قطر ورابطة آسيان: شراكة قوية وتعاون طموح

قطر ورابطة آسيان: شراكة قوية وتعاون طموح

تنطلق غدا الثلاثاء في كوالالمبور بماليزيا، القمة الثانية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والقمة الاقتصادية الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والصين.
وتعكس مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في القمتين، الأهمية الكبيرة التي توليها دولة قطر لتعزيز الترابط بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول "آسيان" والصين في مختلف المجالات، والتزام الدولة القوي بتعزيز وتعميق شراكتها مع دول الخليج ودول رابطة آسيان.
وتتمتع دولة قطر بعلاقات متينة مع عمقها الآسيوي، زادت رسوخا خلال السنوات القليلة الماضية، بانضمام الدولة إلى تجمعات وتكتلات آسيوية، وتعاونها الفاعل مع مختلف المنظمات الإقليمية والدولية في قارة آسيا.
وقد نجحت دولة قطر في بناء شراكات قوية مع دول آسيا، ليس عن طريق دعم المشاريع المشتركة فحسب، ولكن أيضا من خلال تعزيز التنمية المستدامة، وتحسين مستوى حياة السكان في المناطق الآسيوية بشكل عام.
وانضمت دولة قطر لمعاهدة الصداقة والتعاون لرابطة دول جنوب شرق آسيا آسيان، أثناء الدورة الـ 55 للرابطة بالعاصمة الكمبودية بنوم بنه، في أغسطس 2022، ومنذ ذلك التاريخ اكتسبت علاقات دولة قطر مع دول آسيان زخما جديدا، وقطعت أشواطا مهمة على طريق ترسيخ التعاون في مختلف المجالات، ودعم جهود تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والاهتمام بتطوير العلاقات والتعاون المشترك.
وجاء انضمام دولة قطر للمعاهدة انطلاقا من الإرادة والرغبة المشتركة لخلق منطقة آمنة ومستقرة للمجتمعات ولتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والازدهار المشترك، فضلا عن إيجاد وحدة مشتركة وقوية بين شعوب المنطقة ترتكز على التنوع والتواصل، وتعمل رابطة آسيان على تعزيز الروابط القوية سواء داخل الرابطة أو مع شركائها الخارجيين الموثوق بهم، مثل دولة قطر، منذ انضمامها للرابطة.
وتعتبر رابطة آسيان منظمة سياسية اقتصادية تأسست في 8 أغسطس 1967، وتضم 10 دول، هي: إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وبروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا.
وتهدف الرابطة بشكل أساسي إلى تحقيق عدد من المبادئ المعززة للسلام والتعاون بين الدول، والاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة والمساواة والسلامة الإقليمية والهوية الوطنية لجميع الدول الأعضاء في الرابطة.
وفي سياق علاقات دولة قطر مع رابطة دول آسيان وتحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في أكتوبر 2023، مع إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأصحاب الفخامة رؤساء الدول الآسيوية ورؤساء الوفود، في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي عقدت في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية ، كما التقى سمو الأمير المفدى مع رئيس وزراء سنغافورة السابق لي هسين لوونغ، ورئيس وزراء فيتنام السيد فام مينه تشينه على هامش القمة الأولى لرابطة آسيان ومجلس التعاون الخليجي في الرياض، وكان معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، قد قام بزيارة إلى سنغافورة في أغسطس 2023.
وفي أبريل 2024، قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بزيارة دولة إلى الفلبين بدعوة من فخامة الرئيس فرديناند ماركوس جونيور، في حين قام رئيس الوزراء الماليزي الدكتور أنور إبراهيم بزيارة الدوحة في مايو من العام الماضي.
وفي أبريل 2025 استقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بالدوحة، فخامة الرئيس برابوو سوبيانتو رئيس جمهورية إندونيسيا الصديقة، حيث تم الاتفاق في مباحثات رسمية على إنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 4 مليارات دولار، مناصفة بين دولة قطر وجمهورية إندونيسيا.

