تلاعبات استخدامها بسهولة بعد انتهاء المشروع.
وأضاف أن الإشكال لا يقتصر على المواد الهيكلية كالأسمنت والحديد فحسب، بل يمتد ليشمل المواد الكهربائية والصحية والديكورات الخارجية والداخلية. وأكد على أهمية اختيار المواد التي تتحمل الظروف المناخية القطرية، مثل الحرارة والرطوبة المرتفعة. كما أوصى باستخدام أجود أنواع الحديد، لاسيما الحديد المعزول في بناء المنازل والمجالس، باعتباره أكثر تحملًا. وختم بالتحذير من أن بعض المقاولين لا يلتزمون بالمخططات الهندسية عند تركيب الحديد والخرسانة، ويُجرون تعديلات غير معلنة في غياب صاحب العقار، لتظهر العيوب بعد انتهاء فترة الضمان، مما يحمل المالك خسائر جسيمة لا تُدرك إلا بعد فوات الأوان.
– غانم الكواري: بعض المقاولين يستعينون بعمال غير مؤهلين
ناشد غانم الكواري كل من يخطط للشروع في البناء بضرورة متابعة كافة مراحل المشروع عن كثب، للتأكد من جودة المواد المستخدمة، ورصد أي محاولات للغش أو التلاعب من قبل بعض المقاولين. وأوضح أن بعض هؤلاء المقاولين يعتمدون على عمال غير مؤهلين أو يتم استئجارهم بنظام اليومية، دون امتلاكهم الخبرة الكافية في أعمال البناء، مما ينعكس سلبًا على جودة التنفيذ وسلامة المنشآت.
وأكد الكواري أهمية تحري الدقة عند شراء مواد البناء، محذرًا من الانجراف خلف الإغراءات السعرية التي تقدمها بعض الأسواق. ودعا المواطنين إلى عدم استيراد أو شراء مواد مقلدة أو رخيصة بهدف التوفير، بل التحقق من مدى مطابقتها للمواصفات والمقاييس عبر الجهات المختصة. ولفت إلى أن بعض المقاولين يتعمدون شراء مواد صحية وكهربائية وغيرها من مستلزمات البناء من دول منخفضة التكلفة، رغم أنها لا تمتلك الاعتماد الفني أو الجودة اللازمة، وهو ما يؤدي لاحقًا إلى مشكلات جسيمة مثل التشققات أو الحرائق داخل المباني.
وطالب الكواري بفرض رقابة صارمة على الأسواق المحلية، وتشديد العقوبات على المخالفين، مؤكدًا أن المسؤولية في هذا الجانب لا تقع على جهة واحدة فقط، بل يجب أن تكون جهودًا تكاملية تشمل الجهات الحكومية، والمؤسسات المهنية، والمكاتب الاستشارية، والمقاولين، والموردين، والمصنعين. واعتبر أن الالتزام بجودة المواد ومطابقتها للمواصفات المعتمدة يشكل خط الدفاع الأول في مواجهة عيوب البناء ويضمن سلامة واستدامة المنشآت على المدى الطويل.
– المهندس مجدي يعقوب: زيادة خطر حدوث الأعطال الكهربائية
أكد مهندس الكهرباء مجدي يعقوب أن من أبرز الأسباب المؤدية إلى نشوب الحرائق في المنازل الحديثة هو استخدام مواد كهربائية منخفضة الجودة أو غير معتمدة، مثل الأسلاك غير المعزولة بشكل كافٍ، أو القواطع الكهربائية غير الفعالة، أو المفاتيح الرديئة. وأشار إلى أن هذه النوعيات من المواد تشكل بيئة خصبة لحدوث الأعطال الكهربائية، وترفع بشكل كبير من احتمالية نشوب الحرائق داخل المنشآت السكنية. وأشار يعقوب إلى أن العمالة غير المدربة تُعد من أبرز العوامل التي تؤدي إلى تنفيذ تمديدات كهربائية رديئة، إذ يقوم بعض العمال غير المؤهلين بتركيب التوصيلات بشكل غير دقيق، أو باستخدام وصلات غير مناسبة تؤدي إلى ارتفاع المقاومة الكهربائية أو حدوث تماس مباشر، ما يتسبب في أعطال خطيرة أو حرائق. كما نبه إلى أن بعض هذه العمالة قد تلجأ إلى توصيلات مرتجلة وغير احترافية بهدف توفير الوقت أو تقليل التكاليف، وهو ما يُعد تهديدًا صريحًا لسلامة العقار وساكنيه. ودعا المهندس مجدي يعقوب المقاولين إلى ضرورة الاستعانة بفنيين مختصين في أعمال الكهرباء والسباكة، والابتعاد تمامًا عن العمالة المؤقتة المستأجرة من الخارج، والتي لا تمتلك الكفاءة الفنية اللازمة. كما ناشد أصحاب العقارات بعدم الانجراف نحو استخدام مواد رديئة في البناء، خاصة في ما يتعلق بالتوصيلات الكهربائية، مؤكدًا أن السلامة تبدأ من جودة المواد وحُسن تنفيذها من قِبل خبراء معتمدين.
