هل أوقفت التحالفات الإقليمية نزاع غزة؟

بات واضحاً أن مسرح التصعيد الكبير الذي يشهده قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، ما هو إلا مقدمة لمرحلة استثنائية، ترسم ملامح سياسة إسرائيلية جديدة في القطاع، من خلال الدفع باتجاه عملية عسكرية واسعة في مناطق شمال ووسط القطاع، والسيطرة عليها بشكل كامل، كما ما جرى في رفح جنوباً.
سيناريوهات المرحلة هذه تتأرجح ما بين: المفاوضات بالدم، بانتظار صفقة تنهي الحرب بشكل كامل، أو صفقة جزئية تتراوح ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، على غرار ما جرى في هدنة 19 يناير، على أن يتبعها صفقات مماثلة، بحيث يجري تمديد الهدنة وفق ما تقتضي ظروف التفاوض لوقفها بشكل نهائي.
وفق مراقبين، فالمفاصل المهمة تتمثل في "لغز" رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يذهب باتجاه احتلال مناطق واسعة في قطاع غزة، مع تهجير للسكان على نحو واسع، ظهرت تجلياته بإعلان العملية العسكرية "عربات جدعون" لتحقيق أهداف عدة، أهمها: إرضاء الجناح الأكثر تطرفاً في ائتلافه قبيل التوصل إلى صفقة، والضغط على حركة حماس للحصول على أكبر قدر من التنازلات قبل توقيعها، فضلاً عن إعادة إنتاج الحرب من أجل البقاء السياسي.
بيد أن الضغط الأمريكي لإنهاء الحرب، يظل العامل الحاسم، إذ بات جزءاً من التحالفات والترتيبات الإقليمية الجديدة، وخصوصاً بعد جولة ترامب في الشرق الأوسط، وعقده اتفاقيات وتحالفات يُنتظر أن تغير وجه المنطقة.
بالتوازي، تتسارع الأحداث سياسياً، فتشهد الدوحة مفاوضات حاسمة، وبينما يصر نتنياهو على التفاوض تحت النار، تعول حركة حماس على تعهدات أمريكية بوقف الحرب، بينما ينصح الوسطاء الحركة بقبول العرض الأمريكي، بعد أن ضاقت الخيارات أمامها، وسط تأكيدات قطرية مصرية أمريكية بأن الحرب لن تتوقف إلا بالدبلوماسية.
حسب الكاتب والمحلل السياسي محمـد دراغمة، فالمباحثات الجارية في الدوحة، تعد مصيرية لجهة إنتاج اتفاق يوقف الحرب، منوهاً إلى تسريبات إسرائيلية حيال ضغط دولي على نتنياهو لوقف الحرب، تزايد في الآونة الأخيرة، وبات جزءاً من متطلبات التحالفات في الإقليم، وخصوصاً بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي، والسعي لحل كل قضايا المنطقة، وهذا يتطلب ضغطاً أمريكياً ودولياً لإنهاء الحرب.
ورجح دراغمة، التوصل إلى اتفاق جزئي وفق منحى المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، وبضمانات أمريكية بأن يقود هذا الاتفاق إلى مراحل تالية، وصولاً إلى إنهاء الحرب، لأن البديل هو فشل المفاوضات واستمرار القتال، وهذه مسألة إشكالية في تل أبيب، بحسبانها تشكل خطراً على حياة المحتجزين الإسرائيليين.
وفيما يرفع نتنياهو السقف، مطالباً بتجريد غزة بشكل كامل من السلاح، وإبعاد قادة حركة حماس إلى الخارج، وبقاء جيشه في قطاع غزة مقابل أي اتفاق، يرى مراقبون إسرائيليون بأن هذا قد يفضي بإسرائيل إلى عزلة دولية واسعة، ويضعها تحت ضغط دولي كبير، علاوة على استمرار استنزاف جيشها لفترة أطول، وهو مسار لا يحظى بالرضاء في الشارع الإسرائيلي.