مكتبة الإسكندرية تحقق حلم سيد درويش بعد أكثر من 100 سنة على رحيله

• تقديم أوبريت «البَرّوكة» كاملًا مع الأوركسترا السيمفونى لأول مرة فى مسقط رأس موسيقار الشعب
بعد أكثر من 100 عام على رحيله، تحقق مكتبة الإسكندرية حلم موسيقار الشعب سيد درويش فى وضع توزيع هارمونى غربى لألحانه الشرقية، وتقديم أعماله للمسرح الغنائى على أوركسترا سيمفونى كامل أسوة بأعمال فريدى وموتسارت وبيتهوفين.
أعلن مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية بإشراف الموسيقار د. راجح داوود عن تقديم أوبريت «البَرّوكة» على خشبة المسرح الكبير لمركز مؤتمرات بالمكتبة، والتى تقام خلال يومى الخميس والجمعة 23، 22 مايو الجارى، بمصاحبة أوركسترا مكتبة الإسكندرية بقيادة المايسترو ناير ناجى، وكورال المكتبة قيادة وتدريب دنيا الدغيدى، وذلك بعد أن قام الموسيقار الشاب وجدى الفوى بإعادة توزيع الألحان لتناسب عزفها على الأوركسترا الغربى، ووضع لها الرؤية الفنية الدكتور محمد عبد القادر، والرؤية المسرحية للمخرج مهدى السيد.
أكد د. راجح داوود أن إعادة تقديم أوبريت «البَرّوكة» يأتى فى إطار اهتمام مكتبة الإسكندرية بالتراث الموسيقى، وإعادة إحياء الأوبريتات الغنائية التى توارت عن الأنظار لفترة طويلة، مشيرًا إلى الجهود التى بذلها فريق العمل فى استعادة أوبريت «البَرّوكة»، خاصة وأنه ليس من السهل الوصول إلى مدونات هذه الأعمال الموسيقية التراثية.
وشدد داوود على أن «البَرّوكة» لم يتم تقديمه كاملًا من قبل إلا مرات قليلة فى حياة سيد درويش، منذ عام 1921، وأن ما وصلنا منه مجموعة أغانٍ منفردة، وتعد هذه هى المرة الأولى التى يعرض فيها العمل كاملًا فى مسقط رأسه الإسكندرية.
وعن هذه العمل الذى قام بإعادة صياغته مسرحيًا قال الدكتور محمد عبد القادر، إن أوبريت «البَرّوكة» هو أحد أشهر الأعمال الغنائية الكوميدية لفنان الشعب سيد درويش، وهو مأخوذ عن أوبريت «لا مسكوت» للموسيقار الفرنسى أدموند أودران، وقام بتعريبه محمود مراد ويوسف حلمى.
وأضاف أنه عمل على وضع صياغات للنص بشكل يناسب مع العصر الحالى، كما يتفق مع تقديمه بالعامية المصرية.
وأشار إلى أن مكتبة الإسكندرية تبنت مشروع إعادة ترجمة النص الأصلى للأوبريت، وتقديمه بتوزيع أوركسترالى، وذلك لتعويض فقدان المدونات الموسيقية، مع الحفاظ على طابع الأصلى لألحان سيد درويش، موضحًا أن كثيرين يعتقدون أن اسم «البَرّوكة» يعنى باروكة الشعر، ولكن الحقيقة أنه تصغير لكلمة «البركة»، وهى صفة لبطلة العمل التى يحل معها الخير فى أى مكان تحل به.
وقال الموسيقار ناير ناجى؛ القائد الاساسى لأوركسترا المكتبة، إن إعادة توزيع الأعمال المصرية الموسيقية تنقل تراثنا من المحلية إلى جميع أنحاء العالم، مؤكدًا أن أعمال سيد درويش فريدة فى نوعها وتمثل مصر دائمًا فى جميع المهرجانات العالمية.
وفيما أشاد ناجى بمستوى النوتة الموسيقية التى كتبها الموسيقار الواعد وجدى الفوى، والتى وصفها بأنها تحافظ على روح ألحان سيد درويش، وتقدمها بصياغات هارمونية منضبطة.
وقال إن إعادة تقديم الأوبريت كاملًا فى الإسكندرية بمصاحبة أوركسترا سيمفونى، يحقق حلما من أحلام فنان الشعب سيد درويش، الذى كان مهتما بالموسيقى الكلاسيكية الغربية، والذى كشف عن تطلعه لتقديم أعماله بتوزيعات غربية مع أوركسترا سيمفونى، وكان يخطط لدراسة الهارمونى فى أوروبا، وبالفعل حجز تذكرة سفر إلى روما ولكن لم يمهله القدر وتوفى فجأة قبل موعد الرحلة.
ومن وجهته أشار الموزع الموسيقى وجدى الفوى إلى رحلة البحث عن الشكل المطلوب لهذا العمل الأصيل، فى ظل عدم وجود مدونات له، فضلًا عن ضعف التسجيلات المتوافرة لسيد درويش، وغيرها من التحديات التى واجهته أثناء وضع توزيع موسيقى يناسب تقديم ألحان العرض بشكل أوركسترالى حى على المسرح.
وأكد الفوى أنه قبل البدء فى العمل أستمع الكثير من أعمال موسيقار الشعب حتى تشبع بروح ألحانه، وبعدها شرع وضع توزيعات تناسب الرؤى الموسيقية التى يقدمها.
ومن جانبها ألمحت الفنانة دينا الدغيدى قائد الكورال إلى التدريبات المكثفة التى قام بها الفريق حتى يتمكن من تقديم عمل باللغة العربية، والتى لا تخل من كلمات بالعامية السكندرية، خاصة وأن تدريبات الكورال كلها تقريبًا بلغات غربية، موضحة أن طبيعة اللغة العربية المبنية على التسكين، وهى تختلف عن اللغات الغربية المبنية على المد، مما تطلب مجهودًا إضافيًا لإتقان الأداء بالعربية.
فيما أشارت إلى أن التوزيعات التى وضعها الفوى كانت أجد العوامل التى ساعدت على خروج الأداء بالشكل المطلوب، فضلا عن وجود عناصر فى الفريق لهم تجارب فى الموسيقى العربية.
أما مخرج العرض مهدى السيد، فقد عبّر عن تخوّفه من كون هذه النسخة ستكون أول نسخة مرئية من الأوبريت، بالإضافة إلى طبيعة الإيقاع الخاصة بالعمل، والتى تمثّل تجربة مختلفة على المسرح المصرى.
وقال مخرج العرض إنه تفاعل مع تلك الحالة الفريدة التى وضعها سيد درويش لقصة تدور أحداثها فى إيطاليا ويحكيها العرض بالعامية المصرية بشكل يقرب الناس من الفنون الغربية العالمية.
وأشار إلى اهتمامه الخاص بتراث المسرح الغنائى، والذى قدم منه العام الماضى أوبريت «راحت عليك» لسيد درويش، وذلك من خلال مهرجان الموسيقى العربية، مشيرًا إلى تقديمه عرض «البَرّوكة» بالمهرجان ايضا فى عام 2022، ولكن بمصاحبة موسيقى مسجلة.
وأكد أن الجديد هو تقديم أوبريت «البَرّوكة» كاملًا مع الأوركسترا لأول مرة فى الإسكندرية.