المركز القطري للصحافة منبر للمهنيين.. وداعم للصحفيين الشباب ومناصر لقضايا المهنة

في ظل التحولات السريعة التي يشهدها الإعلام عالميا، ومساعي دولة قطر لتطوير بنيتها الإعلامية بما يتماشى مع رؤيتها الوطنية 2030، تبرز جهود المركز القطري للصحافة كأحد أبرز المعالم المؤسسية الراسخة في خدمة الصحافة والصحفيين.
ويعد المركز القطري للصحافة واحدا من هذه المؤسسات الصحفية الرائدة في خدمة القطاع الصحفي بدولة قطر، ويرتبط بعلاقات متميزة مع العديد من المؤسسات والاتحادات الصحفية على المستوى الإقليمي والدولي، ويحظى المركز القطري للصحافة، بدعم المؤسسين للمركز من رواد العمل الصحفي والإعلامي بدولة قطر، كي يؤدي رسالته بالكفاءة والمهنية المطلوبة، ويواصل مسيرته وتطوير التجربة الصحفية بالبلاد، فضلا عن تقديم الخدمات للمهن الصحفية والإعلامية المختلفة.
وعن نشأة المركزي، يشير السيد صادق محمد العماري مدير عام المركز في حوار مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، إلى أن المركز القطري للصحافة تأسس في ديسمبر 2017 كمؤسسة خاصة ذات نفع عام بموجب القانون رقم 21 لسنة 2006.، الهدف منه كان منذ البداية أن يكون مظلة جامعة للصحفيين داخل دولة قطر، وأن يقدم لهم ما يثري تجربتهم المهنية من خلال الدورات المتخصصة والندوات والمحاضرات المفتوحة، سواء حول قضايا صحفية أو عامة تهم المجتمع ككل، ويعمل المركز على تطوير الثقافة الصحفية وتعزيز دور الإعلام في البناء الوطني.
وانتقل العماري بالحديث إلى أقسام المركز وأنشطة المركز التدريبية، وقال: يضم المركز أقساما متعددة، تشمل قسم الدورات التدريبية، قسم التواصل مع النقابات، قسم البحوث والكتب، قسم العضوية، وقسم الفعاليات. وننظم بشكل مستمر دورات في مجالات مهمة، مثل التحليل السياسي، التقديم الإخباري، إدارة المؤسسات الإعلامية، عمل المراسل التلفزيوني، وصحافة الموبايل. فقط خلال شهر رمضان الماضي، نظمنا عدة دورات تفاعلية لاقت استحسانا كبيرا من المشاركين.
وحرص المركز عند التأسيس على تسمية قاعات المركز بأسماء أعلام الصحافة القطرية، وفي هذا يقول العماري: كنوع من التكريم والوفاء لرواد المهنة في قطر، أطلقنا أسماءهم على القاعات التدريبية في المركز. لدينا قاعة "عبدالله بن حسين النعمة" مؤسس أول صحيفة يومية، "ناصر بن محمد العثمان" عميد الصحافة القطرية، "عبدالرحمن المعضادي" مدير إذاعة قطر الأسبق، و"الدكتور ربيعة الكواري" عضو مجلس المركز السابق وأستاذ الإعلام. وهذه القاعات مجهزة بالكامل بأحدث تقنيات التدريب، ونحن لا نحتاج للاستعانة بأي مواقع خارجية لتنظيم فعالياتنا.
ويستعرض العماري أعضاء مجلس إدارة المركز ومهامهم، ويقول: يضم مجلس إدارة المركز نخبة من رموز الصحافة القطرية، برئاسة الأستاذ سعد الرميحي، ونائب الرئيس الأستاذ عبدالله السليطي، بالإضافة إلى الأساتذة جابر الحرمي، محمد حجي، خالد آل شافي، عبدالله المري، وعبدالرحمن القحطاني. ويضع المجلس السياسات العامة، ويرسم خطط العمل، ويواكب التطورات العالمية في المهنة.
وينتقل العماري بالحديث إلى كيفية حصول الصحفيين على عضوية المركز، ويقول: لدينا قسم مخصص لشؤون العضوية، وقد سجل حتى الآن 300 صحفي من مختلف المؤسسات الإعلامية في الدولة. العضوية تمنح بطاقة تعريفية تسهل من مهام الصحفي، إلى جانب مزايا في المجمعات التجارية والمستشفيات والخدمات المختلفة. خاطبنا كافة المؤسسات الإعلامية لتعميم الاستفادة من هذه العضوية.
وعن دور المركز في دعم الصحفيين الشباب والناشطين على منصات التواصل، يقول العماري: نؤمن بأهمية دمج الشباب في المسيرة الإعلامية، لذلك ندعم الصحفيين الجدد، ونوفر لهم التدريب اللازم ليكونوا مؤهلين لسوق العمل، كذلك نولي اهتماما خاصا بأصحاب المحتوى الهادف على منصات التواصل الاجتماعي، ونعمل على تأهيلهم بمفاهيم الصحفي الشامل. فاليوم لم يعد العمل الصحفي مقتصرا على المؤسسات فقط، بل أصبح بإمكان الفرد أن يكون مؤثرا إعلاميا إذا امتلك الأدوات والوعي المهني.
