افتتاح فعاليات المؤتمر العالمي عن الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان

افتتاح فعاليات المؤتمر العالمي عن الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان

انطلقت اليوم، أعمال المؤتمر الدولي حول "الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل"، الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والوكالة الوطنية للأمن السيبراني، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وشركة هواوي، وغيرها من الجهات الدولية الفاعلة في مجال التقنيات والأدوات الرقمية.

وحضر الافتتاح، سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم رئيس مجلس الشورى، وسعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التنمية الاجتماعية والأسرة، وسعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل، وسعادة السيد محمد بن علي المناعي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وسعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، وسعادة الشيخ عبدالعزيز بن فيصل بن محمد آل ثاني وزير الدولة للشؤون الداخلية، وسعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية، وعدد من كبار المسؤولين.

وفي هذا الإطار، قالت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان:" إن اختيار موضوع هذا المؤتمر يعكس الأهمية البالغة للذكاء الاصطناعي، وضرورة الفهم العميق لواقعه ومستقبله، اعترافاً بتأثيره المتزايد على التمتع الفعلي بحقوق الإنسان من خلال ما يتيحه من إمكانيات وفرص لتعزيز طائفة واسعة من الحقوق، في مقدمتها الصحة والتعليم والحصول على المعلومات وحرية التعبير والأمان الشخصي، وغيرها من الحقوق".

وأضافت سعادتها أنه "في المقابل تثير الاستخدامات غير الأخلاقية للذكاء الاصطناعي العديد من المخاوف من بينها تفاقم التحيز والتمييز، وتعميق الفجوة الرقمية، وانتهاك الحق في الخصوصية، وزيادة معدلات البطالة الناتجة عن فقدان فرص العمل، فضلاً عن المخاوف بشأن الآثار الخطيرة لبعض الأنظمة التي تشكل تهديداً مباشراً للحق في الحياة، وبناء على ذلك تبرز الحاجة الملحة لاعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان في جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي لضمان الشفافية والرقابة والتقييم والمراجعة والمساءلة وكفالة سبل الانتصاف في جميع حالات الانتهاكات المترتبة على استخدامات الذكاء الاصطناعي".

وأكدت سعادتها أن المؤتمر يأتي انسجاماً مع الأدوار المحورية التي تضطلع بها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لضمان دمج حقوق الإنسان في كافة التدابير المتعلقة بالتكنولوجيا الناشئة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، إذ تتسق هذه الجهود مع النمو المتسارع للتكنولوجيا الحديثة واتساع نطاقها، كما أنها تأخذ في الاعتبار توجهات دولة قطر وجهودها نحو بناء فضاء عالمي للابتكار، وتعزيز البيئة التكنولوجية النابضة بالحياة، بما يُرسخ مكانة الدوحة كواحدة من أهم المراكز العالمية في مجال التكنولوجيا والابتكار.

وتابعت العطية: "ندرك عميقاً الصراع القائم بين نهجين يسعى أحدهما إلى الاستفادة القصوى من إمكانيات الذكاء الاصطناعي، بصرف النظر عن المهددات، بينما يهدف الثاني إلى اتخاذ مقاربة شاملة تضمن التناغم بين أنظمة الذكاء الاصطناعي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان"، موضحة أنه "من خلال مؤتمرنا هذا نؤكد حتمية اختيارنا لنهج يضع حقوق الإنسان وخطة التنمية المستدامة على رأس الأولويات، إذ لا معنى للتكنولوجيا الحديثة بمعزل عن خدمة الإنسان وحماية حقوقه".

ونوهت إلى أن المؤتمر يمثل منبراً مهماً لإثراء المعرفة وتبادل الآراء وتعزيز الحوار بين مختلف أصحاب المصلحة، وذلك بفضل المشاركة النوعية لممثلي الجهات والهيئات والمؤسسات الفاعلة وطنياً وإقليمياً ودولياً، بالإضافة إلى المجتمع المدني والخبراء والمختصين.

