وسطاء مزيفون ينهبون آمال الباحثين عن سكن

وسطاء مزيفون ينهبون آمال الباحثين عن سكن

مطالب بتشديد الرقابة على الإعلانات العقارية الإلكترونية

تغليظ العقوبات على الدخلاء في مهنة الوساطة العقارية

التحول إلى العقود الرقمية ضرورة لحماية السوق العقاري

حذّر عدد من المحامين والمواطنين، في استطلاع أجرته الشرق، من تفشي ظاهرة «الوسطاء العقاريين المزيفين» الذين ينشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستغلين تطلع الباحثين عن سكن مناسب للاحتيال عليهم بطرق متقنة ومضللة. وأكد المتحدثون أن هذه الإعلانات تروّج لشقق وفلل للبيع أو الإيجار بأسعار مغرية، مع إرفاق صور جذابة للعقار، ثم يُطلب من الضحية الإسراع بتحويل مبالغ مالية عبر حسابات بنكية لتأكيد الحجز، ليكتشف لاحقًا أنه وقع ضحية لعملية نصب واحتيال.

ونوّه المحامون إلى أن أساليب جرائم الأموال تشهد تطورًا متسارعًا نتيجة الاستخدام المكثف للتكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة، مما يصعّب على الكثيرين التمييز بين العروض الحقيقية والمزيفة. كما أشاروا إلى أن ضعف الوازع الديني وغياب الرقابة الذاتية يُعدّ من العوامل المباشرة التي تسهم في تفشي هذه الجرائم في المجتمع، داعين إلى توخي الحذر، وعدم التعامل مع وسطاء غير مرخصين أو غير معروفين.

– المحتالون يتعمدون اقتناص الفرص
أكد محمد العبد الله أن بعض منصات التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى بيئة خصبة لترويج فرص عقارية واستثمارية وهمية، يقف خلفها محتالون يستغلون أحلام الأفراد والشركات بالعثور على عقار مناسب دون استشارة قانونية تقيهم الوقوع في شباك الخداع. وأوضح أن هذه الإعلانات تعتمد على صور جذابة ومغريات تسويقية ملفقة، حيث يُدّعى وجود شقق أو غرف بأسعار مغرية، ويتم الضغط على المتابعين بإيهامهم أن الطلب على العقار مرتفع، والفرصة محدودة، وأن الأولوية لمن يسارع بالحجز ودفع العربون.

وأضاف أن بعض الضحايا، نتيجة للثقة الزائدة أو غياب الخبرة، يقعون فريسة سهلة لهذا النوع من الاحتيال، إذ يقومون بتحويل مبالغ مالية عبر تطبيقات الدفع الفوري دون استلام أي مستند أو إيصال رسمي. وفور تسلم المبلغ، يعمد المحتال إلى إغلاق هاتفه واختفائه الكامل، ما يكشف عن مدى اتساع ظاهرة الاحتيال العقاري في السنوات الأخيرة، وتحولها إلى آفة إجرامية ألحقت الضرر بعدد كبير من الأفراد، خاصة في ظل ضعف الوعي القانوني وغياب الإجراءات الاحترازية.

– وسطاء دخلاء على المهنة
وأوضح عبدالله اليافعي أن ظاهرة «الوسطاء العقاريين الوهميين» لم تكن موجودة سابقًا في قطر، لكنها ظهرت مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي، التي باتت ملاذًا للمحتالين الذين يتخفون خلف أسماء وألقاب مزيفة للاحتيال على الباحثين عن سكن، والهروب من المساءلة القانونية. وشدد على أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تفعيل دور الخبراء القانونيين عبر تقديم الاستشارات المسبقة، وتنظيم حملات إعلامية وندوات توعوية، لتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر التعامل مع وسطاء غير مرخصين.

وأكد اليافعي أهمية فرض رقابة صارمة على دخلاء المهنة الذين يعملون دون ترخيص أو تأهيل، داعيًا إلى تنمية الثقافة العقارية لدى المجتمع، وتشديد العقوبات على المخالفين، بما يسهم في الحد من تفشي الظاهرة. كما دعا إلى اعتماد العقود الرقمية بدلاً من الورقية في جميع المعاملات العقارية – من بيع وإيجار وتنازل – لضمان التوثيق ومنع التلاعب، محذرًا من أن استمرار هذه الممارسات قد يحوّل الاحتيال العقاري من حالات فردية إلى ظاهرة منظمة يصعب السيطرة عليها.

– الجرائم المالية في القانون
أكد المحامي عبدالله المطوع أن المشرّع القطري أولى الجرائم المالية اهتمامًا خاصًا، ونظمها في أكثر من موضع ضمن قانون العقوبات، لاسيما في الفصلين الأول والثاني من الباب الثالث من الكتاب الثاني، المتعلقين بالرشوة والاختلاس، والباب الثالث من الكتاب الثالث المتعلق بالجرائم الواقعة على المال، مثل السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة. وأضاف أن هناك تشريعات أخرى مكملة تعالج جرائم الأموال بمختلف صورها، مشيرًا إلى أن هذه الجرائم لا تقتصر على قطر، بل تمثل معضلة عالمية تؤثر سلبًا على سمعة الدول واستقرارها الاقتصادي والاستثماري.

وأوضح المطوع أن بعض هذه الجرائم تبدو حديثة نسبيًا على الساحة القطرية، مرجعًا ذلك إلى المكانة الاقتصادية المتقدمة للدولة واتساع نشاطها المالي، ما جعلها أكثر عرضة للاستهداف من قبل محترفي الجرائم المالية. ولفت إلى أن النمو الاقتصادي الهائل الذي تشهده قطر، إلى جانب التسارع التكنولوجي، ساهم في ظهور طرق جديدة ومعقدة في ارتكاب هذه الجرائم، لا سيما في ظل ضعف الوازع الديني لدى بعض الأفراد، ما يعد من أبرز الأسباب المباشرة لتفشي هذه الظاهرة.

– تنظيم وترخيص الإعلانات
وشدد علي عبدالله على أهمية تنظيم سوق الإعلانات العقارية والإعلانية بشكل عام، داعيًا إلى ترخيص جميع الإعلانات المنشورة في وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي، مع ضرورة حجب الإعلانات غير المرخصة التي أصبحت وسيلة مباشرة للاحتيال على المواطنين والمقيمين. وأشار إلى أن حملات التوعية التي تطلقها وزارة الداخلية لم تمنع وقوع البعض فريسة للمحتالين الذين يستخدمون أساليب متقنة، منها استئجار شقق أو غرف لفترة قصيرة بغرض تسويقها، ثم الطلب من الضحية تحويل المبلغ فورًا عبر تطبيقات الدفع السريع، مدعّمين ذلك بصور حقيقية مسروقة من الإعلانات الأصلية.

وأوضح عبدالله أن العديد من الأفراد يخسرون آلاف الريالات بسبب قلة الوعي بطرق الاحتيال الحديثة، التي باتت أكثر احترافًا وانتشارًا، مشددًا على ضرورة تغليظ العقوبات وتشديد الرقابة على أنشطة وسطاء العقار، والحد من تدخل الدخلاء في هذه المهنة الحساسة. كما نبّه إلى أن بعض المحتالين يتقنون إنشاء ملفات تعريف مزيفة تنتحل شخصيات معروفة أو حتى أفرادًا من العائلة، إما عن طريق اختراق الحسابات أو عبر إنشاء حسابات جديدة باستخدام بيانات شخصية حقيقية.