سكان غزة: الموت يدخل منازلنا وخيامنا

تتواصل الضربات الدامية لأهل غزة، إذ شهدت الساعات الأخيرة تصاعداً كبيراً في استهداف الأماكن المكتظة بمراكز الإيواء التي يلوذ بها النازحون، ما أوقع مجازر مروعة وضحايا جدداً.
المئات استشهدوا بنيران الطائرات الحربية وقذائف الدبابات خلال الساعات الأخيرة، وفي ظل إسقاط جيش الاحتلال للمنظومة الصحية بالكامل في قطاع غزة، فالمستشفيات دُمرت وخرجت عن الخدمة، والمستلزمات الطبية باتت معدومة، والأطقم الطبية لا حول لها ولا قوة، ما يقافم المأساة الإنسانية. وفق شهود عيان التقتهم «الشرق» فالقصف لا يتم فقط من خلال الطائرات الحربية والمسيّرة، فالدبابات التي تحاصر قطاع غزة، تصب حمم قذائفها أيضاً على خيام النازحين ومراكز إيوائهم.
يروي النازح عادل آل حسين من حي التفاح بغزة، أن فصول المعاناة تضاعفت، مع تكثيف الضربات الجوية والمدفعية، موضحاً: «الأهالي ينزحون حفاة جياع، بلا طعام ولا شراب، ولا حتى خيام أو فراش، ولا وجهة لهم، فقط يريدون النجاة بأرواحهم، لم يبق مراكز إيواء، والحياة انطفأت في قطاع غزة، ولا تُسمع إلا صيحات النساء والأطفال.. الكل يتساءل (وين نروح؟).. غزة تباد صباح مساء، ونهيم على وجوهنا هرباً من الجحيم».
غير بعيد، يكشف أسامة الزيناتي من بلدة بيت لاهيا جوانب لا تقل فظاعة، ويقول: «لاحظنا أن جيش الاحتلال يركز في غاراته على المنازل المسكونة، وعندما شعرنا بخطر الموت يداهمنا، حاولنا التمويه عليه بالإقامة في منزل متضرر وشبه مدمر، لكن الطائرات الحربية ظلت تلاحقنا، فخرجنا على وجوهنا على غير هدى، ولم نعد ندري أيهما أفضل، المنزل أم الخيمة.. الموت هنا يقتحم علينا بيوتنا وخيامنا».
وأجبر القصف العنيف ف، المواطنين على إخلاء منازلهم وخيامهم، والفرار من مراكز الإيواء التي غدت جحيماً. وترتب على هذا الاستهداف، الذي يعد الأعنف منذ استئناف الحرب في 18 مارس الماضي، موجات نزوح هائلة، مصحوبة بحالة غير مسبوقة من الخوف والهلع تنتاب النازحين، ودون أن تمنحهم الطائرات الحربية، الفرصة لاصطحاب بقية من متاع أو مستلزمات حياة.
وما يمارسه جيش الاحتلال في قطاع غزة، يفوق توصيف الإبادة البشرية الجماعية، ويتعداه ليطال كل ما يرمز إلى بقاء الفلسطينيين أينما نزحوا وحلوا، فيعيش السكان الجوعى ليال مرعبة ودامية، وكلما أوى النازحون إلى مكان، ولّوا منه فراراً وأكثر رعباً.