اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تنظم ندوة حول تدابير الحماية وآفاق الاستدامة

نظمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، اليوم، بالتعاون مع وزارة العمل وصندوق دعم وتأمين العمال ومنظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة، ندوة بعنوان "حقوق العمال: تدابير الحماية وآفاق الاستدامة"، وذلك في إطار الاحتفال بيوم العمال العالمي، الذي يصادف الأول من مايو في كل عام.
وفي هذا الإطار، قال سعادة الدكتور محمد بن سيف الكواري نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في كلمته الافتتاحية للندوة، "إن هذه الفعالية تهدف إلى تعزيز النهج القائم على حقوق الإنسان في جميع التدابير المتخذة بشأن حقوق العمال، ودراسة التحديات الدولية، وتبادل التجارب والممارسات الفضلى ذات الصلة"، مبينا أن هذه الندوة تأتي في سياق مواكبة التحديات العالمية في مجال العمل، والتي من أبرزها؛ الاستخدامات غير الأخلاقية للتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، والتغيرات المناخية والنزاعات المسلحة، وغيرها من التحديات التي أسهمت في تراجع فرص التوظيف واتساع فجوة البطالة، وأفضت إلى زيادة تدفقات الهجرة، وارتفاع معدلات العمالة غير النظامية وما يرتبط بها من انتهاكات ومخاطر.
وأوضح أنه عى الرغم من هذه التحديات التي ألقت بظلالها على جميع دول العالم، فإن دولة قطر تتبنى مقاربة عمالية قائمة على نهج حقوق الإنسان، ومن ذلك الإصلاحات الواسعة للتشريعات والسياسات العامة والإجراءات بهدف تعزيز وحماية حقوق العمال، بما في ذلك تعزيز حقهم في حرية التنقل، وحرية تغيير جهة العمل، وتحديد حد أدنى للأجور، فضلًا عن تمكينهم من سهولة اللجوء لسبل الانتصاف الوطنية.
وكشف عن افتتاح الحملة التوعوية السنوية بالتزامن مع الاحتفال بيوم العمال العالمي، والتي تأتي هذا العام تحت شعار (المساعدة القانونية: صوتك مسموع، وحقك مُصان)، مجددا الالتزام الراسخ بقضايا العمال باعتبارها إحدى أهم أولويات الدولة، ومؤكداً حرص اللجنة على متابعة التدابير المتخذة بشأن العمال، واستعدادها للعمل من أجل معالجة ما قد يستجد من تحديات بالتعاون مع الجهات المختصة في الدولة.
من جانبه، أكد السيد حمد فرج دلموك الوكيل المساعد لشؤون العمالة الوافدة بوزارة العمل، أن الاحتفال باليوم العالمي للعمال يكرّم الجهد الإنساني ويعلي من شأن الكرامة في بيئة العمل، مشيرًا إلى أن هذه المناسبة تأتي في سياق عالمي يشهد تحولات وتحديات غير مسبوقة، فرضتها الثورة التكنولوجية وأزمات المناخ.
وأبرز أن التحولات الراهنة تضع على عاتق الجميع مسؤوليات كبيرة، تستوجب أن تواكب التشريعات والسياسات هذه المتغيرات، لضمان الحماية والعدالة للجميع، منوها بإيلاء دولة قطر اهتمامًا بالغًا بتعزيز منظومة حماية العمال، حيث تجسدت هذه الإرادة السياسية في سلسلة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية الرائدة، مثل إلغاء نظام تصريح الخروج، وتسهيل انتقال العامل بين جهات العمل، وتحديد الحد الأدنى للأجور، وإنشاء صندوق دعم وتأمين العمال.
وشدد على التزام وزارة العمل الدائم بالعمل المشترك مع الشركاء الوطنيين والدوليين، وذلك لضمان استدامة هذه المكتسبات وتوسيع أثرها في حماية حقوق العمال وتعزيز العدالة الاجتماعية.
بدورها، اعتبرت السيدة خلود سيف الكبيسي المدير التنفيذي لصندوق دعم وتأمين العمال، أن اليوم العالمي للعمال ليس للاحتفاء فحسب بإسهامات العمال وعطائهم، وإنما بالتزام المشترك بحماية حقوقهم، وتعزيز بيئة عمل قائمة على الكرامة الإنسانية والسلامة والاستدامة، مبينة أن إنشاء صندوق دعم وتأمين العمال جاء تجسيدًا عمليًا لالتزام دولة قطر برعاية العمال وضمان حقوقهم.
