مركز حقوق الإنسان والتنمية ينظم ورشة تدريبية لمكافحة الاتجار بالبشر

نظمت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، اليوم، بالشراكة مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، الورشة التدريبية الأساسية الأولى حول "مكافحة الاتجار بالبشر على نهج حقوق الإنسان: منع، حماية، تأهيل"، تحت شعار "إنسانيتنا واحدة: الكرامة والعدالة للجميع"، وذلك لفائدة الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون من منتسبي قوة الشرطة، وأعضاء النيابة العامة والقضاة، والموظفين المعنيين في وزارة العمل، والأطباء، والباحثين الاجتماعيين، والنفسيين.
ويشارك في الورشة التدريبية، التي تستمر أعمالها حتى 22 مايو الجاري، ممثلون عن الجهات ذات الصلة من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ووزارة العدل، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والهلال الأحمر القطري، وجمعية قطر الخيرية، والمعهد الدولي للتنمية الأسرية في مؤسسة قطر، والهيئة العامة للطيران المدني، والمؤسسة القطرية للإعلام، والوكالة الوطنية للأمن السيبراني، ودار الرعاية الإنسانية.
وتهدف الورشة التدريبية إلى بناء القدرات الوطنية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، والتعامل مع ضحاياه على نهج حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار، قال سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان: "إن هذه الورشة تأتي في ظل واقع عالمي حافل بالتحديات والمخاطر التي تفاقم من جريمة الاتجار بالبشر وتزيدها تعقيدا"، لافتا إلى أن تنامي أوجه الضعف الناتجة عن ارتفاع معدلات الفقر العالمية والنزاعات المسلحة والتغيرات المناخية والهجرة غير النظامية، أدى إلى الإيقاع بالمزيد من ضحايا الاتجار بالبشر.
وأضاف سعادته أنه "على الرغم من الموقع الاستراتيجي لدولة قطر، وما تحظى به من إمكانيات هائلة لجذب مئات الآلاف من العمال، فضلا عن عوامل الجذب السياحي، إلا أنها تعد من أكثر الدول أمانا وفاعلية في مجال الحماية من جميع أشكال الاتجار بالبشر، ويعود ذلك إلى تطور التشريعات والسياسات العامة، والتدابير الإدارية والمؤسسية التي اتخذتها الدولة، بما في ذلك الإجراءات الوقائية المتمثلة في إنشاء مراكز للتأشيرات في الدول ذات الكثافة العمالية".
وأكد حرص اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على الرصد والمتابعة لمواكبة ما قد يستجد من تحديات في هذا الشأن، فضلا عن المساهمة بالمرئيات حول التشريعات والسياسات العامة وتدابير مكافحة الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى اضطلاعها بأدوار التوعية والتثقيف، بهدف تعزيز وعي الجمهور بخطورة الاتجار بالبشر.
من جانبها، قالت السيدة سارة عبدالله السعدي نائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، إن تنظيم هذه الورشة يأتي استجابة لتوجهات دولة قطر في تعزيز منظومة الحماية لحقوق الإنسان، ومواصلة جهودها الرائدة في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، مؤكدة أن جريمة الاتجار بالبشر باتت تعد من أخطر أشكال الانتهاكات الإنسانية المعاصرة، وتشكل تهديدا مباشرا للكرامة البشرية، وتمس أبسط الحقوق الإنسانية المكفولة لكل فرد.
وأضافت السعدي أن "ما يميز هذه الورشة التدريبية، يكمن في كونها تنعقد في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر 2024 – 2026، وفي تناغم مع الخطة الاستراتيجية للجنة الوطنية لحقوق الإنسان 2024 – 2030، وهي فرصة حقيقية لتعزيز مفاهيم الحماية والوقاية والتأهيل وفقا لنهج حقوق الإنسان".
وأشارت إلى أن التعاون البناء بين لجنتي مكافحة الاتجار بالبشر وحقوق الإنسان، يجسد روح التكامل بين مقاربتي العدالة الجنائية، والكرامة والحقوق، إيمانا بأن مواجهة هذه الظاهرة المعقدة لا يمكن أن يكون فاعلا دون بناء قدرات وطنية مدربة، ووعي مؤسسي ومجتمعي متجدد، وشراكات استراتيجية على المستويات كافة.
بدورها، أوضحت الدكتورة عبير خريشة مدير مكتب الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان للمنطقة العربية وجنوب غرب آسيا، أن الاتجار بالبشر يمس الكرامة الإنسانية، إذ لا تعرف هذه الظاهرة حدودا ولا جنسية، قائلة: "إن هذه الجريمة تمس بشكل خاص الفئات المهمشة والضعيفة، وفيها استغلال لحاجة الناس".
وأضافت خريشة أنه "على الرغم من اعتماد إطار قانوني شامل ودولي، ومنها؛ الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ذات العلاقة، واتفاقية /الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية/، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، إلا أن الاتجار بالأشخاص يتزايد"، مبينة أن هناك 50 مليون شخص يعيشون في شكل من أشكال الرق المعاصرة بحسب تقديرات العام (2021) لغايات مختلفة، من أبرزها؛ العمل القسري، والاستغلال في شتى الأشكال.
وتابعت أنه "تقدر الأرباح غير القانونية من العمل القسري كل عام بـ 236 مليار دولار أمريكي، فيما تشير التقديرات إلى أن النساء والفتيات لا يزلن يتأثرن أكثر من غيرهن بهذه الجريمة، وأن ثلث الضحايا المكتشفين هم من الأطفال".
من جهته، قال السيد جاسم بن يوسف الكواري نائب مدير مركز الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية: "إن جريمة الاتجار بالبشر تعد إحدى أكثر الجرائم تعقيدا وانتهاكا لحقوق الإنسان ولكرامته"، لافتا إلى أن الاتجار بالبشر، لم يعد ظاهرة محصورة في إطار محلي أو تقليدي، بل أصبح جريمة منظمة عابرة للحدود، تتطور أساليبها وتتكيف مع السياقات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية الحديثة.
وأشار الكواري إلى أن التحديات بهذا الشأن تتزايد مع دخول الفضاء الرقمي والذكاء الاصطناعي، كأدوات يساء استخدامها من قبل الشبكات الإجرامية، بهدف توسيع عملياتهم واستدراج الضحايا والتحكم بهم.
وأوضح أن التقرير العالمي الأخير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة السيبرانية للعام 2024، أظهر زيادة ملحوظه عالميا بنسبة 25 بالمئة في عدد ضحايا الاتجار المكتشفين خلال السنوات الأخيرة، لافتا إلى أنه في ظل هذه التحديات المتسارعة يبرز دور مركز الأمم المتحدة الإقليمي لمكافحة الجريمة السيبرانية في الدوحة، كمنصة فاعلة لدعم جهود الدول الأعضاء في التصدي للبعد السيبراني لهذه الجريمة، من خلال بناء القدرات، وتطوير أدوات التحليل الرقمي، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتقديم المشورة في تطوير التشريعات، بما يسهم في سد الثغرات، ومواكبة التطورات التقنية.