غزة.. هل ما زال وقف الحرب ممكناً؟

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر
تمضي الأيام والشهور قاسية وثقيلة على غزة، وتتعاقب الحروب على أهلها بوتيرة متصاعدة، بعضهم لم يشهدوا سوى الحرب الأولى، فسلّموا الراية، ومن نجا من الحرب الأولى لم ينج من الثانية، ومن نجا من الثانية ورث إصابة أو إعاقة ولابد أنه سيمر بها على الثالثة، ومن عاش "أم الحروب" الهستيرية المستعرة حالياً ونجا حتى الآن "بأعجوبة" سيكون بانتظار الآتي الأصعب، في خضم جدلية الموت والحياة التي يعيشها الغزيون، وما يتخللها من دماء وأشلاء، وهمّ "سبعيني" هو عمر كيان الاحتلال، وانتظار طال أمداً بعيداً لحياة هادئة، بعيداً عن الحروب وصخبها ونيرانها.
وعلى وهج الحرب المتوحشة في قطاع غزة، يبدو الشارع الفلسطيني مشدوداً نحو حل سياسي، لكن بمفهومه ليس له سوى تفسير واحد، وقف حرب الإبادة، والأمور الأخرى تأتي لاحقاً.
في قطاع غزة المتعب والمحاصر، يقف النازحون على قدم ونصف، ينتظرون دورهم في طابور المحرقة، أو من ينتشلهم، أطفال في عمر الأزهار ما عرفوا لهو الصغار، ولا أغراهم اللعب في الخيام المتهالكة، فراحوا يواجهون حمم الموت وما لديهم أي وسيلة للاحتماء من جحيمها.
تتردد على ألسنة الغزيين عبارة "وقف الحرب" مع كل مجزرة مروعة، لكن الواقع على الأرض يشي بعكس ذلك، إذ مع ارتفاع مؤشر عداد الشهداء والجرحى والمفقودين، والمجازر الوحشية الممتدة من رفح إلى خانيونس والشجاعية وجباليا، وسائر أرجاء القطاع الذي قطّعه جحيم الحرب، بات وقف النار أمراً ثانوياً، وحل مكانه الحديث عن قادم أسوأ.
سؤال مشروع أطلقه المواطن الغزي خليل النشاشيبي: "إلى متى سنبقى ضحايا لمشروع الإبادة"؟.. ويضيف: "نزفنا دماء أكثر مما يجب، فماذا ينتظر العالم؟.. كل شيء أصبحنا نقول عنه (كان).. الأطفال راحوا.. والكبار رحلوا، ولم يبق منازل ولا مدارس ولا مساجد ولا مستشفيات، لم يبق شيء في غزة إلا الركام والدمار".
في الأوساط السياسية، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمـد دراغمة، أنه في ظل المقاربات الإسرائيلية والإقليمية والدولية القائمة، فمن شبه المستحيل وقف حرب الإبادة على قطاع غزة، لكن يبدو ممكناً تفكيك الحرب، من خلال تفكيك ملفاتها.
يبين دراغمة أنه سيكون من الصعب على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مواصلة الحرب بالطريقة ذاتها فيما لو تم التوصل إلى حل بملف الأسرى أولاً، على أن تنتقل الأطراف المعنية والراعية للتهدئة إلى ملفات أخرى مثل مستقبل قطاع غزة، وسلاح المقاومة، وانسحاب جيش الاحتلال، ووقف الحرب بشكل نهائي، والقضايا ذات العلاقة.
ويواصل: "قد يقول مواكبون ومهتمون إن ورقة الأسرى الإسرائيليين هي الرابحة في يد حركة حماس، والوحيدة الضاغطة لوقف الحرب وإجبار جيش الاحتلال على الانسحاب من قطاع غزة، لكن عودة الحرب بهذه الوحشية أثبتت عكس ذلك، فهذه الورقة يستخدمها نتنياهو لتحقيق أهدافه الخاصة، وفي مقدمتها استمرار الحرب بهدف البقاء السياسي.
وما يهم أهل غزة في هذه المرحلة الحرجة، هو الولوج إلى جوهر القضية، من خلال حل سياسي، ناظمه وقف شلال الدم وإخماد نار الحرب، كجزء من استراتيجية عربية دولية، تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كي تنتهي معه الحروب.