مختصون لـ “الشرق”: تحليل سوق العمل ضروري قبل تحديد التخصص الجامعي

مع بداية الإجازة الصيفية يبدأ الشباب بالتفكير في خياراتهم الأكاديمية، وكيفية إكمال مساراتهم لتحقيق طموحاتهم المهنية المستقبلية، ودور اهتماماتهم وميولهم في تشكيل الواقع المهني.
أكد مختصون في لقاءات للشرق أنّ الإجازة الصيفية فرصة أمام الشباب لدراسة ذواتهم ورغباتهم، بما يتوافق مع الواقع المهني، وأنّ اختيار التخصص والوظيفة يتطلب دراسة متأنية لاحتياجات السوق والقدرات الشخصية مع التركيز على زيادة الشغف حتى يتمكنوا من قيادة المستقبل بتخصصات علمية مطلوبة لحل المشكلات والتحديات التي قد تواجه الغد.
وقالوا إنّ تحديد الخيارات الأكاديمية للتخصصات لابد أن تراعي الواقع الوظيفي ومتطلبات سوق العمل والمداخيل المالية والمميزات المادية والوظيفية، التي قد توفرها الوظائف إلى جانب تعزيز القدرات الرقمية والإمكانيات التكنولوجية لأنها من علوم المستقبل وباتت ضرورية وحاجة ملحة.
وأشاروا إلى أنّ كل شاب عليه دراسة نقاط الضعف والقوة في شخصيته أولاً، وتحديد ميوله وفق متطلبات الواقع الوظيفي، وألا يقبل على تخصص أو دراسة ما يسبب للطالب خلال سنوات دراسته تعثراً أكاديمياً يؤثر على نفسيته وحياته الاجتماعية.
استكشاف الميول العلمية
وأوضح الدكتور أحمد الساعي أستاذ تكنولوجيا التعليم بجامعة قطر أنّ دراسة الإمكانيات الذاتية والقدرات الشخصية أمر ضروري جداً لكل طالب حتى يعرف ميوله نحو علم من العلوم قبل قرار اختيار التخصص او اختيار الجامعة التي يرغب فيها، لأنّ البعض لديهم ميول إبداعية وابتكارية وآخرون لديهم ميول علمية وبحثية وكل إنسان يختلف عن الآخر حسب قدراته وميوله، فمثلاً تخصص الرياضيات يتطلب مهارات علمية وحسابية، وتخصص إدارة الأعمال يتطلب مهارات قيادية.
وكل طالب عليه أن يجلس مع نفسه أولاً ويسأل ذاته عن الاحتياجات الحالية والمستقبلية، ويعرف ميوله ورغباته قبل أن يلتحق بالتخصص، ثم يناقش أمر التخصص والدراسة الجامعية مع والديه ويدرس احتياجات الدولة وسوق العمل، مضيفاً أنه ينبغي على الطالب أخذ المشورة من معلم ذي خبرة أو شخص في أسرته يمكن أن يشاركه الرأي.
وعن دور الوالدين أكد أنّ دور الأب والأم ضروري ليكون أرضية يستقر عليها قرار الطالب، وألا يجبرانه على دراسة علم دون غيره حتى لا يتعثر في المسار ولا يخسر سنوات من حياته ثم يترك التخصص بعد مضيّ فترة من الزمن، فالتوجيه الأسري مطلوب إلى جانب دراسة سوق الوظائف المستقبلية وحاجة الدولة لمجال دون غيره خاصة مع تقلب السوق وظهور تخصصات وعلوم جديدة باتت مطلباً ملحاً اليوم.
وأشار إلى أنه اليوم برزت تخصصات تفرض نفسها في خيارات الأبناء منها الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وعلى الطالب أن يدرس العلم الرئيسي وهو تكنولوجيا المعلومات الذي تفرعت منه كل تلك العلوم.
تخصصات ضرورية لسوق العمل
وأكدت السيدة نور حسن كمال صالح مدير أول تطوير مواهب وطنية في الخطوط الجوية القطرية أنّ معرفة الطالب برغباته ومهاراته الشخصية أمر أساسي قبل اختيار الدراسة الجامعية، حتى لا يبدأ مساره ثم يتوقف في منتصف الطريق.
وقالت إنّ كل التخصصات ضرورية وحيوية ومطلوبة في سوق العمل، ولا توجد أفضلية لتخصص أو مجال علمي على آخر، لأنّ كل العلوم والمعارف تعد مطلباً مهماً لقطاعات العمل اليوم، أما من يحدد نوع الخيار الشخصي أو الرغبة الذاتية في دراسة تخصص دون آخر يحددها الطالب نفسه مستنداً إلى ميوله وآرائه الشخصية عنها ثم يرجع في قراراته إلى والديه وأسرته واحتياجات السوق المحلي.
