«التمييز» تثبت ملكية عقار لأم وبناتها

■ المحامي محمد الهاجري: مبدأ عدم رجعية القوانين الجديدة لا ينطبق على الحالات المستقرة
■ المورث لم يسجل ملكيته للعقار والقانون يثبت حيازته له
قضت محكمة التمييز بأحقية أم وبناتها في إثبات ملكية عقار تركه لهنّ المورث بعد وفاته، وأنّ القضاء حكم بنقل ملكيته لهنّ لأنه كان يقطنه طوال حياته، رغم أنه لم يسجله قبل وفاته، وكان يملكه وفق شروط الحيازة والتقادم المكسب للعقار محل التداعي.
وحكمت المحكمة بإلغاء حكم أول درجة بتسليم العقار لأنه غير مثبت في ملكية المورث، وقضت بأحقيتهنّ له.
تفيد الوقائع أنّ أماً وبناتها أقمنّ دعواهنّ أمام محكمة التمييز، طالبنّ بإثبات حيازة مورثهم لعقار وتسجيله باسم الورثة.
وأنّ الدعوى تفيد أنّ شخصاً انحصر إرثه في ورثته الشرعيين، وقبل أكثر من 40 عاماً اشترى المورث عقاراً لكنه لم يكمل إجراءات تسجيل العقار في حينها، ولم يكن لديه إلا خارطة للعقار دون عليها بيانات العقار واسم مالك العقار، وسكن فيه لفترة ثم أجّره لعدد من المستأجرين، وبعد وفاته انتقلت حيازته لعقار ورثته وظلوا يستلمون إيجار العقار بعد ذلك.
واكتشف الورثة بعد وفاة مورثهم أنّ العقار ليس مسجلاً ضمن إرثه، وبمراجعة الجهات المختصة تبين أنّ العقار موضوع الدعوى لم يتم تسجيله، ولم يتم نقل العقار لا باسم المورث ولا باسم البائع.
وقدم عدد من أفراد المورث طلباً بإخلاء العقار محل التداعي من الشواغل والشاغلين لانتهاء استضافتهم على سبيل التسامح وتسليم العقار، وإلزامهم أن يؤدوا للمدعين فرعياً تعويضاً قدره 5 ملايين ريال عن حرمان المدعين من الانتفاع بالعقار.
وحكمت محكمة الاستئناف على المدعين بإلزام المدعى عليهم بتسليم العقار خالياً من الشواغل والشاغلين، وإلزامهم أن يؤدوا للمدعين مبلغاً قدره 50 ألف ريال كتعويض جابر للأضرار، ويتم توريد المبلغ لحساب مورثة المدعين.
وطعنت أسرة المورث على الحكم أمام محكمة التمييز وقضت بتميز الحكم وإحالتها لمحكمة الاستئناف مرة أخرى، وأسست قضاءها على الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب وأنّ الأسرة تمسكت بحقها في حيازة العقار نظراً للمدة الطويلة المكسبة للملكية.
وتولى المحامي محمد ماجد الهاجري الوكيل القانوني لأسرة المورث تقديم مذكرة قانونية مشفوعة بالأسانيد والشواهد التي تثبت أحقيتها بالملكية.
وجاء في المذكرة أنّ تقرير الخبير القضائي يبين أنّ المورث قام بتوصيل شبكة المياه للعقار، وقام بتأجيره لعدد من الأشخاص مما يدل انّ العقار كان في حيازته، علماً بأنّ المورث لديه عقارات أخرى قام بتسجيلها ولكنه لم يفطن للعقار محل التداعي.
والمستقر في قضاء محكمة التمييز أنّ التملك هو واقعة مادية، ويكفي لقيام التملك توافر الحيازة المستوفية لشروطها القانونية التي نص عليها القانون سواء استند الحائز إلى سبب في وضع يده أم تحررت من السبب المبرر للحيازة.
وقال المحامي محمد ماجد الهاجري: إنّ الدعوى القانونية ركزت على إثبات الحيازة للعقار، ونظراً لعدم وجود أوراق تثبت البيع ولكن ظلت حيازته طيلة الـ 40 عاماً، وهذه الحيازة بقصد التملك ومستوفية للشروط وفقاً لشروط التقادم المكسب وفق القانون المدني.
وأضاف أنّ الدفاع الجوهري تمثل في الشهود الذين أكدوا حيازة المورث للعقار، مشيراً إلى أنّ القانون رقم 5 لسنة 2024 لا يسري بأثر رجعي وأنّ الحيازة المكسبة اكتملت قبل نفاذه.
وقال: لقد استندنا في مذكرتنا إلى مبدأ عدم رجعية القوانين الجديدة على الوقائع المستقرة، ولا ينفي الحقوق المكتسبة قبل صدور القانون، والقانون الجديد لا ينطبق على هذه الحالة والذي أيدته محكمة الاستئناف الثانية.
والمبادئ القانونية هي: شروط تطبيق قوانين الحيازة والتقادم المكسب، واختصاص المحكمة المدنية بدعاوى الحيازة، وعدم رجعية القانون رقم 5 لسنة 2024 على الحيازات المكتملة قبل نفاذه، وأنه بعد 3 سنوات من العمل القانوني الدؤوب تمكنت الأسرة من حيازة العقار.
وورد في حيثيات الحكم أنّ المورث حائز للعقار، وألغت المحكمة حكم محكمة الاستئناف بتسليم العقار ورفضت الموضوع.
وقضت محكمة الاستئناف الثانية بأحقية المورث في حيازة العقار وبالتالي ينتقل إلى الورثة.
وحكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم والقضاء مجدداً بإثبات حيازة المورث للعقار وتسجيله باسم الورثة.