وسط حديث عن مهلة أمريكية لإنهاء الحرب في غزة.. تساؤلات بشأن نوايا نتنياهو واهتمامه بمصير الرهائن

وسط حالة من عدم اليقين بشأن نوايا حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من توسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة، تثار العديد من التساؤلات بشأن مصير الحرب، وما إذا كان الهدف منها هو تحرير من تبقى من الرهائن أم إعادة احتلال القطاع بغض النظر عن مصير هؤلاء، في ظل حديث عن رغبة أمريكية في إنهاء الحرب خلال أسابيع قليلة.
ويشكك محللون في إمكانية إقدام إسرائيل على وقف الحرب والانسحاب من غزة حتى لو سلمت الفصائل المسلحة ما تبقى لديها من أسرى أحياء وجثث، مستشهدين بالتحركات العسكرية على الأرض التي تشي بنية على البقاء طويلا في القطاع بعد تقسيمه إلى جزر منعزلة وحديث متكرر من جانب المسؤولين الإسرائيليين عن خطط تهجير الفلسطينيين.
لكن مع انهيار الهدنة واستئناف الحرب قبل نحو ثلاثة أسابيع، تتزايد الانتقادات الداخلية للنهج الذي تتبناه حكومة نتنياهو مع إقرار البعض بأن الضغط العسكري لن يجدي نفعا ولن يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق هدف تحرير من تبقى من رهائن.
وربما ما أعلنته إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء عن تقديم المؤسسة العسكرية وثيقة قبل أسابيع للمجلس الوزاري المصغر (الكابينت) عن وضع حركة حماس، يعزز هذه الرؤية، حيث ذكرت الإذاعة أن تلك الوثيقة تظهر “أن 25% فقط من أنفاق القطاع تم تدميرها، وأن لدى حماس اليوم أكثر من 20 ألف مقاتل”.
وفي السياق أيضا، جاء إقرار اللواء احتياط نوعام تيبون، القائد السابق لفرقة الضفة الغربية في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال تصريحات لمحطة إذاعية عبرية هذا الأسبوع بأنه “لعام ونصف العام يقولون لنا إن الضغط العسكري وحده هو الذي سيعيد الأسرى، وحتى الآن قتل 41 أسيرا.. أذكر الجميع أن صفقة التبادل كانت تشمل مرحلة ثانية لكن نتنياهو قرر عدم تنفيذها”.
وجاءت زيارة نتنياهو مؤخرا للولايات المتحدة، ليتوارى بعدها الحديث قليلا عن خطط تهجير الفلسطينيين، وتعود إلى الواجهة تصريحات عن مقترحات تقود إلى وقف الحرب وإطلاق سراح 59 محتجزا بين أحياء وأموات يحمل بعضهم جنسيات مزدوجة.
وعاد العديد من وسائل الإعلام للحديث عن مقترحات جديدة لوقف الحرب والتفاوض على إطلاق سراح باقي الرهائن.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أمريكية أن واشنطن أبلغت عائلات الرهائن أنها تريد صفقة شاملة لإعادتهم ووقف الحرب في غزة، بينما نقلت الصحيفة نفسها عن مصادر إسرائيلية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح نتنياهو من أسبوعين إلى ثلاثة لإنهاء الحرب في القطاع، في دليل جديد على أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأحدث لواشنطن كانت مخيبة لآماله وتختلف كثيرا عن سابقتها.
وبينما تواصل عائلات الرهائن الضغط على حكومة نتنياهو عبر مظاهرات مستمرة تطالب بالعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار لضمان الإفراج عن ذويهم، التقى وفد من أهالي الرهائن في واشنطن مساء الأربعاء نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، الذي أكد التزام الإدارة الأمريكية بتأمين إطلاق سراح جميع المحتجزين، قائلا إنهم “مازالوا متفائلين” وشدد على ضرورة إعادتهم في أقرب وقت ممكن.
وتزامن ذلك مع إجراء رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) جون راتكليف محادثات في إسرائيل للدفع قدما بقضية إطلاق سراح الرهائن، حسبما نقل موقع أكسيوس الإخباري عن مصدر أمريكي.
في هذه الأثناء، أحاط نتنياهو مجلسه الوزاري بنتائج زيارته لواشنطن ومن قبلها بودابست، وتحدث عن “تنسيق كامل ووثيق” مع الإدارة الأمريكية، حيال العديد من الملفات، بما في ذلك غزة والتهديد الإيراني، حسبما نقلت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية عن مسؤول بارز، لم تكشف عن هويته.
وعلى الرغم مما يتداول في الإعلام الإسرائيلي أو الدولي عن تغير المزاج الأمريكي حيال الدعم المطلق لتل أبيب استنادا لزيارة واشنطن الأخيرة وبعض المؤشرات على ذلك، حرص نتنياهو على التأكيد خلال الإحاطة على أن الرئيس الأمريكي “يقدم دعما كاملا” للسياسة التي يقودها رئيس الوزراء لحسم المعركة ضد حماس وممارسة الضغط العسكري عليها من أجل تحرير الأسرى الإسرائيليين.
وقال نتنياهو إن “الضغط السياسي الذي تمارسه الولايات المتحدة على الوسطاء، إلى جانب الضغط العسكري الإسرائيلي، يقربان احتمال التوصل إلى صفقة”.
وعلى الرغم من تجنب ترامب خلال الزيارة الأخيرة الحديث عن مخططه لتهجير الفلسطينيين، الذي طرحه خلال زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية قبل نحو شهرين، قال نتنياهو إن “هناك اتصالات مع دولتين كبيرتين لاستيعاب أعداد كبيرة جدا من سكان غزة الذين سيهاجرون طوعا”.
ومع استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة وسقوط المزيد من الشهداء الفلسطينيين، ربما تتبدل مواقف بعض الدول، كما حدث مع فرنسا، التي كشف رئيسها إيمانويل ماكرون الأربعاء غداة زيارته لمصر، عن إمكانية اعتراف بلاده بدولة فلسطين في شهر يونيو المقبل، قائلا إنه يرى أن ذلك “سيكون أمرا عادلا”.
وتعقيبا على تصريح ماكرون، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن “الاعتراف الأحادي الجانب بدولة فلسطينية وهمية من قبل أي دولة في الواقع المعروف لنا جميعا لن يكون أكثر من مكافأة للإرهاب وتعزيز لحماس. مثل هذه الأمور لن تؤدي فقط إلى عدم جلب السلام والأمن والاستقرار إلى منطقتنا، بل على العكس ستبعدهم عنا”.
وتراهن إسرائيل على التصعيد العسكري وعامل الوقت في تحويل قطاع غزة إلى مكان غير قابل للعيش في ظل حصار محكم منذ أكثر من 40 يوما، لحمل أهل القطاع على هجره طوعا والبحث عن ملجأ آخر، لتبقى الأيام المقبلة شاهدة على ما ستؤول إليه الأوضاع بعد عام ونصف العام من حرب خلفت أكثر من 50 ألف شهيد، وفقا للأرقام المعلنة من قبل وزارة الصحة في غزة، فضلا عن أكثر من 111 ألف جريح.