ولفتت إلى عمل الصندوق بتكامل ومشاركة مع مختلف الجهات المعنية وأطراف الإنتاج لضمان توفير تدابير الحماية الفعالة، ومعالجة أوضاع العمال المتضررين، وتمكينهم من الوصول إلى حقوقهم دون معوقات وبطريقة ميسرة وسهلة، مشيرة إلى أن "ضمان بيئة عمل آمنة وصحية ليس خيارًا، وإنما هو التزام أخلاقي وقانوني، خاصة في ظل وجودنا بعالم تتغير فيه طبيعة العمل وتزداد فيه التحديات، لتصبح الاستدامة في تدابير حماية العمال أمرًا حتميًا".
وأكدت استمرار صندوق دعم وتأمين العمال في جهوده الرامية لتعزيز بيئة العمل الآمنة، ودعم المبادرات الوطنية، بهدف تحقيق أعلى معايير الصحة والسلامة المهنية، انسجامًا مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
من ناحيته، أعرب السيد ماكس تونيون مدير مكتب منظمة العمل الدولية بدولة قطر، عن بالغ شكره وتقديره للجنة الوطنية لحقوق الإنسان على تنظيم هذه الفعالية المهمة، قائلًا بهذا الصدد "إن يوم العمال العالمي يعد مناسبة لتكريم العامل، ولتجديد التأكيد على حقوقه في جميع أنحاء العالم".
وأكد تقدير منظمة العمل الدولية جهود العمال في كل مكان، وخاصة القوة العاملة الكبيرة والمتنوعة في دولة قطر، منوها بإسهاماتهم في حياتنا اليومية، وفي المجتمع والاقتصاد، سواء هنا في قطر أو في بلدانهم الأصلية.
وأعرب عن تقديره للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ووزارة العمل، وصندوق دعم وتأمين العمال، والعديد من الجهات الأخرى بدولة قطر، على البرامج والسياسات التي يعملون على تطويرها وتنفيذها، لافتًا إلى أنها تُحدث تأثيرًا حقيقيًا وكبيرًا في حياة العمال، داعيا إلى التعرف على الخطة الاستراتيجية للجنة الوطنية لحقوق الإنسان للفترة 2024-2030، والتي تم إصدارها العام الماضي، خاصة أنها تعد وثيقة مدروسة وشاملة وطموحة تُوفر خارطة طريق واضحة للتقدم في مجال حقوق الإنسان بدولة قطر، وتعكس التوافق الكبير بين منظمة العمل الدولية، ومقترحات اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ما يعزز الرغبة في تعميق التعاون بشكل أكبر مع اللجنة.
من جهتها، أكدت السيدة إيفا نقفي القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة لدى دولة قطر، أن العمال في قطر أدوا دورًا محوريًا في مسيرة التنمية الشاملة للدولة، مشيرة إلى إحراز دولة قطر في السنوات الأخيرة إصلاحات فعالة في مجال العمل عبر إلغاء نظام الكفالة، وإقرار حد أدنى للأجور، وتطوير عمليات توظيف أكثر شفافية وتنظيمًا، الأمر الذي جعل هذه الإصلاحات تشكل نموذجًا يحتذى به في المنطقة، ومثالًا عالميًا لما يمكن تحقيقه عندما تتضافر الإرادة السياسية والاجتماعية مع الالتزام بحقوق الإنسان، ومشددة على أهمية التعاون المستمر، والمشاركة الفعالة من جميع الأطراف المعنية، من حكومات، وأرباب عمل، وعمال، والمجتمع المدني، والمجتمع الدولي.
وأعربت عن اعتزاز منظمة الهجرة الدولية بالشراكة الوثيقة مع دولة قطر، لافتة إلى أن مكتب المنظمة في قطر ومنذ تأسيسه في سبتمبر 2020، يواصل توسيع برامجه لدعم القدرات.
إلى ذلك، شهدت الندوة عرض مجموعة من أوراق العمل تناولت العديد من الموضوعات، منها المنجزات التي طرأت على حقوق العمال في دولة قطر، واستعراض دور اللجنة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والتدابير التشريعية والتنظيمية لحماية العمال بدولة قطر، ورعاية العمال وضمان بيئة العمل الآمنة والصحية، إلى جانب تناول الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين، فضلًا عن تقديم مجموعة من التوصيات لتعزيز هذه الجهود والوصول إلى آفاق الاستدامة.