الأجهزة الذكية تهدد الأطفال بالعُزلة

الأجهزة الذكية تهدد الأطفال بالعُزلة

 الأجهزة الذكية باتت وسيلة الأطفال لقضاء أوقات فراغهم

 المحتوى الرقمي يغيّر سلوك الأطفال والأهالي في دائرة القلق 

أكد عدد من المواطنين والمختصين أنه في ظل التطورات التكنولوجية العالمية، أصبحت الأجهزة الذكية جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء العملية أو الأخرى العادية، حيث يلجأ الكثيرون إلى كافة وسائل التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي لتصفحها والحديث مع الآخرين، ولكن ظهرت على السطح إشكاليات عديدة مع تطور التكنولوجيا ووصولها إلى منازلنا وانتشارها بين أبنائنا، مشيرين إلى أن الأجهزة الذكية ليست مقتصرة على الكبار بل حتى للأطفال أيضا، حيث بات من المعتاد رؤية طفل يستخدم جهازا لوحيا أو هاتفا محمولا لتصفح تطبيقات الألعاب أو مشاهدة المقاطع المصورة، بل وحتى استخدام أدوات تعليمية رقمية، موضحين أن هذا التغير الملحوظ في أسلوب الحياة أثار تساؤلات عدة حول آثار هذه الممارسات، ومدى تأثيرها على سلوك ونمو الطفل، وهو ما دفع العديد من المختصين وأولياء الأمور للتعبير عن آرائهم وتقدير الموقف بواقعية.
وفي استطلاع أجرته «الشرق» عبر عدد منهم عن قلقهم من أن الأجهزة الذكية التي باتت الوسيلة الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال في قضاء أوقات فراغهم، في ظل انشغال الأهل، وسهولة الوصول إلى المحتوى الرقمي.

– د. عمار رياض: الاستخدام المعتدل يجعلها أكثر فائدة
قال الدكتور عمار رياض خبير ذكاء اصطناعي: نحن نعيش في عصر رقمي لا ينفصل عن تفاصيل حياتنا اليومية، ومن الطبيعي أن يتعامل الأطفال مع الأجهزة الذكية في مراحل مبكرة، حيث إنني أعتقد أن هذه الوسائل يمكن أن تكون مفيدة إذا تم استخدامها باعتدال وتحت إشراف الأسرة، فهناك تطبيقات وألعاب تعليمية مصممة خصيصا لتنمية المهارات الإدراكية لدى الطفل، وتعزز من التفكير المنطقي والابتكار، موضحا من المهم أن نوجه الأطفال إلى الاستخدام الإيجابي، مع وضع ضوابط زمنية واضحة، حتى لا يتحول الأمر إلى إدمان أو عزلة، مشيرا إلى أن استخدام الأطفال المفرط للتكنولوجيا دون هدف يحمل أضرارا لا يستهان بها.

محمد ذياب: بدائل تعليمية تعزز التواصل أبرز الحلول
طالب محمد ذياب بضرورة إطلاق حملات توعوية موجهة للأسرة، تشرح الأساليب السليمة في تنظيم وقت الشاشة، وتقديم بدائل تعليمية وترفيهية تعزز من التواصل الحقيقي بين الطفل وبيئته المحيطة، لافتا إلى أن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية التي تحتوي على المئات من الألعاب ضمن شبكة عالمية قد تجعل الطفل ينعزل عن عالمه الخارجي ويبقى لساعات طويلة خلف الشاشات، ومع الإدمان على ذلك يصبح الأمر أكثر صعوبة، حيث لا يشعر الطفل بالمتعة إلا في حال استخدام الأجهزة الإلكترونية.