ومن وجهة نظري أنّ التخصص الذي يطمح إليه كل إنسان هو الذي يلبي فضوله ويشبع ذاته ويرضي تطلعاته ويتيح أمامه الابتكار والإبداع ثم يستشير أسرته ومحيطه الاجتماعي في التخصص الذي ينوي دراسته.
وأكدت أنّ الذكاء الاجتماعي والمهارات الشخصية وقوة الرغبة والإرادة هي التي تحدد للإنسان قوته ونجاحه وتميزه في تخصص دون غيره، لأنّ العلوم تدرس بطريقتين نظرية وعملية أما الإنسان فلابد أن تكون لديه مهاراته وأسلوبه الشخصي قبل اختيار التخصص حتى يبدع وينجح فيه.
برامج معايشة مهنية
قالت السيدة عائشة راشد المهندي رائدة أعمال وفنانة تشكيلية إنّ الشباب اليوم أمامهم قنوات عديدة تمكنهم من تحديد خياراتهم وشغفهم الدراسي، فالعديد من الوزارات ومركز قطر المهني وقطاع المال ينظم مخيمات صيفية وبرامج معايشة مهنية تتيح للطلاب الانضمام إلى تلك البرامج ليتعرفوا على ميولهم، وتساعدهم في تحديد وجهاتهم وتزيد من شغفهم العلمي والبحثي أيضاً، مضيفة ً أنه لدى جامعة قطر إدارة الإرشاد الأكاديمي التي تعمل على توجيه مدخلات التعليم وفق التخصصات المتاحة وأنّ كل طالب أمامه 3 تخصصات مناسبة لميوله، وهي دراسة تتم وفق معايير دولية لتساعد الطالب على تحديد رغبته.
وأضافت أنّ عصر اليوم هو عصر الاكتشافات العلمية المذهلة وثورة المعلومات الإلكترونية والأجهزة الرقمية وصار بإمكان كل طالب أن يتعرف على ميوله وشغفه من خلال كل التقنيات المحيطة به إلى جانب أخذ مشورة الوالدين والأسرة عند تحديد مستقبله الأكاديمي، وما وفرته الدولة أيضاً من قنوات إرشادية مجتمعية بحيث صار أمر تحديد التخصص المستقبلي أسهل من ذي قبل.
دور مركز قطر المهني
وقالت السيدة هند المهندي إعلامية وكاتبة: إنّ مؤسسات الدولة هيأت لأبنائها الطلاب سبل اختيار التخصص والجامعة والبلد الذي ينوون إكمال مسيرتهم الأكاديمية فيه من خلال برامج معايشة مهنية تحاكي واقع الوظائف المتاح في القطاعات الحكومية والخاصة، وتتيح أمامهم تجربة كل موقع من مواقع العمل ثم يبدأ في تحديد رغبته نحو تخصص أو علم ينوي إكمال حياته الذهنية والفكرية فيه.
وأشارت إلى أنّ مركز قطر المهني بمؤسسة قطر يحرص على إقامة دورات معايشة وظيفية في أماكن العمل لتمكن الطلاب من تحديد خياراتهم ومساراتهم قبل الدخول إلى التخصص.
وأضافت أنّ الشاب يقع على عاتقه بالدرجة الأولى اختيار ما يناسبه حتى يعطي في مكان العمل مستقبلاً، ثم يأتي دور الوالدين في تقديم النصح والإرشاد، وبعدها دور المراكز الشبابية في تهيئة الطلاب نفسياً وذهنياً للدخول في مرحلة الدراسة الجامعية.
دراسة الخيارات المستقبلية
وقال المحامي شاكر عبد السميع إنّ الفترة الصيفية فرصة مناسبة للأبناء ليدرسوا خياراتهم المستقبلية ليتعرفوا على رغباتهم وطموحاتهم وهواياتهم وذلك من خلال إجراء دراسة دقيقة لقياس الإرادة والتطلعات والقدرة على تحقيق شيء منجز ومؤثر.
وأضاف أنّ تخصصات القانون التكنولوجيا والعلوم الحيوية والمختبرات والتحول الرقمي باتت مطلوبة في عالمنا اليوم وذلك مع التوسع الاقتصادي والنمو السكاني وانفتاح العالم على ابتكارات جديدة تشكل ثورة معلوماتية أنتجت معارف حديثة.