وأعربت عن اعتزازها بالمشاركين في المؤتمر من مختلف دول العالم، بما يؤكد على أهمية تنوع الخبرات والثقافات والحضارات، ليس في تعميق النقاش فحسب، بل في فتح آفاق للتفكير المشترك حول الحلول والرؤى المستقبلية.

كما أعربت عن تطلعها إلى أن تسهم مداولات المؤتمر وتوصياته في رسم خارطة طريق لمستقبل الذكاء الاصطناعي على نهج حقوق الإنسان، قائلة بهذا الصدد:" نؤكد عزمنا على المضي قدماً مع جميع شركائنا من أجل تطوير المنظومة الدولية، بما يشمل اعتماد اتفاقية دولية ملزمة بشأن تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي، بما يحقق التوازن المطلوب بين الاستفادة من القدرات المتطورة للتكنولوجيا، وبين حماية الحقوق والكرامة الإنسانية".

من جانبه، قال سعادة السيد محمد بن علي المناعي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات:" إن عالمنا اليوم يشهد لحظة فارقة في العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا، فالذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ابتكار تقني يستخدم لتحسين الخدمات أو رفع الكفاءة، بل أصبح قوة محركة تعيد تشكيل ملامح حياتنا، وتؤثر في قرارات تمس جوهر الكرامة الإنسانية".

وأضاف سعادته:" لقد تجاوزنا مرحلة الانبهار بالإمكانات، وبدأنا نطرح الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالأثر الحقيقي لهذا التقدم، ومن يحمي حقوق الإنسان عندما تصبح الخوارزميات هي من تقرر، وكيف نضمن أن يكون هذا التطور عادلا وشموليا ومسؤولا تجاه كل فرد في المجتمع".

وتابع:" إن أهمية هذا المؤتمر تأتي بوصفه مساحة حوار عالمي، نتشارك فيها المعرفة، ونتبادل التجارب، ونتفق على مبادئ واضحة توجه استخدام الذكاء الاصطناعي بما يخدم الإنسان أولا، ويصون كرامته في كل مرحلة من مراحل التطوير والتطبيق".

وأكد أن الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل؛ الخوارزميات التنبؤية، ونماذج التعلم الآلي، والأنظمة التي تتخذ قرارات تلقائيا، يطرح تحديات كبيرة تتجاوز الجانب التقني فقط، قائلا بهذا السياق:" إننا اليوم أمام واقع جديد تتخذ فيه الآلة قرارات كان يتخذها الإنسان، مثل؛ التوظيف، وتقديم الخدمات، وتقييم الاحتياجات، والأولويات، الأمر الذي يؤكد ضرورة توفير أطر تنظيمية، تضمن أن تبقى مصلحة الإنسان في مقدمة الأولويات".

ونوه سعادة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بإطلاق "المبادئ والإرشادات التوجيهية للتطوير والاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي" والتي تشكل مرجعا وطنيا شاملا يعزز ممارسات التطوير المسؤول والاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، مبينا أن هذه المبادئ تتناول محاور أساسية، مثل؛ تعزيز الشفافية، وضمان العدالة وعدم التمييز، وحماية الخصوصية، والمساءلة، بجانب كونها مصممة لتكون مرجعا توجيهيا بيد المستخدمين والمؤسسات والمطورين ومتخذي القرار.

وقال سعادته:" كما أن التزامنا بالأخلاق والمسؤولية لا يكتمل بدون تحقيق الشمول الرقمي، فلا يمكن اعتبار النظام الرقمي عادلا إذا حرم منه من هم أقل قدرة على الوصول إليه، ولهذا السبب، أطلقت الوزارة مؤشر الشمولية الرقمية في دولة قطر، بعد جهد بحثي معمق، بهدف قياس مدى استفادة جميع فئات المجتمع من الموارد الرقمية، وقد ركزنا فيه على سد الفجوة الرقمية، ومساعدة الفئات التي تحتاج هذه الخدمات بشدة، مثل؛ كبار القدر، وذوي الإعاقة، والعمالة ذات الدخل المحدود"، لافتا إلى أن هذا المؤشر لا يخص دولة قطر فقط، بل يمكن الاستفادة منه في بلدان مختلفة أيضا.