وتساءل، كيف يمكن تحقيق توازن حقيقي يضمن استفادة الطفل من التقنية دون أن يقع في فخ العزلة المفرطة؟
وأكد ذياب على أهمية دور أولياء الأمور في إبعاد أبنائهم عن الاستخدام المفرط للألعاب والأجهزة الإلكترونية، إذ ينبغي عليهم مراقبة الأبناء في كل وقت، وتحديد ساعات استخدام هذه الأجهزة بشكل يومي، وتنظيم أوقات الأبناء مع الحرص على إبعادهم عن استخدام تلك الأجهزة وإشراكهم في الأنشطة البدنية بالمراكز الشبابية والأندية الرياضية، أو تنظيم فعاليات منزلية تجعلهم يبتعدون عن استخدام الأجهزة والمكوث خلف شاشاتها لساعات طويلة.

– جابر المري: تطور سلوكيات سلبية على المدى الطويل
قال جابر المري إن التكنولوجيا الحديثة أو استخدام الأجهزة الذكية لا يعتبر مشكلة، لأنها أصبحت جزءا من حياتنا اليومية سواء العملية أو الحياتية، كما يمكن أن تكون تلك الوسائل أداة تعليمية مهمة إذا أُحسن استخدامها.
وأضاف: من وجهة نظري، تكمن خطورة الأجهزة الذكية في الاستخدام المفرط وغياب الرقابة من الأسرة، ما قد يفتح المجال أمام التعرض لمحتويات غير مناسبة، أو تطوير سلوكيات سلبية على المدى الطويل.

وأضاف: إن كثرة التعرض للمؤثرات البصرية السريعة من الممكن أن يقلل من قدرة الطفل على التركيز لفترات طويلة، مما يؤثر على تحصيله الدراسي في المستقبل، الأمر الذي يستدعي إبعاد الأبناء عن وسائل التكنولوجيا الحديثة والألعاب الإلكترونية على الآيباد والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر. وأوضح المري أن التعامل مع الأجهزة الذكية يحتاج توازنا، حيث إن المنع التام لا يحقق النتائج المطلوبة في الابتعاد عن استخدام هذه الأجهزة بين الأبناء، مشيرا إلى أن الإهمال الكامل أو الاستخدام غير الموجه قد يترك أثرا يصعب معالجته فيما بعد.

– أحمد الحلحلي: الإفراط في الاستخدام خطر على النمو العقلي
يرى أحمد الحلحلي أن استخدام الأطفال المفرط للتكنولوجيا يشكل خطرا حقيقيا على نموهم العقلي والاجتماعي، لأن الأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية، رغم ما يقال عن فوائدها، إلا أن لها تأثيرات سلبية كثيرة، خاصة عندما تكون بديلا عن اللعب الواقعي والتفاعل الأسري.  وأضاف: لاحظنا أن الكثير من الأطفال أصبحوا يميلون للعزلة، ويقضون ساعات طويلة أمام الشاشات، مما يؤثر على تركيزهم، نومهم، وصحتهم البدنية، كما أن المحتوى غير المراقب يمكن أن يعرضهم لأفكار وسلوكيات لا تتناسب مع أعمارهم.

وأشار إلى أن الطفل يحتاج إلى تربية قائمة على التوازن، وينبغي على الأهل أن يكونوا حازمين في وضع حدود واضحة، وتشجيع الأنشطة البدنية والاجتماعية كبدائل صحية عن استخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل يومي ومفرط. وأكد على أن الأجهزة الذكية تشغل حيزا كبيرا من وقت الأطفال، على حساب التفاعل الأسري والنشاط البدني، وأن هذا الانشغال قد يؤدي إلى مشاكل سلوكية واجتماعية، ويؤثر سلبا على التحصيل الدراسي وحتى على الصحة النفسية، خاصة وأن فطرة الطفل اللعب واللهو واقعيا والتواصل مع محيطهم، وليس الانغماس في عوالم افتراضية قد تعزلهم عن الواقع، كما أنه لا مانع من استخدام محدود ومدروس للتكنولوجيا، لكن لا بد من أن يكون تحت رقابة صارمة وبتوازن مدروس.