قطر وأمريكا: شراكة متينة وتعاون متواصل

قطر وأمريكا: شراكة متينة وتعاون متواصل

في مشهد يعكس عمق العلاقات الثنائية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، تزينت شوارع الدوحة بالأعلام القطرية والأمريكية، استعدادًا للزيارة الرسمية المرتقبة اليوم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول جولة خارجية له منذ بداية ولايته الثانية.

وشهدت الدوحة استعدادات مكثفة لاستقبال الرئيس الأمريكي، حيث انتشرت الأعلام الوطنية للبلدين من كورنيش الدوحة إلى الطرق الرئيسية المؤدية إلى المطار، رفرفت الأعلام في تناغم، معبرة عن الترحيب الرسمي والشعبي بالضيف الأمريكي في رسالة رمزية تؤكد على أهمية هذه الزيارة الاستراتيجية.تأتي هذه الزيارة لتؤكد على متانة الروابط السياسية والاقتصادية بين البلدين، وتسليط الضوء على التعاون الوثيق في مجالات الأمن، الاقتصاد، والاستثمار، فضلاً عن التنسيق المستمر في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ومن المتوقع أن تشهد الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية ومناقشة سبل تعزيز الاستثمارات المشتركة في البنى التحتية والتكنولوجيا والطاقة، مما يسهم في توطيد العلاقات الثنائية وفتح آفاق جديدة للتعاون في المستقبل.

– العلاقات القطرية الأمريكية
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين العام 1972، بافتتاح سفارة دولة قطر في واشنطن العاصمة، وافتتاح السفارة الأمريكية في الدوحة. ومثلت الزيارات الدورية التي أجراها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة محطة على طريق بناء وتعزيز التعاون الاستراتيجي، والتشاور المتواصل بين البلدين بما يخدم أهدافهما ومصالحهما المشتركة.
وساهمت جلسات الحوار الاستراتيجي القطري الأمريكي السنوي منذ انطلاقها عام 2018، في بناء صلات وثيقة في مختلف دوائر صنع القرار السياسي والاقتصادي والدفاعي في الولايات المتحدة الأمريكية.

تثمنُ الولايات المتحدة الأمريكية عاليًا دور دولة قطر كحليف استراتيجي موثوق يعتمد عليه في اللحظات الحاسمة ويبرز اعتماد الإدارات الأمريكية المتعاقبة خلال العقد الأخير على دور الوساطة الذي لعبته دولة قطر في ملفات ساخنة مثلما حدث في مساعدة قطر لأمريكا في التوصل لاتفاق بخصوص الأزمة الأفغانية، وأيضًا إجلاء قطر للأمريكيين من أفغانستان ومساعدة البعثة الأمريكية في كابول. وأثبتت التطورات نجاعةَ الرؤية القطرية الأمريكية المشتركة بالحفاظ على علاقات قوية وديناميكية وفعالة قادرة على احتواء الأزمات وتطويع التحديات وقت الحاجة. كما ساهمت الدوحة في الوساطة والتفاوض من أجل إطلاق سراح الرهينتين الأمريكيتين المحتجزتين في أفغانستان مع مطلع عام 2025.

– العلاقات الاقتصادية
تستند العلاقات الاقتصادية بين قطر والولايات المتحدة إلى اتفاقيات تجارية متعمقة وتبادل استثماري متنوع في مجالات واسعة؛ فالولايات المتحدة هي خامس أكبر شريك تجاري لقطر، وتسهم إسهامًا كبيرًا في قطاعات مثل الطيران والطاقة والبنية التحتية. ففي عام 2023 وحده، بلغت قيمة التبادل التجاري بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية 6.7 مليار دولار أمريكي.
لدى دولة قطر استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، تشمل حصة في عقود امتياز لأندية رياضية بارزة مثل فريق كرة السلة واشنطن ويزاردزوفريق هوكي الجليد واشنطن كابتالز. وقد أعلن جهاز قطر للاستثمار عن خطط لاستثمار 45 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة، مع تركيز خاص على البنية التحتية والعقارات والتكنولوجيا.

وتعد الشراكة الاقتصادية بين دولة قطر والولايات المتحدة ركيزة أساسية للعلاقة الواسعة بين البلدين، حيث تساهم العلاقات التجارية بين البلدين على توليد ما يقرب من 200 مليار دولار في النشاط الاقتصادي، ودعم أكثر من مليون وظيفة في الولايات المتحدة. وتنوعت القطاعات التي استثمرت فيها دولة قطر في الولايات المتحدة، لتشمل كل من قطاع الطاقة، والبتروكيماويات، والاتصالات، والفحم، والخدمات المالية، والعقارات، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والضيافة، والرياضة، والأمن الغذائي.

– التعاون الدفاعي
تعتبر دولة قطر أحد أهم الشركاء الحاليين الفاعلين لواشنطن في جهود مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، تم تصنيف دولة قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي «الناتو» في مطلع فبراير 2022. وتستضيف قطر القيادة المركزية الأمريكية في قاعدة العديد الجوية، التي تلعب دورا أساسيا في جهود مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وباتت قطر أول دولة توقع على مذكرة التفاهم الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب عام 2017، حيث تهدف الاتفاقية إلى مكافحة تمويل الإرهاب وإنفاذ القانون مع الولايات المتحدة.

– قطاعات حيوية
وحققت الشراكةُ غير العادية بين قطر والولايات المتحدة نجاحات كبيرة وتوسعت علاقاتهما في قطاعات حيوية مثل التعليم والثقافة والرياضة، ففي قطاع التعليم، يعملُ البلدان على تعزيز التعاون عبر برامج مشتركة وتعمل في قطر العديد من الجامعات الأمريكية المرموقة. فيما يتعززُ التعاون الوثيق بين البلدين في العديد من المجالات الأخرى مثل الرعاية الصحية والثقافة والرياضة وغيرها من القطاعات الحيوية. قطر والولايات المتحدة لديهما اهتمام مشترك بالحوار المتبادل وكذلك الشراكة والتعاون طويل الأمد.