وحول جدوى مذكرة التفاهم التي وقعها المركز مؤخرا مع المؤسسة القطرية للإعلام، يقول العماري: تأتي هذه المذكرة في سياق دعم العلاقات المؤسسية داخل القطاع الإعلامي في الدولة، وتهدف لإقامة دورات تدريبية وندوات مهنية تسهم في صقل مهارات العاملين في الحقل الإعلامي، كما تشمل المذكرة تعاونا مع القنوات الإذاعية والتلفزيونية لإنتاج أفلام وبرامج وثائقية توثق مسيرة الصحافة القطرية، إضافة إلى شراكات مع معهد الجزيرة للإعلام وأكاديمية جوعان للدراسات الدفاعية.
وأشار العماري إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه المركز لدعم قضايا الصحفيين إقليميا ودوليا، ويقول: كان المركز ومازال من أوائل الجهات التي أدانت الاعتداءات الإسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين منذ اندلاع العدوان في 7 أكتوبر 2023. وثقنا مقتل 214 صحفيا فلسطينيا، واستضفنا عددا منهم، وتواصلنا مع صحفيين داخل غزة. كما وجهنا خطابات رسمية إلى منظمات دولية مثل "مراسلون بلا حدود"، "الاتحاد الدولي للصحفيين"، و"هيومن رايتس ووتش" للمطالبة بحماية الصحفيين ومحاسبة المعتدين. كما أعلنا تضامننا مع الصحفيين السودانيين، واليمنيين، والسوريين الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة.
ومع التقدم السريع للتكنولوجيا والأساليب الجديدة المتبعة حاليا في كافة أوجه الصحافة والإعلام، خاصة ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، يقول العماري: لا شك أن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعا لا يمكن تجاهله، لكننا نرى أنه لا يستطيع أن يحل محل العقل البشري، لا في صياغة الخبر ولا في تحليله أو قراءته. الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مساعدا فقط، لكن يبقى العنصر البشري هو الضامن للمهنية والدقة والتحرير السليم. لذلك نؤمن أن الاعتماد على الآلة بشكل كامل سيكون قاصرا، ولا بد من مزيج بين التقنية والخبرة الإنسانية.
وعن مستقبل المؤسسات الصحفية في ظل الضغوطات والصعوبات المالية المتزايدة، يرى العماري أن التحديات المالية من أبرز ما يواجه الإعلام اليوم، خاصة بعد ضربات السوق الإعلاني منذ 2014، والتي تفاقمت خلال جائحة كورونا. فالمعلنون اتجهوا للمنصات الرقمية والمؤثرين، وأصبحت الوسائل التقليدية في مأزق. وهناك تحسن نسبي بعد الجائحة، لكنه ليس كافيا. والمؤسسات الصحفية تحتاج إلى موارد جديدة للبقاء، وإلا فإننا قد نشهد إغلاق بعض الكيانات الإعلامية الكبرى في السنوات القادمة.
وحول العلاقات الخارجية للمركز، قال "لدينا علاقات تعاون مع العديد من النقابات العربية، من بينها نقابات الصحفيين في مصر ولبنان وسوريا وفلسطين. ونحن أعضاء في اتحاد الصحفيين العرب، واتحاد الصحافة الخليجية، ونسعى للانضمام إلى الاتحاد الدولي للصحفيين قريبا. هدفنا هو تعزيز التواصل بين الصحفيين عالميا، وتبادل الخبرات وتوسيع شبكة العمل المشترك".
ويساهم المركز في الارتقاء بالأداء الصحفي محليا، وفي هذا يقول العماري: نركز على تأهيل الكوادر الصحفية بأحدث ما وصلت إليه المهنة عالميا، سواء من خلال الدورات أو توفير المراجع والدراسات. كما نسعى لرفع الكفاءات المؤسسية وربط الصحفيين داخل قطر بنظرائهم في الخارج. نؤمن أن الارتقاء بالصحافة يبدأ من الفرد، وينعكس على الأداء المؤسسي، ومن هنا فإننا نعمل بشكل متواز على الجانبين.
وفي نهاية حديثه، وجه العماري رسالة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية في قطر، وقال: باب المركز القطري للصحافة مفتوح أمام كل الكفاءات الوطنية والمقيمين ممن لديهم الشغف الحقيقي بالعمل الإعلامي. ونؤمن أن مستقبل الإعلام في قطر واعد، شرط أن نحافظ على المهنية، ونتسلح بالمعرفة، ونتفاعل مع المستجدات دون أن نفرط في القيم الأساسية للصحافة.