وأضاف المناعي:" أن مسؤوليتنا كصناع قرار، ومطورين، ومشرعين، تتطلب ألا نسابق التطور لمجرد تحقيق التقدم، بل أن نحكمه بأسلوب إنساني واضح، وذلك من خلال تعاون دولي، وتبادل للمعرفة، وتوحيد الجهود نحو تشريعات ومعايير تنظم الذكاء الاصطناعي ليخدم الإنسان أولا".

وأكد أن مستقبل الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون ناجحا إلا إذا كان إنسانيا بالدرجة الأولى، وأن هذا ما يجري العمل على تحقيقه بالتعاون مع الشركاء في مختلف دول العالم.

بدوره، أكد سعادة السيد فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أنه رغم الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي في مجالات مثل؛ الرعاية الصحية، التنمية، والتعليم، إلا أن هناك مخاطر متزايدة تهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية، من أبرزها؛ المراقبة الجماعية، والمعلومات المضللة والخطأ، والصور والفيديوهات المفبركة، والتمييز والتحيز، والتحكم بالمعلومات، والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى التأثير البيئي الكبير بسبب استهلاك الطاقة والموارد في تشغيل الأنظمة وتدريب النماذج.

وأشار سعادته، في فيديو بث خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلى 4 توصيات، وهي؛ ضرورة تطوير أطر قانونية قوية تضمن سلامة وشفافية ومساءلة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وسد الفجوة الرقمية وتوفير بنية تحتية رقمية شاملة، وإشراك جميع فئات المجتمع، وليس الحكومات والشركات فقط، في حوكمة الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى التأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يستخدم بما يعزز قيم حقوق الإنسان العالمية.

