وجوه على الشط.. كيف وثق الأبنودي مأساة وصمود السويس بعد النكسة؟
تحل ذكرى ميلاد الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي في 11 أبريل، فقد وُلد عام 1938 بأبنود في قنا.
ويُعد الأبنودي من رموز شعر العامية في مصر، وحمل طوال حياته هموم الناس وصوت الوطن في لحظاته الفاصلة، وأبرزها بعد نكسة 1967.
السويس في قلب الأبنودي
من بين المدن التي شكّلت وعي الأبنودي الشعري والوطني، تأتي السويس في المقدمة.
لم يكن حب الشاعر للمدينة مجرد تعاطف عابر، بل انتماء حقيقي دفعه لترك الحياة المريحة في القاهرة، ليقيم بين أهل السويس، يكتب عنهم، ويشاركهم لحظات الصمود والمعاناة.
طرح الباحث عبد الحميد كمال سؤالًا مباشرًا: لماذا أحب الأبنودي السويس؟ فقدم نقاطًا تشرح العلاقة، مشيرًا إلى أوجه التشابه بين السويس وأبنود، وإلى الخلفية اليسارية التي جعلت الأبنودي أقرب للمقاومة والشعور الجمعي بالظلم.
*شاعر يقاوم بالكلمة
حين تعرّضت السويس للهجمات والتدمير والتهجير، اختار الأبنودي أن يكون صوتًا لأهلها، لا مجرد شاعر يكتب عنهم من بعيد. كتب من قلب المدينة، وتحت القصف، كلمات تحولت إلى أناشيد مقاومة، مثل “يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي.. استشهد تحتك وتعيشي إنتِ”، التي غناها محمد حمام، ولحنها إبراهيم رجب، وأصبحت رمزًا لصمود المدينة.
*توثيق المعاناة بالأغنية والشعر
كما كتب لفريق “أولاد الأرض” أغنيات لامست قلوب الناس أثناء التهجير، وجعل من الشعر أداة توثيق ونضال، يحكي تفاصيل المعاناة من هجرة الأهالي وحتى اضطرار الكلاب لأكل التمر بعد أن خلت المدينة من أهلها.
*وثيقة شعرية للمقاومة
ويأتي ديوانه “وجوه على الشط” هو خلاصة هذه التجربة، وثيقة شعرية صادقة تحمل مزيجًا من المأساة والصمود، أهداه إلى ابنتيه آية ونور، وإلى زوجته نهال كمال، التي عاشت طفولتها في السويس، بينما كان والدها يشارك في قيادة المقاومة الشعبية هناك.
تجربة لا تشبه أحدًا
لم يكن الأبنودي شاعرًا يختبئ خلف الكلمات، بل مقاومًا بالكلمة، عاش لحظة الحرب بتفاصيلها، وكتبها بصدق جعل شعره مشبعًا برائحة التراب وأصوات الانفجارات. تجربة مختلفة، كما وصفها فؤاد حداد، لا تخرج من عباءة أحد، بل خرجت من قلب الوطن، ومن مدينة دفعت الثمن غاليًا لتصير رمزًا للصمود.