جولة ترامب “غير المعتادة”.. هل تُسهم في تقريب هدنة غزة؟

ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قنبلته حول حرب غزة، خلال جولته الخليجية، وترك شظاياها تتطاير في الأرجاء، لتصيب المعنيين، وتكشف ردود الأفعال المؤيدة لها والمعارضة، ولم ينفك التأكيد على أن إدارته ستعمل على وضع حد للحرب، وكل ما تفرع عنها من تدهور.
وقنبلة ترامب تعتمد أساساً على اغتنام فرصة تبدو «نادرة» وفق تعبيره، وقوامها: التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، يبدأ بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وينتهي بتسوية شاملة.
بيد أن تلك الوعود والتصريحات التي بدت برّاقة ومتفائلة، ربما تواجه مأزقا مضاعفاً يعيد الأمور كما في كل مرة إلى ما قبل نقطة الصفر، نتيجة لرفض رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لمقترحاته، والتي قابلها بموجة غارات عاتية على قطاع غزة، أوقعت ضحايا جدداً، وكأن قدر غزة أن تعيد إنتاج أزماتها واحدة تلو الأخرى، بل وتزيدها تعقيداً، دون تحقيق أي خطوة إلى الأمام.
هذا التقييم لرد فعل كيان الاحتلال ليس إفراطاً في التشاؤم، بل إنه وفق مراقبين، وضع عام تعيشه غزة منذ أكثر من عام ونصف العام، ولم تفلح كل الجهود والتحركات السياسية في انتشالها من كبوتها المتفاقمة، إذ كل ما كان يبنى عليها أجواء تفاؤل لم تدم طويلاً، ولم تصل بعد إلى حالة تعافٍ يمكن البناء والمراكمة عليها.
تفاءل محللون بتصريحات الرئيس ترامب تجاه حرب غزة، ومنهم من اعتقد أن إطلاق سراح الجندي حامل الجنسية الأمريكية عيدان ألكسندر، سيكون بداية تسوية سياسية تتسم بالجدية والإلتزام بقرارات الوسطاء، والاتفاقيات التي يتم التوصل إليها، وأشهرها بالطـبع وقف إطلاق النار.
مبعث التفاؤل هذا، أن الحرب لم تحقق أهدافها المعلنة أو المستترة بالنسبة للطرفين (حماس وإسرائيل) ولم يعد لها ما يبررها، وأن هناك فرصة كبيرة للتوصل إلى اتفاق يعقب جولة ترامب إلى المنطقة، فواشنطن أبدت موافقة مبدئية على مشاركة حماس في إدارة قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب، في حال تخلت عن العمل العسكري، لكن هذا الحل غير مقبول إسرائيلياً، ما يعني القضاء على أي تسوية سياسية قبل أن تبدأ.
في قطاع غزة، تطالب حركة حماس، باعتماد الرزمة الكاملة للحل، بما يشمل: الإفراج عن جميع المحتجزين الاسرائيليين (الأحياء منهم والأموات) دفعة واحدة، مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين يتم الإتفاق بشأنه، ووقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل لجيش الاحتلال من قطاع غزة، وإدارة القطاع من قبل جهة مستقلة، وإدخال المساعدات الإنسانية وبدء الإعمار، والإتفاق على ترتيبات أمنية تضمن الهدوء والإستقرار إلى حين التوصل إلى اتفاق سياسي وحل دائم.
وهذه واحدة من المرات القليلة خلال الأشهر الأخيرة التي يتحدث فيها مسؤولون أمريكيون عن إنهاء الحرب على غزة، ومن بين هؤلاء السفير الأمريكي في تل أبيب مايك هاكابي، الذي اعتبر الإفراج عن الجندي عيدان ألكسندر، بداية نهاية الحرب.
ويرى المستشار السابق في رئاسة الوزراء الفلسطينية جمال زقوت، أن إطلاق سراح ألكسندر جاء كمحاولة لفتح ثغرة في جدار مفاوضات التهدئة المسدود، مبيناً: «رغم مكانة إسرائيل في السياسة الأمريكية، إلا أن واشنطن لا تتصرف وكأن مصالحها تنحصر فقط فيما تريده تل أبيب، وما جرى من مفاوضات أمريكية إيرانية، وأمريكية حوثية «منفردة» لا يمكن الاستهانة بدلالاته».
وتشهد المنطقة حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، يرجح مراقبون، أن يمهد لاتفاق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تؤشر عليه الضغوط الأمريكية المتصاعدة على إسرائيل لإنهاء الحرب على غزة، ضمن مساعيها الرامية لتحقيق اختراق سياسي، يفضي إلى تصفير الحروب في العالم.