من جهتها، قالت سعادة السيدة آمنة بوعياش، رئيس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان:" إن موضوع المؤتمر راهني بامتياز، ويحظى بزخم متصاعد، وتطوراته المتسارعة تؤثر في كل مناحي الحياة"، مشيرة إلى أن المرحلة الحالية حاسمة، والبشرية عند مفترق طرق جديد في مسار تطورها، خاصة أن الثورة الرقمية والتكنولوجيات المتقدمة، ونظم الذكاء الاصطناعي، باتت تعيد تشكيل عالمنا، وتؤثر بعمق في حياتنا اليومية، وفي أساليب تدبيرنا لمجتمعاتنا ومؤسساتنا.
وأضافت أن "الابتكار لم يعد ترفا، بل أصبح وقودا لخدمات ذكية ذات جودة وفعالية غير مسبوقتين، وأنه لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن اكتشاف جديد أو ابتكار مذهل في مختلف المجالات، ما يدفع إلى التأمل بعمق، والتساؤل حول مواكبة التقدم بما يكفي من وعي ومسؤولية".
ولفتت إلى أنه بالرغم من تزايد الفرص، فإنها تكشف عن فوارق مذهلة بين الدول والمجتمعات، قائلة بهذا الصدد: "بينما تستفيد بعض الدول ومواطنيها بشكل مباشر من هذا التقدم، لا تزال دول أخرى في طور البحث عن طريقها، في حين تبقى فئات ثالثة على هامش هذا التحول الكبير، مهددة بمزيد من الإقصاء والتهميش".
من جانبه أكد سعادة السيد محمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، أن التقدم الهائل الذي نشهده في مجال الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته إمكانات غير مسبوقة لتحقيق التنمية والرخاء والارتقاء بحياة الإنسان في شتى المجالات، ولكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات أخلاقية وقانونية معقدة، وتحديات عميقة تمس جوهر حقوق الإنسان الأساسية، لا سيما وأن الاستخدام غير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى المساس بالحق في الخصوصية، وتكريس التمييز والإقصاء الاجتماعي، وتهديد الحق في العدالة والكرامة الإنسانية.
وأوضح سعادته أن الرهان اليوم لا يكمن فقط في تطوير هذه التكنولوجيا، بل في كيفية توظيفها واستخدامها بشكل آمن، وبما يحمي القيم المجتمعية وحقوق الإنسان الأساسية، مشيرا إلى أن الجانب الأكبر من هذه المسؤولية يقع على عاتق البرلمانيين في مختلف أنحاء العالم، لأن نقطة البداية في تحقيق الاستخدام الآمن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تكمن بوجود تشريعات وطنية تنظم استخدامات هذه التكنولوجيا، بما يتلاءم مع منظومة القيم الخاصة بكل دولة وأولوياتها التنموية، ومتطلبات أمنها القومي والمجتمعي.
وقال:" أصدر قبل ثلاثة أعوام أول قانون عربي في مجال الذكاء الاصطناعي، لكي تسترشد به الدول العربية في سن تشريعاتها الوطنية ذات الصلة من أجل ضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التكنولوجيا، ومع التسليم بأهمية التشريعات الوطنية في تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي، فإن العالم في حاجة ماسة أيضا إلى إطار قانوني دولي ملزم يضبط هذا المجال الحيوي، ويوجه استخداماته نحو خدمة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان وصون الكرامة البشرية".
وشدد اليماحي على أهمية التوصل إلى اتفاقية دولية شاملة وملزمة، تنظم استخدامات الذكاء الاصطناعي، وكذلك على أهمية التوصل إلى ميثاق شرف أخلاقي عالمي يضع الضوابط الأخلاقية والإنسانية اللازمة لدرء مخاطره المحتملة، مع وضع أية اتفاقات أو مواثيق دولية ضمانات بألا تكون هذه التكنولوجيا حكرا على دول بعينها أو على كيانات تكنولوجية كبرى.
ونبه إلى ضرورة وضع ضوابط تنظم استخدام هذه التكنولوجيا في النواحي العسكرية، قائلا: "في ظل الحديث عن مخاطر الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان، فإن ما يقوم به كيان الاحتلال الغاشم في قطاع غزة على مدار أكثر من عام ونصف، من توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة عمليات القتل الجماعي والاستهداف العسكري للمدنيين العزل والأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات، يقدم للعالم نموذجا صارخا لكيفية استخدام الأنظمة الذكية في سلب أهم حق من حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة، كما يكشف في الوقت ذاته عن وجه جديد وقبيح من وجوه جرائم الحرب التي يرتكبها كيان الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني".

