السفير الهولندي لـ الشرق: تعاون مثمر مع قطر وشراكة إستراتيجية

■ منصات جديدة وفرص متزايدة للتعاون التجاري
■ هولندا ملتزمة بدعم رؤية قطر الوطنية 2030
■ هولندا وجهة جذابة للاستثمارات القطرية
■ 7.4 مليار يورو حجم الاستثمارات القطرية في هولندا
■ قطر مورد موثوق للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا
■ اهتمام مشترك بتحقيق السلام والأمن الإقليمي
■ الوضع في غزة مأساوي ومفجع ويتجاوز الوصف
■ نثمن الجهود القطرية لوقف إطلاق النار في غزة
أكد سعادة السيد فرديناند لانشتاين سفير مملكة هولندا لدى الدولة أن العلاقات بين هولندا وقطر تمر بأفضل مراحلها، مشيرًا إلى أنها قائمة على الاحترام المتبادل، والقيم المشتركة، والتعاون المثمر على الصعيدين السياسي والاقتصادي. موضحا أن هولندا تواصل دعمها لرؤية قطر الوطنية 2030، وتتطلع إلى توسيع التعاون في مجالات جديدة بما يعزز من متانة الشراكة ويخدم الأهداف الاستراتيجية للبلدين.
ولفت سعادته في حوار للشرق بمناسبة اليوم الوطني لمملكة هولندا (عيد ميلاد الملك) إلى أن الشراكة بين البلدين تشمل مجالات متعددة من بينها الطاقة، والابتكار، والتعليم، والصحة، مع التزام مشترك بدعم الأمن والسلام الإقليميين.
وأبرز سفير مملكة هولندا خلال الحوار المحطات الرئيسية في مسار التعاون الثنائي، متناولًا الإنجازات الدبلوماسية والاقتصادية الأخيرة، كما تطرق إلى دور قطر وهولندا في القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها السلام في غزة، ودعم أوكرانيا، إضافة إلى أهمية التبادل الثقافي والمعرفي في تعميق العلاقات الثنائية. وإليكم تفاصيل الحوار..
– كيف تجدون مستوى العلاقات الثنائية بين هولندا وقطر، وماهي أهم المجالات الرئيسية للتعاون؟
تشهد العلاقات الثنائية بين هولندا وقطر أفضل حالاتها على الإطلاق، حيث تقوم على الاحترام المتبادل والقيم المشتركة والالتزام المشترك بالتعاون العالمي. هذه الشراكة ديناميكية ومتعددة الأبعاد، وتشمل التعاون في مجالات السلام والأمن الدوليين، وحل النزاعات، والمساعدات الإنسانية، والطاقة، والابتكار، والعمل المناخي، والصحة، والتعليم.
لقد أسهم الحوار الاستراتيجي وتبادل الزيارات رفيعة المستوى بانتظام في ترسيخ هذا التعاون، مما أوجد منصات جديدة وفرصًا متزايدة للتعاون على المستويين الحكومي والتجاري.
وتظل هولندا ملتزمة تمامًا بدعم رؤية قطر الوطنية 2030، وتعتبر قطر شريكًا في تطوير حلول ذكية ومستدامة ورقمية للتحديات العالمية. كما أن المستثمرين القطريين يعتبرون هولندا وجهة جذابة منذ زمن طويل، حيث بلغت الاستثمارات القطرية الإجمالية حوالي 7.4 مليار يورو، تشمل أصولًا في قطاعات الضيافة والمصارف والشحن الجوي.
وفي المقابل، لعبت الشركات الهولندية دورًا مهمًا في تطوير البنية التحتية في قطر. فقد ساهم المهندسون المعماريون الهولنديون، ومن ضمنهم المكتب الشهير OMA، في تصميم مطار حمد الدولي، والمكتبة الوطنية، ومحطات مترو الدوحة. كما ترك المصمم الهولندي مارسيل واندرز بصمته من خلال تصميم فندق موندريان الأيقوني. وتتنوع مجالات عمل الشركات الهولندية في قطر، مما يعكس عمق الخبرة الهولندية ومرونتها، وقوة الروابط الاقتصادية والسياسية طويلة الأمد.
