التنمية المحلية: نموذج التجمّعات الاقتصادية في صعيد مصر تجربة نجاح أسفرت عن تنمية قائمة في المنطقة.

– تطوير وتنفيذ برنامج متكامل لدعم ١٢ تكتلا اقتصاديا بناءً على الميزات التنافسية للمحافظات بتكلفة ٤٨٠ مليون جنيه
– وضع خريطة بحصر ٥٠٠ تكتل اقتصادي واعد في ٢٥ محافظة تغطي قطاعات متنوعة لتوجيه الاستثمارات المحلية القادمة
في خطوة تؤكد التزام الحكومة المصرية بتحقيق تنمية اقتصادية محلية مستدامة، نجح برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، الذي تنفذه الحكومة من خلال وزارة التنمية المحلية بتمويل جزئي من البنك الدولي، في إرساء نموذج تنموي فريد من نوعه في أربع محافظات هي سوهاج، وقنا، والمنيا، وأسيوط، خلال الفترة من 2019 إلى 2024.
وأثبت برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر من خلال تبنّيه لـ”نهج التكتلات الاقتصادية” قدرته على إحداث تحوّل حقيقي في واقع الاقتصاد المحلي، وهو ما أشاد به البنك الدولي وأصحاب الأعمال في الصعيد وفقاً لتقرير بعثات البنك الدولي.
واستحوذ مكوّن التنافسية الاقتصادية، الذي يشمل تطوير المناطق الصناعية، ودعم التكتلات الاقتصادية، وتحسين مناخ الأعمال المحلي، على نحو 12.8 مليار جنيه، أي ما يعادل 47% من إجمالي استثمارات البرنامج، في دلالة واضحة على رؤية شاملة تضع تحفيز الاقتصاد المحلي في صميم أولوياتها.
وركز البرنامج على دعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من خلال تبنّي مفهوم التكتلات الاقتصادية كأداة فعالة لتحفيز النمو وخلق فرص العمل؛ حيث تم تطوير وتنفيذ برنامج متكامل لدعم 12 تكتلاً اقتصادياً مختاراً بناءً على ميزات تنافسية محلية بتكلفة حوالي 480 مليون جنيه، وبما يضمن استدامة النتائج وتوسيع نطاق التجربة في المستقبل علي عموم محافظات الجمهورية.
ولقد تنوّعت التكتلات الاقتصادية التي شملها دعم برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر بين زراعية وصناعية وحرفية، فشملت التكتلات الزراعية، على سبيل المثال، الرمان في أسيوط، والبصل في سوهاج، والنباتات الطبية والعطرية في قنا وأسيوط والمنيا، وتم دعمها بتدخلات فنية وتسويقية شاملة.
أما التكتلات الصناعية فشملت العسل الأسود في قنا والمنيا، والأثاث في سوهاج، بينما شملت التكتلات الحرفية صناعات التلي والنسيج في سوهاج، والفركا والفخار في قنا، بهدف حماية هذه الحرف من الاندثار وتعزيز قدرتها التنافسية.
وعلى صعيد التوظيف، استفادت أكثر من 72 ألف منشأة اقتصادية من التدخلات التي نفذها البرنامج، فيما مكّنت مبادرة التكتلات الاقتصادية وحدها أكثر من 47 ألف صاحب عمل من تحسين أوضاعهم التشغيلية ، وقد شكّلت المشروعات المتناهية الصغر نحو 94% من إجمالي المستفيدين، وذلك ضمن منظومة تمويل قائمة على مؤشرات أداء تحفيزية، ساهمت في تنفيذ خطط العمل بنسبة إنجاز تراوحت بين 65% و100%.
وسجّل تكتل “التلي” في سوهاج أعلى معدل نمو في فرص العمل، حيث ارتفع عدد العاملين فيه من 408 إلى 1,404 خلال فترة وجيزة ، أما على صعيد الإنتاجية والمبيعات، فقد حققت التكتلات الاقتصادية نتائج لافتة؛ إذ ارتفعت مبيعات أعضائها بنسبة متوسطة بلغت 29.75%، متجاوزةً المتوسط الإقليمي البالغ 19.2%. وفي بعض التكتلات، وصلت نسبة الزيادة في المبيعات إلى 59%، على الرغم من التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية الراهنة.
كما أحرزت التكتلات الزراعية السبعة تقدمًا لافتًا في تطبيق المعايير الدولية للجودة، مثل Global GAP، وهو ما عزّز فرص نفاذ منتجاتها للأسواق العالمية؛ ومن أبرز النجاحات أيضاً إطلاق المواصفات القياسية المصرية للعسل الأسود، ما يتيح تعميم الفائدة على كل المنتجين في هذا القطاع الحيوي.
وعلى مستوى البنية المؤسسية، كان للتنسيق بين وزارة التنمية المحلية وشركائها من الجهات الحكومية مثل جهاز تنمية المشروعات)، ومركز تحديث الصناعة، وهيئة سلامة الغذاء وغيرها، دور فعّال في تسهيل إجراءات الترخيص ونقل المشروعات إلى مناطق صناعية أكثر تجهيزًا.
وشهد برنامج تنمية الصعيد أيضًا استثمارًا واسعًا في بناء القدرات، إذ حصل أكثر من 77% من أعضاء التكتلات على تدريب متخصص في الإدارة المالية والتسويق، ما مكّنهم من تحسين أدائهم التشغيلي والتأقلم مع تقلبات السوق ، كما أعدّت وزارة التنمية المحلية بالتعاون مع البنك الدولي دليلًا إرشاديًا مفصلًا لدعم فرق المحافظات في تنفيذ نهج التكتلات بكفاءة.
وفي خطوة استراتيجية لضمان الاستدامة، تم إدراج برنامج التنمية الاقتصادية المحلية ضمن خطط التنمية المحلية السنوية، كما أُنشئت وحدات مؤسسية متخصصة لمتابعة تنفيذ هذا النهج على المستوى المركزي والمحلي. وتم تضمين منهجية التكتلات الاقتصادية ضمن برنامج الحكومة للفترة 2024–2027 كأداة رئيسية للتنمية الاقتصادية.
وانطلاقاً من النجاحات المحققة، قامت وزارة التنمية المحلية في حصر أكثر من 500 تكتل اقتصادي واعد في 25 محافظة، تغطي قطاعات متنوعة من الحرف اليدوية والصناعات التكنولوجية وحتى الزراعة التصديرية. وستُستخدم هذه الخريطة كأداة لتوجيه الاستثمارات المحلية في السنوات المقبلة؛ بما يعزز من فرص إدراج تطوير التكتلات الاقتصادية ضمن أولويات الخطط الاستثمارية الوطنية للفترة المقبلة.
وبإشادة من البنك الدولي، فإن تجربة برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر لا تمثل فقط قصة نجاح عابرة، بل نموذجًا عمليًا للتنمية المتكاملة، يؤسس لمرحلة جديدة من تحفيز الاقتصاد المحلي، وخلق فرص العمل، وتعزيز دور الإدارة المحلية في تحقيق التنمية.
لقد أرسلت
معلش كونت بصلي الظهر
تمت إعادة توجيه صورة بواسطة مارينا