إلى ذلك، اعتبر سعادة المهندس عبدالرحمن بن علي الفراهيد المالكي رئيس الوكالة الوطنية للأمن السيبراني، موضوع المؤتمر، أحد أهم المواضيع على الساحة التكنولوجية المحلية والعالمية، خاصة أن العالم يشهد تحولا غير مسبوق في الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والناشئة التي باتت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومن أبرزها الذكاء الاصطناعي وبالأخص التوليدي الذي أظهر قدرات مذهلة وفتح آفاقا واسعة، لكنه في الوقت ذاته طرح تحديات حقيقية على الأفراد والمجتمعات.
وأكد سعادته أن دولة قطر أولت اهتماماً بالغاً لمواكبة هذه التحولات التكنولوجية ومواجهة التحديات المصاحبة لها، وانعكس ذلك في استراتيجياتها الوطنية، مثل استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة والاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، حيث تم التركيز على تسخير التكنولوجيا لتعزيز التنمية، مع الحرص على الحد من مخاطرها لتوفير فضاء سيبراني آمن.
وقال "إن الوكالة الوطنية للأمن السيبراني قامت العام الماضي بإصدار مبادئ توجيهية للمؤسسات تساعدهم على تطبيق الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة وفعالة، وتوضح للمستخدمين المخاطر والتهديدات التي قد تنشأ جراء استخدام التقنيات الحديثة، وتساعدهم كذلك على إيجاد الحلول للمشاكل المصاحبة لهذا التطور الرقمي المتسارع"، مضيفا "نتابع كافة التطورات العالمية في هذا الشأن، ونعمل بشكل مستمر من أجل مواكبة أحدث التطورات في كافة المجالات التكنولوجية".
وأبرز أن الوكالة الوطنية للأمن السيبراني تدرك أن رحلة تعزيز الإمكانات ورفع مستوى الجاهزية السيبرانية وبناء القدرات لدى الجهات ليست رحلة سهلة، بل تعد رحلة مستمرة ومليئة بالتحديات، حيث ترى الأمن السيبراني لا يشكل عقبة للتحول الرقمي بل هو عامل تمكين له، وعنصر أساسي في تحقيق التحول الرقمي الآمن، وضمان سلامة وحماية البنية التحتية الرقمية للجهات والأفراد، منوها إلى أن دولة قطر كانت من أوائل الدول التي بادرت بإصدار قانون حماية خصوصية البيانات الشخصية، والذي يكفل خصوصية البيانات الشخصية للأفراد والمجتمع، بما يعكس التزام الدولة بحماية حقوق الأفراد الرقمية في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة.
وبين رئيس الوكالة الوطنية للأمن السيبراني أن أهمية هذا القانون تزداد مع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي الذي يتعامل مع كم هائل من البيانات الشخصية، ما يجعل حماية الخصوصية الرقمية من الحقوق المهمة للإنسان، وهذا ما ينسجم بشكل كامل مع رؤية قطر الوطنية 2030، ويعزز من أمان المجتمع وتماسكه الاجتماعي واحترام حقوق الأفراد في العصر الرقمي، كما أنه يولي أهمية خاصة للبنية التحتية الاقتصادية القائمة على المعرفة والتكنولوجيا، من خلال ترسيخ بيئة تشريعية تحفز الثقة في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
من جهتها، أكدت سعادة الدكتورة ماري قعوار مدير المركز الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن العالم اليوم يشهد تقدماً تكنولوجياً غير مسبوق، إذ أصبح الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل جميع جوانب الحياة.
وقالت سعادتها، في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر، "إنه بناء على تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن التنمية البشرية المنشور مؤخراً، فإنه يتوقع نحو 70 بالمئة من سكان الدول ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفض أو المتوسط، أن يعزز الذكاء الاصطناعي من إنتاجيتهم، فيما يتوقع ثلثاهم استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم أو الصحة أو العمل في العام المقبل"، مبينة أنه من أجل تحقيق هذه الإمكانات، فإن التقرير يحدد ثلاثة مجالات عمل حاسمة، وهي: تعزيز التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي بدلا من التنافس، وضمان دور الإنسان في جميع مناحي تطوير الذكاء الاصطناعي من التصميم إلى النشر، وتحديث أنظمة التعليم والصحة لتتماشى مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.
واعتبرت أن الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على تسريع التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بجانب إحداث تأثير اقتصادي إيجابي كبير على حياة الناس، فيما يمكن للذكاء الاصطناعي في المقابل، أن يفاقم التمييز ويعزز التحيز ويعمق المراقبة الأمنية ويرسخ عدم المساواة، مشيرة إلى أن تحديات الذكاء الاصطناعي قد تتجلى بشكل خاص في المنطقة العربية، إذ تواجه الحكومات والمجتمعات تحولًا رقميًا سريعًا، إلى جانب تحديات التنمية وحقوق الإنسان المستمرة.
وشددت سعادتها، في ختام كلمتها، على أهمية الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، خاصة أنه في جوهره يتمحور حول الإنسان، وينبغي أن ترتكز تطبيقاته على حقوق الإنسان.