خبراء ومحللون : زيارة سمو الأمير إلى موسكو تحمل أبعادا استراتيجية في توقيتها ومضامينها

خبراء ومحللون : زيارة سمو الأمير إلى موسكو تحمل أبعادا استراتيجية في توقيتها ومضامينها

أكد خبراء ومحللون سياسيون أهمية زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى العاصمة الروسية موسكو، في ظل ما يشهده العالم من تحولات جيوسياسية متسارعة، وتوترات إقليمية متفاقمة، على خلفية تصاعد الحرب في قطاع غزة، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال الخبراء والمحللون، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن هذه الزيارة تحمل أبعادا استراتيجية في توقيتها ومضامينها، سواء على مستوى العلاقات الثنائية بين دولة قطر وروسيا الاتحادية، أو في إطار جهود الوساطة القطرية لحلحلة الأزمات وتعزيز الأمن والاستقرار الدوليين.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أحمد غيث الكواري المستشار والخبير في العلاقات الدولية، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى العاصمة الروسية موسكو، تكتسب أهمية استثنائية تتجاوز نظيراتها من الزيارات السابقة، نظرا لما تشهده الساحتان الإقليمية والدولية من تطورات متسارعة.
وقال الدكتور الكواري إن من المتوقع أن تركز المباحثات خلال الزيارة على سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والاستثمار، إلى جانب مناقشة أبرز المستجدات على الساحة الدولية، إلا أن الأهمية الفعلية للزيارة تنبع من الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطاع غزة، والأزمة في سوريا، فضلا عن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأشار إلى أن مواقف دولة قطر وروسيا تتقاطع في عدد من القضايا الجوهرية، ومن أبرزها الرفض المشترك لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه، وهي الخطوة التي تعتبرها موسكو "قنبلة موقوتة" تهدد استقرار المنطقة.
وأكد أن العلاقات القطرية الروسية بنيت على أسس من الثقة والاحترام المتبادل، وهي علاقات متميزة مكنت الجانبين من التعاون في ملفات دبلوماسية حساسة، لا سيما تلك التي تتطلب وساطات سياسية وإنسانية، كتبادل الأسرى والمحتجزين، ووقف إطلاق النار في مناطق النزاع، وهو ما يعكس ثوابت السياسة الخارجية القطرية القائمة على احترام سيادة الدول، والتمسك بميثاق الأمم المتحدة، والالتزام بالقانون الدولي، وتغليب الحلول السلمية لتسوية النزاعات.
من جانبه، أوضح الدكتور الحواس تقية المشرف على وحدة الدراسات الخليجية في مركز الجزيرة للدراسات، أن توقيت زيارة سمو الأمير إلى موسكو بالغ الحساسية، في ظل التصعيد الإسرائيلي في سوريا وغزة، محذرا من أن أي تصعيد إضافي قد يزعزع استقرار المنطقة برمتها.
وتابع أن زيارة سمو الأمير قد تفتح المجال للتوافق بين القيادتين القطرية والروسية بشأن دعم استقرار الدولة السورية الحديثة، عبر منع محاولات زعزعة الاستقرار من قبل بعض الأطراف التابعة للنظام السابق، وهو ما يساعد روسيا على الحفاظ على قواعدها الاستراتيجية، ويدعم جهود قطر في بسط الأمن والاستقرار بالتعاون مع الحكومة السورية الجديدة.
وأشار إلى احتمال تنسيق الجهود بين الدوحة وموسكو من أجل إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنع تنفيذ مشاريع التهجير القسري، مؤكدا أهمية الدور الروسي في هذا السياق، بما ينسجم مع المساعي القطرية لحماية المدنيين وتعزيز فرص السلام والاستقرار في المنطقة.
إلى ذلك، أبرز الدكتور لقاء مكي الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، أن زيارة سمو الأمير إلى موسكو تكتسب أهمية خاصة في ظل التحديات السياسية العالمية، مشيرا إلى أن روسيا تعد من أكبر منتجي الغاز عالميا، إلى جانب قطر وإيران، ما يجعل التنسيق الثلاثي بين هذه الدول ضرورة اقتصادية واستراتيجية.
وبين الدكتور مكي أن جانبا كبيرا من العلاقات القطرية الروسية يتركز على قضايا الطاقة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أهمية قطر كوسيط دولي أثبت فعاليته في ملفات عدة، منها أفغانستان، والقرن الإفريقي، وغيرها.
وأكد أنه يمكن لقطر أن تلعب دورا فاعلا في جهود التهدئة بين روسيا وأوكرانيا، فضلا عن سعيها المستمر لإنهاء الحرب في غزة، منوها إلى امتلاك موسكو تأثيرا على أطراف عدة في المنطقة، بما في ذلك إيران، وهو ما يجعل من الزيارة فرصة لتبادل الرؤى بشأن التصعيد الإسرائيلي في غزة.
أما الدكتور فؤاد القيسي المحاضر في معهد الدوحة للدراسات العليا، فقد اعتبر أن زيارة سمو الأمير إلى موسكو تكتسب أهمية استراتيجية بالغة في هذا التوقيت، نظرا للأوضاع السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية الراهنة.
وأضاف أن الزيارة تعكس حرص البلدين على تعزيز علاقاتهما الثنائية، في ضوء الزخم المتواصل الذي شهدته هذه العلاقات خلال العام الجاري، حيث استقبلت الدوحة وزير الخارجية الروسي في فبراير، تلتها زيارة النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي في مارس الماضي، في مؤشر واضح على تطلع الجانبين لتوسيع التعاون، خاصة في مجالي الطاقة والدبلوماسية، مشددا على أن زيارة سمو الأمير إلى موسكو تندرج أيضا ضمن الدور المحوري الذي تضطلع به دولة قطر في الوساطة الدولية، وجهودها الرامية إلى إرساء السلام.