دور الإعلام في تعزيز جهود الرعاية الصحية للمواطنين في جلسة بحثية بمؤتمر إعلام القاهرة

دور الإعلام في تعزيز جهود الرعاية الصحية للمواطنين في جلسة بحثية بمؤتمر إعلام القاهرة

راجية قنديل: هناك خلط شائع بين التعريفات الخاصة بالامراض النفسية والعقلية ما يستدعي توعية إعلامية دقيقة
نرمين علي عجوة: نشر الثقافة الصحية النفسيه في المجتمع المصري ضروري لدعم تقدمه ورفع مستوى الوعي العام

انطلقت ظهر اليوم فعاليات الجلسة البحثية الأولى فعاليات اليوم الأول لمؤتمر كلية الإعلام جامعة القاهرة العلمي الدولي الثلاثين تحت عنوان “الإعلام وتعزيز جهود الرعاية الصحية للمواطنين”، والتي تأتي ضمن فعاليات مؤتمر هذا العام الذي يقام تحت عنوان “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة”، والذي يناقش عددًا من القضايا المرتبطة بالصحة والطب ودور وسائل الإعلام في التوعية في هذا المجال، وذلك برئاسة الدكتورة راجية قنديل، والدكتورة نرمين علي عجوة معقبا، والدكتور مسعد صالخ مقرر للجلسة.

وفي مستهل فعاليات الجلسة البحثية، قالت الدكتورة راجية قنديل، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة،إن هناك حاجة ملحة لتصحيح المفاهيم المغلوطة حول الأمراض النفسية والعقلية، حيث لا يزال الكثير من أفراد المجتمع يخلطون بينهما، مما يؤثر سلبًا على طرق العلاج والتعامل معها، مؤكدة أن الإعلام يمتلك قوة حقيقية في تغيير هذه النظرة وإيصال الرسائل التوعوية الصحيحة التي تدعم الصحة النفسية وتعزز تقبل المجتمع لمن يعانون من اضطرابات نفسية.
وعقب ذلك، تضمنت الجلسة عدداً من البحوث المقدمة، حول توظيف الاتصال في مواجهة الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي بالمجتمع، و دور الإعلام الرقمي في نشر الوعي بقضايا الصحة النفسية لدى الجمهور المصري، وكذلك دور الإعلام التقليدي والرقمي في تعزيز الاتصال الصحي لتحقيق التنمية المستدامة في إطار التشريعات الوطنية والدولية، بالإضافة الى دور الأفلام السينمائية المصرية والأجنبية في تشكيل وعي الشباب المصري نحو الاضطرابات النفسية والعصبية.

بدورها، عقبت الدكتورة نرمين علي عجوة، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والمعقب على الجلسة، عقب انتهاء عروض البحوث في الجلسة، معربة عن تقديرها لأهمية مناقشة هذه القضايا الحيوية، وعلى اهمية نشر الثقافه الصحية النفسيه في المجتمع المصري لما يعود على تقدم المجتمع المصري، معربةً عن سعادتها بالمستوى العلمي الذي تم طرحه في النقاشات، وداعيةً إلى الاستمرار في دعم البحث العلمي وتبادل الأفكار لتحقيق أفضل النتائج دون تكرار.

وحول ما عرضته البحوث المقدمة خلال الجلسة، فقد خلصت نتائج دراسة الدكتورة أسماء فؤاد، أستاذ الإعلام المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، تحت عنوان “توظيف الاتصال في مواجهة الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي بالمجتمع المصري”، إلى أن نسبة كبيرة من المشاركين عانوا من اضطرابات نفسية، شملت صعوبة التعامل مع الآخرين، وتقلب المزاج، وتأثير الحالة النفسية على الصحة الجسدية، ووصلت في بعض الحالات إلى التفكير بالانتحار نتيجة الاكتئاب الشديد.

كما أظهرت النتائج أن العديد من الأشخاص يترددون في اللجوء للعلاج النفسي بسبب عدم الثقة بالمعالجين أو الخوف من النظرة المجتمعية للمرض النفسي، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على صحتهم النفسية، إضافةً إلى ذلك، أكدت الدراسة أن وسائل الإعلام تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز الصورة السلبية عن المرض النفسي، حيث يرى معظم المشاركين أن الإعلام لا ينقل صورة واقعية، بل يساهم في نشر مفاهيم مغلوطة تؤدي إلى ترسيخ الوصمة الاجتماعية.

بينما خلصت نتائج دراسة الدكتورة الزهراء أحمد رشاد، مدرس الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، تحت عنوان “دور الإعلام الرقمي في نشر الوعي بقضايا الصحة النفسية لدى الجمهور المصري.”، إلى أن الإعلام الرقمي يساهم في تعزيز الوعي بقضايا الصحة النفسية، حيث ساهم بنسبة كبيرة في تحسين الصحة النفسية للأفراد والتعرف على مفهومها، كما يساعد الإعلام في التكيف مع مشكلات وضغوط الحياة، إلا أن بعض المحتويات الإعلامية التي تعرض أنماط حياة مرفهة تسببت في شعور بالإحباط لدى نسبة ملحوظة من المشاهدين، وخاصة من الطبقات المتوسطة والأقل دخلاً، مما قد يؤدي إلى مشكلات نفسية مثل الاكتئاب.

وأكدت نتائج الدراسة المشار إليها على أهمية وسائل الإعلام في نشر الوعي بالأمراض النفسية المختلفة وأعراضها، وذلك من خلال محتوى متنوع يشمل مواد مسموعة، مقروءة ومرئية تعكس معاناة المرضى النفسيين وتوضح أعراض اضطراباتهم، وكذلك أظهرت أن نسبة كبيرة من المبحوثين تتابع الصفحات المتخصصة في قضايا الصحة النفسية، مما يبرز دور الإعلام الرقمي في نشر المعلومات الطبية وتعزيز الفهم حول الطب النفسي.

بينما خلصت نتائج دراسة الدكتور نزيه محمد علي، مدرس القانون الدولي العام المنتدب بكلية الحقوق جامعة القاهرة فرع الخرطوم، تحت عنوان ” دور الإعلام التقليدي والرقمي في تعزيز الاتصال الصحي لتحقيق التنمية المستدامة في إطار التشريعات الوطنية والدولية”، إلى أن التشريعات المنظمة للإعلام الصحي الرقمي في مصر لا تزال تحتاج للتطوير والمواكبة للحاق بالدول المتقدمة، حيث تفتقر القوانين الحالية إلى آليات صارمة لمراقبة المحتوى الصحي المنشور عبر الإنترنت، مما يسمح بانتشار الشائعات والمعلومات المضللة، كما لا توجد هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الإعلام الصحي، على غرار الوكالات الدولية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) التي تراقب صحة المعلومات المقدمة للمستهلكين، وكذلك وسائل الإعلام التي تبث معلومات صحية كاذبة أو مضللة لا تواجه عقوبات صارمة، مما يشجع بعض الجهات على نشر أخبار غير دقيقة لأغراض تسويقية أو دعائية.

ولفتت الدراسة المعروضة إلى أن التشريعات المصرية لا توفر حماية كافية للبيانات الصحية الرقمية مقارنة باللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، مما يعرض خصوصية المرضى للخطر، وأن المؤسسات الإعلامية في مصر ليست ملزمة بإجراء مراجعات علمية دقيقة قبل نشر المعلومات الصحية.