وزير الدولة بوزارة الخارجية: دولة قطر تعتبر الوساطة العمود الفقري لسياستها الخارجية

أكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية، أن دولة قطر تعتبر أن الوساطة هي العمود الفقري لسياستها الخارجية بعد حصيلة مشاركات عديدة بالقضايا والنزاعات لا سيما في الشرق الأوسط، وانتقلت إلى أماكن أبعد في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا من خلال الأزمة الروسية – الأوكرانية، وكذلك آسيا.
وأوضح سعادته، خلال حوار أجراه خلال أعمال اليوم الثاني من منتدى الأمن العالمي 2025 الذي يعقد في الدوحة بنسخته السابعة تحت شعار "تأثير الجهات الفاعلة غير الحكومية على الأمن العالمي"، أن الوساطة القطرية شملت العديد من الدول التي وثقت بأدوات الدولة للمساعدة بحل نزاعاتهم وجمع الأطراف المتنازعة على طاولة واحدة للتوصل إلى الحلول السلمية من خلال الحوار، منوها إلى انتشار العدوى الإيجابية بين الدول لتقديم الوساطة التي باتت تكثف أنشطتها خلال العام والنصف الماضيين، وهو مؤشر إيجابي بأن نرى حالة التنافس بدول المنطقة العربية من أجل تقديم التعاون بالوساطة لحل النزاعات.
وعن وساطة دولة قطر بعدد من البلدان البعيدة، أكد سعادته أن ثقافة دولة قطر تقوم على مد المساعدة للأصدقاء الذي يعربون عن رغبتهم في الوساطة القطرية لحل الخلافات والنزاعات، مشيرا إلى ما تحظى به غزة من اهتمام كبير من دولة قطر التي انخرطت بأزمتها منذ يومها الأول، ومساهمة الدوحة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية /حماس/.
وأضاف إلى أن هذا الملف حظي بالأمل تارة وبخيبة الأمل تارة أخرى بسبب التغيرات والتقلبات المستمرة التي طرأت عليه، منوها بإجراء العديد من الجولات التفاوضية التي حصلت في الدوحة والقاهرة، ما يتطلب ضرورة التعامل الإيجابي مع هذا الملف والابتعاد عن التشاؤم ومواصلة الالتزام بحله وإنهاء الحرب.
وبخصوص ملف المفاوضات الأمريكية والإيرانية، أوضح سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية هي دولة جارة ويتم التعامل معها منذ عدة سنوات في كنف الاحترام والشفافية، لافتا إلى أن دولة قطر راعية دائما للحوار كأداة لحل النزاعات بالطرق السلمية، ومثمنا جهود سلطة عمان بإطلاق هذا المسار بين واشنطن وطهران، وهو الطريق الأفضل لجلب السلام للمنطقة.
كما اعتبر سعادته النقاشات الجارية في سلطنة عمان مهمة، وتعبر عن مباعث القلق بالنسبة لدول المنطقة كافة، حيث هناك ضرورة لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، موضحا حرص قطر على أن تكون العلاقات جيدة مع جيرانها، وكل شيء إيجابي وعلى ما يرام، وهي لن تترد في تقديم المساعدات للأطراف والوسطاء.
وفيما يتعلق بالملف السوري، قال سعادة وزير الدولة بوزارة الخارجية "إن دولة قطر تؤمن بالقضية السورية منذ أكثر من أربع عشرة سنة ولم تغير موقفها وسياساتها تجاه هذه القضية، وكانت مصرة على تقديم موقفها المساند للشعب السوري ضد النظام السابق"، مؤكدا أن هناك مستقبلا مشرقا للشعب السوري وأن الحكومة الانتقالية على اتصال متواصل مع قطر، وهناك سعي مستمر للمضي قدما نحو مسار تنمية شاملة.
كما أبرز سعادته انخراط قطر في العديد من المشاريع الداعمة لسوريا لاسيما إطلاق مبادرة تهدف إلى توفير الكهرباء للبلاد عبر الأردن، ودعمها لإعلان المملكة العربية السعودية تسوية الديون السورية لتمكين البنك الدولي من مساعدتها لإقامة المشاريع، مؤكدا أن الدوحة لن تألو جهدا للوقوف مع الشعب السوري الشقيق.
