منى الحديدي: نحتاج لمواجهة ظواهر اختراع المصطلحات الوهمية وتقديم وعيا مجتمعيا وإعلاميا واسعا

منى الحديدي: نحتاج لمواجهة ظواهر اختراع المصطلحات الوهمية وتقديم وعيا مجتمعيا وإعلاميا واسعا

حسن علي: الفيديوهات القصيرة أصبحت طلقات رصاص.. والتسويق غيّب الأخلاقيات.. وأماني فهمي: الهواتف الذكية أصبحت سلطة وتأثير قوية وقد تستخدم بشكل خاطئ

انطلقت فعاليات الحلقة النقاشية الأولى بعنوان “مؤثرو مواقع التواصل الاجتماعي ونشر الوعي الصحي”، ضمن فعاليات اليوم الأول لمؤتمر كلية الإعلام جامعة القاهرة العلمي الدولي الثلاثين “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة” والذي يناقش عددًا من القضايا المرتبطة بالصحة والطب ودور وسائل الإعلام في التوعية في هذا المجال.

وقال الدكتور حسن علي، عميد كلية الإعلام بجامعة المدينة، إن مفهوم “المؤثر” لم يظهر مع مواقع التواصل الاجتماعي، بل كان قائمًا في المجتمع بشكل غير رقمي، إلا أن الإنترنت والتطبيقات الحديثة أعطت المفهوم بُعدًا جديدًا قائمًا على الانتشار السريع دون ضوابط.
وأوضح الدكتور حسن علي، أن الإنترنت يدعم من يحقق أعلى نسب مشاهدات، وليس من يمتلك خبرة أو علمًا، مشيرًا إلى أن الفيديوهات القصيرة باتت “طلقات رصاص” من حيث السرعة والقوة في التأثير، ما أدى إلى بروز ظاهرة “المؤثر الترند” الذي يظهر سريعًا ويختفي دون أثر حقيقي.
أكد أن بعض المؤثرين يروّجون لمنتجات طبية مقابل المال، حتى لو كانت تضر بالصحة العامة، وهو ما أدى إلى تآكل منظومة الأخلاقيات، فضلًا عن حملات تشويه ممنهجة ضد الأطباء المصريين.
من جانبها، أوضحت الدكتورة أماني فهمي، عميدة كلية الإعلام بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، أن كل من يحمل هاتفًا أصبح قادرًا على التأثير والتوجيه دون أي أساس علمي أو مسؤولية، محذرة من تصاعد الترويج غير المدروس لمنتجات مثل أدوية التخسيس عبر الإنترنت.
أشادت في المقابل بجهود الأطباء المصريين على السوشيال ميديا في نشر التوعية، مؤكدة أن المجتمع بحاجة إلى مواطنين أكثر وعيًا، خاصة في ظل ارتفاع نسب الأمية.
وفي مداخلة بعنوان “السلوكيات الغذائية للمؤثرين وعلاقتها بالصحة العامة”, قدمت الدكتورة ولاء عقاد، عميدة كلية الإعلام – بنات بجامعة الأزهر، عرضا أوضحت خلاله أن مؤثري الطعام أصبحوا الأكثر انتشارًا وتأثيرًا، مصنفه إياهم إلى فئتين الأولى وهي تروّج للطعام بلا معايير صحية، والثانية أكثر تخصصًا، لكنها محدودة، مضيفة بأن التربح والمشاهدات أصبحا المحرك الأول للنشر، دون اعتبار لقيم الجودة أو التأثير على وعي الجمهور.
وتحدث الدكتور محمد رفعت، استشاري طب الأطفال ومقدم البرامج الطبية، عن تجربته الشخصية مع السوشيال ميديا، قائلاً: “أنا لا أتصدي لأي معلومة إلا بعد معرفة ووعي كامل وأبذل قصاري جهدي في استقصاء الحقيقة ”، منوها على أن الإعلام الصحي يحتاج إلى مصداقية شديدة في نقل المعلومة، ودور الإعلام يجب أن يكون في التوجيه، لا المنع، مقترحًا تنفيذ مشاريع طلابية بالشراكة مع أطباء متخصصين لإنتاج محتوى هادف.
وفي تعقيبها، أكدت الدكتورة أسماء أحمد أبو زيد، أن الدراسات الغربية، وعلى رأسها الأمريكية، تُعنى بقياس أثر الإعلام الرقمي على السلوكيات الصحية بهدف صياغة سياسات صحية وإعلامية أكثر وعيًا، داعية إلى خلق بيئة رقمية آمنة تُعزز المعرفة العلمية وتدعم قرارات مجتمعية رشيدة.
وركزت الدكتورة هال عمر فاروق، خلال مشاركتها بالحلقة النقاشية على خطورة الترويج العشوائي لمحتوى صحي من قبل مؤثرين غير متخصصين، مشددة على ضرورة الفصل بين المؤثر، والمشهور، وصانع المحتوى، وإدراك خلفية كل منهم، مشيرة إلى أن بعض هذه الممارسات قد تُهدد الأمن القومي، داعية إلى تعزيز دور الدولة والأكاديميين في ضبط هذا المجال، خاصة في حماية الأطفال.
واختتمت الجلسة بكلمة الدكتورة منى الحديدي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ورئيسة الحلقة، التي طرحت تساؤلًا محوريًا: “هل نحن مَن يصنع المؤثرين.. أم أنهم من يصنعون توجهاتنا وتحركاتنا؟”، معبرة عن قلقها من اختراع مصطلحات وهمية وتوزيع ألقاب غير حقيقية عبر مواقع التواصل، مؤكدة أن مواجهة هذا الواقع تتطلب وعيًا مجتمعيًا وإعلاميًا واسعًا.