600 يوم على نزاع غزة: هل لا يزال هناك أمل لإنهاء المواجهة؟

600 يوم على نزاع غزة: هل لا يزال هناك أمل لإنهاء المواجهة؟

بعد 600 يوم من حرب الإبادة، يجد الغزيون أنفسهم في مهب رياح جبهات متعددة، ليست أولها المجاعة المستشرية كوباء، ولا آخرها المراوغة الإسرائيلية في الاستجابة لإرادة المجتمع الدولي، ورغبته في انهاء الحرب.

وفيما تحصد مقاتلات الكيان الإسرائيلي الحربية أرواح آلاف الفلسطينيين في غزة، وتواصل مدافعها الثقيلة دك ما تبقى فيها من مبان وخيام ومراكز إيواء، ينشغل قادته في كيفية الخروج من بين الأشلاء المقطعة والدم المسفوك، بـ «رايات نصر» إذ لا ينفك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن التلويح بأن الحرب مستمرة حتى تحقيق النصر المطلق.
600 يوم لم يهنأ الفلسطينيون خلالها سوى بهدنة إنسانية تحققت بجهود قطرية، لكن لم يكتب لها أن تستمر طويلاً.

ولا زالت المواجهة مع الكيان، متأججة، بأبعاد تتجاوز مسرح القتال على الأرض، لتطال غرف المفاوضات، إذ تبذل الدوحة مع الوسطاء، جهوداً كبيرة لإخماد لهيب النار، بينما يصر قادة الاحتلال ليس فقط على مفاوضات تحت النار، بل وعلى «هدنة تحت النار» من خلال تثبيت «قواعد اشتباك» حتى في ظل أي حل سياسي.
ويقرأ سياسيون في اندفاعة النار المستعرة في قطاع غزة، والتي توقع مع كل غارة المزيد من الشهداء والجرحى، ما يشبه معركة موازية يديرها كيان الاحتلال، كتعويض عن أي تنازلات محتملة أمام الضغط القطري المصري الأمريكي، إذ لا زالت سحب الدخان تلف غزة، فيما زنّار الجوع يطوق أجساد الغزيين.

وحتى في ظل الحديث مجدداً عن اتفاق وشيك، وتسوية سياسية محتملة لحرب غزة، يصر كيان الاحتلال على عزل المسار السياسي عن ما يجري في غزة من حرب إبادة وتجويع وترويع، وحتى في ظل ضغط الشارع الإسرائيلي لوقفها، ووصف وسائل إعلام إسرائيلية المشهد الكارثي القادم من غزة، بأنه «جريمة حرب وإبادة جماعية، ووصمة عار لا تمحى» وفق تعبيرها.
ويخشى مراقبون من أن يقفل نتنياهو التسوية المنتظرة قبل أن تبدأ، والضغط على زر تفجيرها بأي لحظة، إذ بدت تصريحاته «الاستمرار في الحرب حتى تحقيق النصر المطلق» كمن يضع أقفالا أمام الحل السياسي، ففي الوقت الذي انشدت فيه العيون إلى الدوحة، وقرب التوصل إلى هدنة ثانية، كانت غزة تسير فوق الجمر، والشهداء يسقطون في كل مكان.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مهند عبد الحميد، أن تنامي الرغبة الدولية والرأي العام العالمي، وميول أكثر من 62% من الشارع الإسرائيلي باتجاه إنهاء الحرب، فضلاً عن تفضيل الإدارة الأمريكية للتسوية السياسية، كل هذه عوامل تعزز الخيار السياسي لحرب غزة.

لكن عبد الحميد أشار إلى خطة نتنياهو العسكرية، المنادية بتدمير ما تبقى من غزة، وتهجير أهلها، مرجحاً المضي بهذه الخطة لترجمتها على الأرض، بصرف النظر عن المساعي الدبلوماسية، موضحاً: « الاحتلال لا زال يضع العراقيل أمام الجهود السياسية، ويواصل حرب الإبادة، كما لو أنه في شريعة غاب».
وفيما تم التعاطي مع المقترح الذي قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، على أنه امتداد لرغبة الرئيس ترامب في إنهاء الحرب على غزة، بدا من الصعب بحسب أوساط سياسية، عزل أجواء «التفاؤل» بقرب التوصل إلى صفقة، عن المنعطف الذي دخلته الحرب، ربطاً بمآل اتفاق 19 يناير الماضي.