وعلى صعيد الجانب اليمني، قال سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، خلال منتدى الأمن العالمي، "إن الحالة العامة التي تسود هذا الملف معقدة جدا، ونحن نشجع على الحوار والنقاش المباشر بين جميع الأطراف بهدف الوصول إلى حل سلمي تحت رعاية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لوضع الإطار المناسب من أجل رفع المعاناة عن الشعب اليمني"، معتبرا أن التصعيدات الأخيرة التي شهدها المشهد اليمني ستزيد من حدة الأوضاع في المنطقة وعمليات البحث عن التفاهم لا تزال مستمرة.
وفي سياق حديثه عن الملف اللبناني، اعتبر سعادته أن هناك بداية جيدة شهدها هذا الملف تتمثل بانتخاب الرئيس اللبناني وتعيين حكومة مستقرة ودائمة، وهذا ما تم فقدانه منذ سنوات طويلة وما أدى لفراغ سياسي لمدة أشهر طويلة، منوها إلى أن الأمور اليوم تسير بالاتجاه الصحيح، ومشيدا بالخطوات الإيجابية التي طرأت على الملف اللبناني، وهي أمور مشجعة للشعب اللبناني، ومن بينها قرار برلماني يقضي باتخاذ تشريعات جدية بالقطاع البنكي، وذلك سيفضي إلى نتائج إيجابية.
كما دعا سعادته إسرائيل إلى التوقف عن هجماتها في الجنوب اللبناني، لافتا إلى مواصلة قطر دعوتها لتطبيق هذه المسؤوليات لتمكين الحكومة اللبنانية للقيام بعملها.
وشدد وزير الدولة بوزارة الخارجية أيضا على ضرورة التركيز على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة اللبنانية وإسرائيل، مؤكدا أن قطر تساند لبنان بإعادة أمنها والتركيز على الوضع الاقتصادي، وكل هذه الأمور تتطلب التزاما من الدول المجاورة والأطراف الحزبية الداخلية في المشهد السياسي، كما ستواصل دعمها للقوات المسلحة اللبنانية، وتعزيز المساعدات العسكرية، وأن ينعم لبنان بالاستقرار بتعزيز أمنه وبنيته.
وعن العلاقات القطرية – الأمريكية، بين سعادته أنها لم تشهد أي تغيير على مستوى المؤسسات فهي ثابتة، حيث تم التعامل مع العديد من الإدارات المتعاقبة سواء أكانت جمهورية أو ديمقراطية بشكل ثابت، مبرزا أنه لدى دولة قطر التزام إيجابي مع فخامة السيد دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم العمل مع السيد ستيفن ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي بالعديد من القضايا وخاصة القضايا المتعلقة بقطاع غزة، وذلك من منطلق التزام إيجابي وتعاون جيد مع إدارة ترامب، موضحا أن قطر تتعامل مع مؤسسات أمريكية مختلفة، وتمتلك خبرة ومرونة كبيرتين في التعامل مع شركائها بكل أمانة.
من جانب آخر، أكد سعادته أن دولة قطر تربطها علاقات مميزة داخل دول مجلس التعاون الخليجي، وهناك تطور مذهل شهدته المرحلة الماضية، مؤكدا التزام قطر بالعمل في هذه المنظمة بالعديد من القضايا والمسائل، خاصة في ظل أهمية العلاقات الثنائية وتميزها.
وفي سياق آخر، شدد سعادته على أهمية ترسيخ مفهوم الحوار الداعم لمصلحة الشعب الأفغاني، وتقديم المبادرات الإيجابية، مبينا أن قطر قدمت العديد من المبادرات المعنية بالتربية والتعليم.
ودعا سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية، في ختام حواره الذي أجراه خلال أعمال منتدى الأمن العالمي 2025، المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات جديدة لإيجاد الآليات المناسبة لحل هذه النزاعات، والسير قدما نحو الحلول السلمية، لطالما ليس هنالك أي خيارات أخرى.