الاحتلال يستغل حرب غزة ويوسع إرهابه لسكان الضفة

ليس فقط في غزة، النزوح والتهجير في الضفة الغربية أيضاً، إذ في واقع الحال ثمة مشاهد متطابقة، وإن حاول كيان الاحتلال استغلال انشغال العالم والهيمنة الإعلامية للحرب الطاحنة على قطاع غزة.
التجارب علّمت الشعب الفلسطيني أن كل أزمة أو حدث يستحوذ على اهتمام الإعلام، عادة ما يتخلله جرائم إسرائيلية أكثر فظاعة بحقهم، ومن هنا، فقد اتسعت مع عودة الحرب في 18 مارس الماضي، عمليات الترحيل والتهجير للمواطنين في مخيمات طولكرم ونور شمس وجنين شمال الضفة الغربية. واللافت كذلك تسارع وتيرة القتل التي تمارسها قوات الاحتلال بعيداً عن الإعلام، في تصعيد صامت تعمل على تمريره بمنتهى الوحشية، والعنجهية التي تفيض بالحقد الأسود، مستغلة انشغال العالم بالمجاعة المميتة في قطاع غزة. وتحفل مخططات الاحتلال لاستغلال الأزمات والأحداث الساخنة بكل ألوان القمع، فمنذ الأيام الأولى للحرب، بدأت قوات الاحتلال تتصرف مع الفلسطينيين في الضفة الغربية كمن فقدت صوابها، فزاد عدد الشهداء عن الـ1000، وأضعافهم من الجرحى، وكدأبها فقد استخدمت القوة الغاشمة في قمع التظاهرات المنددة بسلوكها الأقرب إلى البلطجية، وقطّاع الطرق.
ومع استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة، وغياب أفق تسوية قريبة لها، واستمرار انشغال العالم بتطوراتها، تنتاب الفلسطينيين في الضفة الغربية مخاوف كبيرة من اتساع دائرة القمع والعربدة الإسرائيلية، خصوصاً لجهة تمرير مخططات الاحتلال في ضم ومصادرة المزيد من الأراضي، والتوسع الإستيطاني، وصولاً للقيام بعمليات تطهير عرقي بحق الفلسطينيين، واقتلاعهم من أراضيهم، كما جرى في مخيمات طولكرم وجنين ونابلس.
وتستعر هذه الأيام، عمليات النزوح القسري التي تضعها حكومة الاحتلال على رأس أولويات مخططاتها، الرامية إلى تغيير ملامح وطمس هوية المخيمات الفلسطينية، علاوة على تمرير محاولات تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة. وتسللت مخاوف لدى الفلسطينيين في مناطق الأغوار الفلسطينية، التي تعد سلة غذاء فلسطين، من تنفيذ قادة الاحتلال تهديداتهم بترحيل المواطنين والاستيلاء عنوة على أراضيهم، لإقامة مستوطنات جديدة عليها، وربطها بالمستوطنات الجاثمة عليها، بما يحول هذه المناطق إلى معازل وكانتونات، تقطع أوصالها المستوطنات، ويعزلها غربان المستوطنين.
ومن وجهة نظر مراقبين، فالخوف الأكبر يتمحور حول عودة قوات الاحتلال لمصادرة أراضي الفلسطينيين في المناطق المصنفة (ج) لا سيما في الأغوار الفلسطينية، التي تشكل نحو 60 في المائة من أراضي الضفة الغربية، إذ كانت تراجعت في قت سابق عن ضم هذه المناطق، على وقع الضجة العالمية التي عارضت محاولات الضم هذه.
ويجد المستوطنون في انشغال العالم بحرب غزة، فرصة لارتكاب المزيد من الجرائم والاعتداءات بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، فزادت في الآونة الأخيرة، عمليات رشق سيارات الفلسطينيين بالحجارة على الطرق، وتدمير المزروعات، وترويع الأسر التي تقطن في مناطق نائية، أو قريبة من المستوطنات. وليس بالجديد على دولة الاحتلال استغلال الحروب والأزمات ذات الهالة الإعلامية، فتحفل الحقب والمحطات التاريخية المتعاقبة بمشاهد القمع المتصاعد بحق الفلسطينيين في ظل الأحداث الكبرى، لتحقيق مكاسب على الأرض.