– صالح اليافعي: المستهلك ركيزة في مكافحة غش مواد البناء
شدد صالح اليافعي على أن المستهلك يُعد ركيزة أساسية في مكافحة الغش التجاري في قطاع مواد البناء، وذلك من خلال حرصه على اختيار المنتجات المطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة في الدولة. وأعرب عن أسفه لانتشار هذه الظاهرة على يد بعض المقاولين غير الأمناء، الذين قد يقنعون أصحاب العقارات باستخدام مواد مقلدة أو منخفضة الجودة، أو حتى التلاعب في نسب خلط الأسمنت، سعياً لتقليل التكاليف على حساب جودة المشروع وسلامته.
وأشار إلى أن هذه الممارسات الخاطئة لا تظهر آثارها فورًا، وإنما تتحول إلى مصدر للندم والحسرة بعد سنوات، عندما تبدأ التشققات والتصدعات بالظهور، رغم حداثة المبنى. كما أوضح أن من أبرز أسباب الأعطال في أنظمة الكهرباء هو استخدام مواد كهربائية غير مطابقة للمواصفات، مثل الأسلاك رديئة العزل، أو القواطع والمفاتيح منخفضة الجودة، مما يزيد من احتمالات الأعطال أو وقوع الحرائق نتيجة القصور الفني في هذه المنتجات.
ودعا اليافعي الجهات المختصة إلى تكثيف الرقابة على الأسواق والمحلات المتخصصة في بيع مواد البناء والأدوات الكهربائية، مشددًا على ضرورة فرض إجراءات صارمة وعقوبات مشددة على الشركات والتجار الذين يستوردون أو يسوقون مواد رديئة أو مقلدة. كما طالب بتشريعات تحمي المستهلك من تبعات هذه الممارسات، وتضمن حقه في الحصول على مواد بناء آمنة وموثوقة تتوافق مع المعايير الوطنية.
– علي عبدالله: الإهمال سبب التصدعات في المباني الحديثة
أوضح علي عبدالله أن من أبرز أسباب التصدعات المبكرة في المباني الحديثة وتآكل الحديد والخرسانة يعود إلى الإهمال من قبل بعض المقاولين والاستشاريين، رغم أن مواد البناء المستخدمة في قطر – من حديد وأسمنت وأعمال خرسانية – تُطبق وفق المواصفات والمقاييس الوطنية، وتُستخدم بشكل قانوني وسليم. لكنه أشار إلى أن بعض المقاولين لا يلتزمون بهذه المعايير، ويلجؤون إلى أساليب الغش لتقليل التكاليف، ما يؤثر سلبًا على جودة البناء وسلامته.
وأكد أن من أخطر مظاهر هذا الإهمال هو استخدام أدوات ومواد كهربائية غير مطابقة للمواصفات، مثل الكابلات والأحمال الكهربائية الرديئة، والتي قد تكون سببًا مباشرًا في نشوب الحرائق. فتمديدات الكهرباء الرديئة – وخاصة الأسلاك التالفة أو غير المعزولة بشكل كافٍ – قد تؤدي إلى التماس كهربائي يتسبب في اشتعال أجزاء من المبنى، وهو ما أثبتته العديد من الحوادث التي وقعت نتيجة خلل في البنية الكهربائية.
ودعا علي عبدالله إلى ضرورة تفعيل دور الاستشاريين والمقاولين في المتابعة الدقيقة والمستمرة لأعمال البناء، وعدم التهاون مع أي مخالفات قد تضر بالمستهلك أو تشكل خطرًا على الأرواح والممتلكات. كما ناشد بسن قوانين صارمة تحمي المستهلكين من ممارسات الغش، وشدد على ضرورة ترسيخ مبادئ الأمانة والمهنية في هذا القطاع الحيوي، من خلال الحرص على استخدام مواد معتمدة وعالية الجودة تضمن سلامة المباني واستدامتها.