• التحديات الإقليمية والعالمية
– كيف يمكن أن يتعاون البلدان لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة؟
يقدم البلدان نقاط قوة متكاملة: تلعب قطر دورًا مهمًا في الوساطة، بينما تدافع هولندا عن القانون الدولي ومؤسساته. هذا التكامل يساهم في دعم جهود السلام والاستقرار. نحن متفقون على دعم حلول النزاعات، وتسهيل الوصول للمساعدات الإنسانية، وتعزيز الحوار البنّاء في الشرق الأوسط وخارجه.
– ما هو موقفكم من الحرب في غزة من الناحيتين السياسية والإنسانية؟
الوضع في غزة مأساوي ومفجع ويتجاوز الوصف، ويؤكد على مسؤوليتنا الجماعية. من الضروري الالتزام بالقانون الإنساني الدولي ووقف قتل المدنيين الأبرياء وتدمير سبل عيشهم. تدعم هولندا حل الدولتين، بناءً على حدود 1967، مع دولة فلسطينية تشمل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. كما تعتبر الحكومة الهولندية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعية وتُعد عائقًا أمام حل مستدام.
• جهود مقدرة
– كيف تُقيّمون جهود قطر في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة؟
لقد لعبت قطر دورًا بالغ الأهمية، حيث بذلت جهودًا كبيرة للتوسط في اتفاقات وقف إطلاق النار، وتسهيل إطلاق سراح الرهائن والأسرى، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. كان هذا الدور شجاعًا وبنّاءً، ولا يخلو من التحديات، وتثمّن هولندا الجهود القطرية وتُشيد بها.
– كيف تجدون الجهود القطرية لحل الأزمة بين أوكرانيا وروسيا؟
ساهمت قطر بشكل مشرف، سواء من خلال تقديم المساعدات الإنسانية لأوكرانيا أو جهودها في التوسط لإعادة الأطفال الأوكرانيين من روسيا. وتتماشى هذه الجهود مع موقف هولندا في الدفاع عن سيادة أوكرانيا والنظام الدولي القائم على القواعد. ستواصل هولندا دعم أمن أوكرانيا وحريتها وبقائها.
• مشاريع مشتركة
– ما هي أبرز المشاريع والإنجازات التي نتجت عن الزيارة الأخيرة لحضرة صاحب السمو إلى هولندا؟
كانت الزيارة الرسمية التي قام بها سمو الأمير إلى هولندا في يونيو 2024 محطة فارقة في العلاقات الثنائية، حيث كانت أول زيارة من نوعها لقائد دولة من منطقة الخليج إلى هولندا، وأسفرت عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون الاقتصادي والدفاعي والابتكار. كما تم توقيع خطاب نوايا بشأن التسوية السلمية للنزاعات، وهو مجال تُقدّر فيه هولندا الدور القطري بشكل كبير.
وقد عززت الاجتماعات رفيعة المستوى مع جلالة الملك فيليم ألكسندر، وجلالة الملكة ماكسيما، ورئيس الوزراء الهولندي، الروابط السياسية العميقة، فيما حددت الوفود الاقتصادية المرافقة مجالات جديدة للشراكة، خصوصًا في مجالات الطاقة المستدامة، وحلول المناخ، وتبادل المعرفة.
– ما هي أبرز المشاريع المشتركة بين البلدين، خصوصًا في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم؟
تظل الطاقة حجر الأساس في العلاقة بين البلدين؛ إذ تُعد قطر موردًا موثوقًا للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، بينما تسهم هولندا بخبرتها في التحول نحو الطاقة المستدامة. ولا تزال الشراكة بين «شل» و»قطر للطاقة» تتعزز من خلال اتفاقيات طويلة الأجل، من بينها توقيع اتفاقيتين في عام 2023 لتوريد 3.5 مليون طن سنويًا من الغاز المسال إلى محطة «غيت» في روتردام لمدة 27 عامًا.
أما في مجالات التكنولوجيا والابتكار، فهي تشهد ازدهارًا، ويتجلى ذلك في الجناح الهولندي في قمة الويب 2025 في الدوحة، الذي ضم 22 شركة تكنولوجية هولندية. وتُعد هولندا أحد المراكز الكبرى في الاقتصاد الرقمي العالمي.
في قطاع الرعاية الصحية، تلعب الشركات الهولندية دورًا متزايدًا في دعم نظام الرعاية الصحية القطري، كما أن التعاون الأكاديمي والبحثي، خصوصًا من خلال مؤسسات مثل «منتزه قطر للعلوم والتكنولوجيا»، يُسهم في دعم تحول قطر إلى اقتصاد قائم على المعرفة.