 وشهدت العلاقات بين دولة قطر ورابطة دول جنوب شرق آسيا آسيان في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والتجارية والاستثمار.
وتعتبر دولة قطر مستثمرا رئيسيا في دول آسيان، وتتنوع استثماراتها من قطاعات الطاقة والقطاع المالي والعقارات إلى الاتصالات، والأعمال الزراعية، ومجالات الضيافة، والمجالات الطبية.
وقد قام جهاز قطر للاستثمار بإنشاء مقره الرئيسي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في سنغافورة، كما افتتحت شركات قطرية بارزة مثل أريدُ ونبراس للطاقة ومجموعة بنك قطر الوطني QNB فروعا لها في إندونيسيا. ويدرس المستثمرون القطريون توسيع محفظتهم الاستثمارية في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك الفلبين.
ومن جهة أخرى، فإن إطار التعاون بين رابطة آسيان ومجلس التعاون الخليجي للفترة 2024 – 2028 يوفر لدولة قطر مسارا للتعاون مع الرابطة من خلال كتلتها الإقليمية.
وتبرز مجالات واعدة أمام دولة قطر وآسيان لتعزيز التعاون في مختلف المجالات مثل الطاقات المتجددة وتغير المناخ والتنمية المستدامة ومجالات الأعمال الزراعية والتعليم والقطاع المالي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والرياضة، والنقل، والسياحة، والضيافة.
وفي ذات الاتجاه تسعى رابطة آسيان إلى العمل مع دولة قطر على تعزيز ودعم القيم المشتركة، وبشكل خاص في تعزيز سيادة القانون وتفضيل الحلول السلمية للنزاعات وبناء مجتمع عادل، وتأخذ الصين التي تشارك في اجتماعات آسيان هذه المرة ، دورا أساسيا في تعزيز العلاقات بين آسيان ومجلس التعاون الخليجي، وذلك من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، التي دعمت مشاريع بنية تحتية ضخمة في جنوبي شرقي آسيا، إضافة إلى ذلك، استثمرت الصين بشكل كبير في قطاع الطاقة المتجددة بدول مجلس التعاون الخليجي، ما يعزز إمكانية إنشاء إطار تعاون ثلاثي يشمل آسيان ومجلس التعاون والصين، ويركز على التنمية المستدامة. ويتوقع أن يسهم هذا التعاون الثلاثي في بناء نموذج إقليمي يساهم في تحقيق النمو المستدام، ويعزز الاستقرار الإقليمي.
وعلى ذات النحو، شهدت استثمارات الدول الأعضاء في رابطة آسيان في دولة قطر نموا متزايدا، مع تعدد مجالات الاستثمار والمشاريع في قطاعات النفط والغاز والضيافة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبناء وتجارة التجزئة. وبالنظر إلى أن دول الرابطة من الدول المصدرة الرئيسية للمواد الغذائية، يضطلع عدد من الدول الأعضاء في رابطة آسيان بدور حيوي في دعم مساعي دولة قطر في مجالات الأمن الغذائي تحقيقا لرؤيتها الوطنية لعام 2030، وتحتل رابطة دول جنوب شرق آسيا مكانة مرموقة في منظومة العلاقات الاقتصادية العالمية، مما جعل القوى الدولية الوازنة حريصة على كسب ودها، وتعد آسيان منظمة اقتصادية بامتياز بعد أن أضحت تضم في عضويتها 10 دول تقع في جنوب وشرق آسيا.
وبحسب آسيان فإن الكتلة الاقتصادية الإقليمية تسير في مسارها الصحيح ، لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030 .
وقال ستيفندر سينغه نائب الأمين العام للآسيان في تصريحات سابقة ، إن دول آسيان تعتبر من أكبر التجمعات الإقليمية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي يصل حجمها إلى نحو 230 مليار دولار.
وأشار سينغه الذي كان يتحدث عن رؤية آسيان 2045 ، إلى أن تلك الرؤية نجحت حتى الآن في وصول حجم التجارة الإقليمية إلى 3.5 تريليون دولار عام 2023 ، مقارنة بـ 2.5 تريليون دولار في عام 2015 ، موضحا أن ذلك يعكس عزم آسيان على أن تصبح منطقة اقتصادية مفتوحة للتجارة والاستثمار العالميين.
وتسعى آسيان إلى تحقيق رؤية استراتيجية تعمل على تعزيز التعاون متعدد الأطراف، يقدم نموذجا للتعامل الإقليمي مع التحديات المختلفة بطريقة متوازنة وفعالة، ومن المتوقع أن يكون لهذا التعاون دور حيوي في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وبناء شبكات اقتصادية وتجارية حديثة تسهم في دعم الاستقرار في المنقطة، ووفقا للبنك الدولي، فإنه من المتوقع أن يسجل معدل النمو في جنوب آسيا 5.8 بالمئة في عام 2025، قبل أن يرتفع إلى 6.1 بالمئة في عام 2026، مما يعِد بمكانة اقتصادية مرموقة لدول آسيان على خارطة الاقتصاد العالمي.