“اجب اللهم اجب” .. صوت الإيمان يتردد في عرفات وسط مشاعر الخشوع والأمل

في مشهد مهيب تهتز له القلوب وتدمع له العيون، صدحت أصوات أكثر من مليوني حاج على صعيد عرفات الطاهر بالتلبية الخالدة: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”.
وقف الحجيج، شعثاً غبراً، على أرض عرفات الطاهرة، ملبين دعوة الله من كل أصقاع الأرض، في أعظم شعائر الحج وأركانه، يوم عرفة، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “الحج عرفة”.
تتقاطع مشاعر الخشوع والرجاء بين الحجاج، الذين جاؤوا بقلوب عامرة بالإيمان، يرجون الرحمة ويطمعون في المغفرة، متمنين أن يُكتب حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً، وأن يعودوا وقد غفرت ذنوبهم وطهرت صحائفهم.
ويقع جبل عرفات، الذي يحتضن هذا المشهد الإيماني، في شرق مكة المكرمة، ويبعد عنها قرابة 22 كيلومتراً، وتقدر مساحته بأكثر من 10 كيلومترات مربعة، وهو سهل منبسط تحيط به الجبال، ولا يكون فيه عمران إلا خلال موسم الحج، باستثناء منشآت خدمية حكومية.
ويضم مشعر عرفات “نمرة”، وهو الموضع الذي نزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، وألقى فيه خطبته الشهيرة بعد زوال الشمس، قبل أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم، ثم يتحرك إلى مزدلفة بعد الغروب.
وفي ذات المكان، شُيّد مسجد نمرة في العهد العباسي، وتوالت عليه التوسعات حتى يومنا هذا، حتى أصبح جزء من مقدمة المسجد خارج حدود عرفة، بينما مؤخرته داخلها، وقد وضعت لوحات إرشادية لتحديد هذه الحدود بدقة.