محللون: قرار تثبيت الفائدة الأمريكية غير مؤثر على الأسواق العالمية والمحلية

الحريري: انخفاض الذهب مؤقت.. والسياسة النقدية الأمريكية متخوفة من تأثير رسوم ترامب على التضخم
عزام: اتجاه الفيدرالي للخفض في يوليو المقبل يقلل الضغط على الجنيه
يرى عدد من المحللين أن قرار الفيدرالي الأمريكي بتثبيت أسعار الفائدة جاء متوافقًا مع التوقعات، وهو الأمر الذي لن يكون مؤثرًا بقوة على الأسواق العالمية والمحلية، موضحين أن تراجع أسعار الذهب كان مؤقتًا وتأثره كان بشكل أكبر بالأخبار عن وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اتفاقيات مع الصين وبريطانيا.
وقرر الاحتياطي الفيدرالي، أمس الأول، تثبيت أسعار الفائدة الأمريكية دون تغيير عند نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5%، فيما كان آخر تخفيض أجراه الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة في ديسمبر 2024، بنحو 25 نقطة أساس، ولكن منذ تولي ترامب منصبه، بات مجلس الاحتياطي الفيدرالي أكثر تحفظًا في المضي قدمًا في سياسة التيسير النقدي التي اتبعها خلال عام 2024.
قال أحمد عزام، محلل أسواق المال العربية، إن قرار تثبيت الفائدة الأمريكية مسكّن وليس علاجًا؛ إذ تتقاطع صدمة التضخم مع تباطؤ النمو العالمي، وما لم يُظهر البيت الأبيض وضوحًا تجاريًا، سيظل الفيدرالي في وضع المراقبة، ما يعني أن التقلّب سيبقى سيد الموقف عربيًا وعالميًا، مضيفًا أن الدولار الأمريكي قد يكون أكبر المستفيدين جرّاء بقاء الفائدة مرتفعة.
وأوضح أن تثبيت الفيدرالي للفائدة يترك الذهب في وضع شدّ وجذب من ناحية، مضيفًا أن استمرار العائد الحقيقي المنخفض وارتفاع المخاطر التجارية يبقيان الطلب على الملاذ الآمن قويًا، وهو ما ظهر عندما اخترق المعدن حاجز 3300 دولار منتصف أبريل الماضي وسط تصعيد حرب الرسوم الجمركية من ناحية، ومن ناحية أخرى غياب خفض فوري للفائدة، ما يدعم الدولار نسبيًا ويُدخل الذهب في موجة جني أرباح.
وتوقع أن تتراوح أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة بين 3250 و3450 دولارًا للأوقية، كما أن أي تلميح لاحق من الفيدرالي للتيسير في يوليو أو تفاقم للحرب التجارية قد يدفع السعر لاختبار قمة 3500 دولار مجددًا.
وتوقع عزام أن يبقي المركزي الأمريكي على أسعار الفائدة عند مستوياتها 4.25% و4.5% خلال الاجتماع المقبل في يونيو، ثم يخفض في يوليو ثم خفض مشروط بالبيانات مع نهاية العام الحالي إذا استمرت ضغوط الرسوم في رفع الأسعار وتقييد النمو؛ أو على الأقل إزالة الضبابية حول الرسوم الجمركية، أما في حالة هدوء التصعيد التجاري وانحسار التضخم، فقد يعطي الفيدرالي الارتياح وزيادة عمليات تخفيض الفائدة.
وعن تأثير ذلك القرار على المركزي المصري، قال عزام “إذا اتجه الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة في يوليو المقبل، سيساهم ذلك في تقليل الضغط على الجنيه، الناجم عن فجوة العوائد مع الدولار، ما يقلل مخاطر خروج استثمارات المحافظ ويمنح المركزي المصري هامشًا لتخفيضات إضافية تدريجية حتى نهاية 2025 دون التضحية بجاذبية أدوات الخزانة المحلية”.
وتابع أن البنك المصري سيظل يوازن بين ثلاثة محددات داخلية: مسار التضخم الغذائي، وقدرة الحكومة على جذب تدفقات دولارية (سياحة، قناة السويس، استثمارات خارجية)، وجدول استحقاق الديون بالعملة الأجنبية. موضحًا أن تلك العوامل قد تعطي مصر القدرة على تخفيضات تدريجية قد تصل نحو 600 نقطة أساس.
وفي أبريل الماضي، خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ما يقرب من 5 سنوات، لينخفض سعري عائد الإيداع والإقراض بواقع 2.25% ليصل إلى 25% و26% على التوالي.
من جانبه قال جاد الحريري، استراتيجي الأسواق المالية في First Financial Markets، إن قرار الفيدرالي الأمريكي جاء متوافقًا مع التوقعات، الأمر الذي بدوره لم ينعكس على الأسواق العالمية لا بالسلب أو بالإيجاب، مضيفًا أن الانخفاضات التي شهدتها أسعار الذهب مؤقتة لأن التوترات الجيوسياسية تعزز من الاستثمار في المعدن الأصفر بينما عاجلًا أو آجلًا سيخفض الفيدرالي معدلات الفائدة.
وأضاف الحريري في تصريحات لـ”الشروق”، أن هناك نوعًا من الحذر لدى السياسة النقدية الأمريكية خاصة مع التخوفات بتأثير التعريفات الجمركية “الترامبية” على التضخم، متوقعًا أن يخفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، و”مع بدء التيسير النقدي من قبل المركزي الأمريكي، ستتبعه غالبية البنوك المركزية العربية في هذا القرار”.
وبعد قرار المركزي الأمريكي، قرر البنك المركزي الإماراتي الإبقاء على “سعر الأساس” على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة عند 4.40%.، وأبقى مصرف قطر المركزي على معدلات الفائدة ثابتة من دون تغيير، عند سعر 4.60% للإيداع و5.10% للإقراض.
قال أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة “في آي” للاستثمارات المالية، إن تثبيت أسعار الفائدة كان طفيفًا على الأسواق العالمية والعربية، لأن “لا صوت يعلو فوق صوت ترامب” في انعكاسه على الأسواق.
وأوضح معطي في تصريحات لـ”الشروق”، أن تثبيت الفائدة كان من المفترض أن ينعكس سلبًا على الأسواق خاصة مع ضبابية المشهد حول موعد خفض الفائدة، مشيرًا إلى أن انخفاض أسعار الذهب خلال تعاملات أمس، ليس من انعكاس قرار الفيدرالي ولكن نتيجة الأخبار التي تشير إلى الوصول إلى اتفاق بين أمريكا والصين فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية، بالإضافة إلى إعلان ترامب عن اتفاق مع بريطانيا ما أعطى إشارة طمأنة للمستثمرين، “لذلك تأثير ترامب أقوى على الأسواق من الفيدرالي”.