نقابة المهندسين بالجيزة تكشف تفاصيل كارثة اشتعال خط الغاز بطريق الواحات: إهمال جسيم وتقصير خطير

– النقابة: لجنة فنية ميدانية ترصد إهمالًا جسيمًا وراء اشتعال النيران وسقوط ضحايا
– مقاول كسر الخط وردمه دون إخطار.. والنتيجة: تسرب وحرائق قاتلة
– غياب تام للوحات التحذيرية ومخالفة صريحة لمعايير السلامة المهنية
– إعداد تقرير فني شامل وإبلاغ الجهات المختصة للمحاسبة
– دعوات لتشديد الرقابة وتطبيق إجراءات السلامة في مواقع العمل الحيوية
في أعقاب الحادث الأليم الذي شهدته منطقة غرب سوميد بطريق الواحات، نتيجة اشتعال خط غاز أسفر عن سقوط ضحايا ومصابين، تحركت نقابة المهندسين الفرعية بمحافظة الجيزة بشكل عاجل لتقصي الحقائق وممارسة دورها الاستشاري والرقابي، وفقًا لما نص عليه قانون النقابة رقم 66 لسنة 1974.
وأسفرت الزيارة الميدانية التي أجرتها لجنة فنية مختصة من النقابة، أمس الأربعاء، عن كشف سلسلة من المخالفات والإهمال الذي أدى إلى وقوع الكارثة.
لجنة فنية بمهام طارئة
اللجنة التي شكلتها النقابة ترأسها الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الفحام، وضمّت في عضويتها المهندسة الاستشارية هدى صابر، والمهندس الاستشاري مصطفى محمد مصطفى، والمهندس مبروك عبدالله عامر، والمهندس محمد عبد الحميد كامل، بالإضافة إلى المستشار القانوني للنقابة الأستاذ محمود ربيع.
وقد توجهت اللجنة إلى موقع الحادث فور ورود البلاغ، حيث قامت بإجراء معاينة ميدانية دقيقة، والاستماع إلى شهادات العاملين بالموقع وعدد من شهود العيان.
حادث يبدأ بالإهمال وينتهي بكارثة
وبحسب ما وثقته اللجنة، فإن بداية الواقعة تعود إلى قيام أحد المقاولين بأعمال حفر في الموقع مستخدمًا “لودر”، حيث أدى إلى كسر خط الغاز المغذي للمنطقة. وبدلًا من الإبلاغ عن الكسر أو اتخاذ إجراءات السلامة، قام بردم الخط المكسور دون إخطار الجهات المعنية، مما تسبب في تسرب كميات كبيرة من الغاز الطبيعي.
وفي صباح اليوم التالي، وأثناء تنفيذ أعمال أخرى في ذات المنطقة، رصد العاملون والمارة رائحة غاز قوية، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء أو إخطار الطوارئ، وهو ما تسبب في كارثة إنسانية نتيجة تشبع الهواء بالغاز، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وكثافة الحركة المرورية في محيط الحادث. وأسفرت الحادثة عن اندلاع حرائق ضخمة، أودت بحياة عدد من المواطنين، وأدت إلى إصابة آخرين بإصابات بالغة.
غياب تام للتحذيرات وسوء إدارة موقع العمل
وأشارت اللجنة في تقريرها الأولي إلى غياب أي لوحات إرشادية أو تحذيرية تدل على وجود خط غاز في الموقع أو طبيعة الأعمال التي تُجرى فيه، ما يعد مخالفة صارخة لأدنى معايير السلامة المهنية. كما أكدت أن الموقع لم يكن مؤمنًا وفقًا للضوابط الهندسية المعتادة، وأن المقاول المسؤول لم يتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة أثناء تنفيذ الحفر أو بعد وقوع الكسر.
تحركات نقابية لضمان المحاسبة ومنع التكرار
وفي بيان رسمي، أكدت نقابة المهندسين الفرعية بالجيزة أنها تعمل حاليًا على إعداد تقرير فني مفصل يتضمن كافة الملاحظات والمخالفات التي تم رصدها خلال المعاينة، بالإضافة إلى التوصيات الفنية اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.
وأضافت النقابة أنها بصدد مخاطبة جميع الوزارات والجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الإسكان، ووزارة التنمية المحلية، لاتخاذ الإجراءات القانونية والفنية اللازمة لمحاسبة المسؤولين عن الحادث، سواء من المقاول المنفذ أو من الجهات الرقابية المختصة.
مطالب بتفعيل إجراءات السلامة وتشديد الرقابة
ودعت النقابة في بيانها إلى ضرورة تفعيل آليات الرقابة الميدانية على مواقع الإنشاءات والحفر، خاصة تلك التي تقع بالقرب من شبكات الغاز أو المرافق الحيوية، مشددة على ضرورة إلزام كافة المقاولين بوجود إشارات تحذيرية وخطط طوارئ واضحة قبل بدء أي أعمال.
دروس قاسية يجب أن تُستوعب
الحادث الذي شهده طريق الواحات يعيد إلى الواجهة ملف الإهمال في مواقع العمل، وضرورة التزام المقاولين والجهات المنفذة بأقصى معايير السلامة المهنية. وبينما تستعد النقابة لرفع نتائج تحقيقاتها إلى الجهات المختصة، يبقى الأمل أن تتحول هذه الكارثة إلى جرس إنذار حقيقي لإصلاح منظومة الإشراف والسلامة، قبل أن ندفع الثمن مرة أخرى من أرواح الأبرياء.