– ما هي القطاعات الناشئة التي يمكن للبلدين توسيع شراكتهما فيها؟
تشمل القطاعات الواعدة المستقبلية الاقتصاد الدائري، وتخطيط المدن المستدام، وبنية تحتية خاصة بالدراجات الهوائية. وتتماشى ريادة هولندا في هذه المجالات مع طموحات قطر في الاستدامة وتطوير المدن. كما نهدف إلى توسيع التعاون في الاقتصاد الرقمي، ليس فقط في مجالات التجارة والاستثمار، بل أيضًا في الابتكار والأمن السيبراني والبحث والتطوير. وعلى الصعيد السياسي، نترقب مزيدًا من التعاون في مجالات حل النزاعات والسلام والأمن الإقليمي.
• المبادرات الاقتصادية والتجارية
– ما هي الفرص المتاحة للتعاون في التجارة والاستثمار بين البلدين في المستقبل؟
بالإضافة إلى تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية، يحمل المستقبل إمكانات كبيرة للاستثمار في التكنولوجيا النظيفة، والزراعة الذكية، وعلوم الحياة، والخدمات اللوجستية للموانئ، والخدمات الرقمية. وتُعد هولندا بوابة لأوروبا من خلال ميناء روتردام، كما تُعد قطر مركزًا رئيسيًا في الخليج، مما يتيح للبلدين فرصة مميزة للاستثمار المشترك في مشاريع تتماشى مع أهدافهما الاستراتيجية المشتركة.
• دعم الشركات الهولندية
– كيف تدعم السفارة الهولندية الشركات والمستثمرين الهولنديين في قطر، وما هي الفرص المتاحة لمزيد من التعاون التجاري؟
تلعب السفارة الهولندية في الدوحة دورًا نشطًا في دعم الشركات الهولندية من خلال تقديم المشورة الاستراتيجية، والإرشاد التنظيمي، وتوفير منصات للتواصل مثل مجلس الأعمال الهولندي في قطر. كما تسهّل السفارة عمليات التعارف وتروّج للفرص في القطاعات ذات الأولوية مثل الطاقة النظيفة والابتكار، وتحرص على تمكين كل من الشركات متعددة الجنسيات والشركات الصغيرة والمتوسطة من الازدهار في الاقتصاد القطري المتطور. ومع استمرار التنمية في قطر، تتوسع الفرص في مجالات البنية التحتية، والرقمنة، والخدمات الصحية.
– ما هي الالتزامات لتعزيز العلاقات الثنائية؟
تلتزم هولندا بدعم طموحات رؤية قطر الوطنية 2030 والاستراتيجية الوطنية الثالثة. تشمل أهدافنا المشتركة تعميق التعاون في مجالات الاستدامة والابتكار والتعليم والتحول الرقمي. كما نهدف إلى تعزيز الشراكات المؤسسية التي تدعم تبادل المعرفة وبناء القدرات على المدى الطويل.
وبالمثل، فإن اهتمامنا المشترك بتحقيق السلام والأمن الإقليمي يعد أولوية. وفي ظل بيئة جيوسياسية معقدة، يدرك الطرفان أهمية الحوار البنّاء والدبلوماسية الوقائية والعمل التعاوني.
ونولي اهتمامًا كبيرًا أيضًا بالعلاقات بين الشعوب، حيث تُعد التبادلات الثقافية والأكاديمية والمهنية أداة فعالة لبناء الفهم المتبادل وتنمية رأس المال البشري الداعم لشراكة قوية وموجهة نحو المستقبل.
• التبادل الثقافي والأكاديمي
– ما هو دور التبادل الثقافي والأكاديمي في تعزيز العلاقات بين البلدين، وهل هناك خطط لتوسيع هذه المبادرات؟
تلعب الدبلوماسية الثقافية دورًا مهمًا في العلاقات الثنائية. تسهم مشاركة هولندا في الفعاليات الثقافية في قطر مثل مهرجانات الجاز والأفلام والمعارض المشتركة مع مصممين وفنانين مشهورين في تعزيز التفاهم المتبادل والعلاقات بين الشعوب.
نتعاون مع مؤسسات مثل كتارا ومؤسسة قطر. كما أن التبادلات الأكاديمية، بما في ذلك المنح الدراسية وزيارات التبادل الطلابي إلى هولندا والمشاريع البحثية المشتركة، تُسهم في بناء جسور بين بلدينا.