«لياونينغ» تثير النقاش.. قصة حاملة الطائرات السوفيتية في أسطول الصين

«لياونينغ» تثير النقاش.. قصة حاملة الطائرات السوفيتية في أسطول الصين


شكّل تحويل الحاملة السوفياتية المهجورة “فارياغ” إلى “لياونينغ” نقطة تحول بارزة في مسار بناء القوة البحرية الصينية.

هذا التحول عكس تزايد خبرة الصين الصناعية وإصرارها على تطوير قدرات محلية في الصناعات العسكرية.

وبينما مثّلت أساس البرنامج الصيني لحاملات الطائرات، باتت “لياونينغ”، اليوم، أداة تدريب استراتيجية ورسالة سياسية تعكس طموحات الصين للهيمنة البحرية على المستوى الإقليمي والدولي، بحسب مجلة “ناشيونال إنترست”.

«كلب» آلي بسلاح رشاش.. تفاصيل جديدة عن أحدث جنود الجيش الصيني

وبدأت قصة الحاملة السوفياتية عام 1985 في حوض بناء السفن الأوكراني نيكولايف كجزء من فئة كوزنيتسوف. وكانت في الأصل مصممة لحمل طائرات ثابتة الجناح ومروحيات بهدف تعزيز القدرات الجوية للبحرية السوفييتية.

غير أن انهيار الاتحاد السوفييتي ترك الحاملة غير مكتملة بنسبة 68 في المائة تقريباً.

وبعد سنوات من التهميش في أوكرانيا، اشترت شركة صينية الحاملة عام 1998 بمبلغ 20 مليون دولار بذريعة تحويلها لفندق عائم. غير أن الجيش الصيني كشف النقاب عن الهدف الحقيقي فور وصولها، حيث خضعت لعملية تحديث ضخمة استمرت عقدًا كاملاً في داليان.

وأعاد الجيش الصيني تجهيزها بمحركات حديثة، ورادارات، وأنظمة تسليح متطورة، لتدخل الخدمة رسميًا في سبتمبر/أيلول 2012، كأول حاملة طائرات صينية في التاريخ، حاملة اسم مقاطعة “لياونينغ”.

المواصفات التقنية والتشغيلية

وتتميز حاملة الطائرات الصينية “لياونينغ” بأنها سفينة تعمل بالطاقة التقليدية عبر محركات بخارية، يصل وزنها الإجمالي عند الحمولة الكاملة إلى حوالي 60,000 طن. وتعتمد في عمليات الطيران على نظام الإقلاع القصير والاسترداد بالمِخطاف (STOBAR)، والذي يجمع بين منحدر مائل لإقلاع الطائرات وأسلاك توقف خاصة لالتقاطها عند الهبوط.

ورغم أن هذا النظام أقل تطورًا من أنظمة الإقلاع بالمنجنيق المستخدمة في الحاملات الغربية، إلا أنه يوفر موثوقية أعلى في التشغيل ويقلل متطلبات الصيانة.

ويضم الجناح الجوي للحاملة ما يصل إلى 24 مقاتلة من طراز “شنيانغ” جيه-15، وهي نسخة صينية مطورة من المقاتلة الروسية “سوخوي” سو-33، وتُخصص لمهام التفوق الجوي والهجوم الأرضي.

كما تحمل مجموعة من المروحيات المتخصصة تشمل “تشانغه زد-18 للنقل ومكافحة الغواصات، و”هاربين” زد-9 لعمليات البحث والإنقاذ.

ولتعزيز بقائها في بيئات معادية، زُودت “لياونينغ” بأنظمة دفاع متطورة مثل نظام المدافع السريعة “تايب1130” للتصدي للصواريخ المضادة للسفن، ونظام الصواريخ إتش كيو-10 للدفاع الجوي قصير المدى.

وتستند قدراتها التشغيلية إلى شبكة متكاملة من الرادارات وأجهزة الاستشعار لاكتشاف التهديدات الجوية والبحرية وتحت السطحية، بينما تبلغ سرعتها القصوى نحو 20 عقدة (37 كم/ساعة) ومداها التشغيلي حوالي 8000 ميل بحري.

الأهمية الاستراتيجية والتدريبية

حاملة الطائرات الصينية "لياونينغ"

ومؤخرا، أثار نشر “لياونينغ” قرب أبعد الجزر اليابانية شرقًا، مصحوبًا بتدريبات مكثفة للإقلاع والهبوط، تساؤلات حول استراتيجية الصين، خاصةً أنها الحاملة الأقدم والأقل تطورًا في الأسطول الصيني، بل وتتفوق عليها تقنيًا حاملة المروحيات اليابانية “إيزومو” التي تحمل مقاتلات “إف-35 بي” رغم تصنيفها الرسمي كـ”مدمرة مروحيات” لأسباب سياسية.

كما أن هذا الموقع يضع الحاملة خارج المظلة الدفاعية المثلى للصين، التي تعتمد على أنظمة “منع الوصول/الحرمان من المناطق” (A2/AD) لحماية سواحلها ومحيط تايوان، مما يجعلها عرضة للخطر في حال مواجهة مع القوات اليابانية أو الأمريكية.

رغم هذه التحديات، يخدم نشر الحاملة ثلاثة أهداف جوهرية

أولًا، تأكيد الوجود البحري الصيني وتعزيز الهيمنة الإقليمية، خاصة مع اقترابها من مناطق حساسة مثل الفلبين.

ثانيًا، توفير تدريب عملي غير مسبوق للطواقم في بيئات محيطية مفتوحة، حيث تُعد “لياونينغ” مدرسة عائمة حيوية لاكتساب الخبرات المعقدة اللازمة لتشغيل الأسطول المتنامي من الحاملات الصينية (التي تضم حاليًا سفينتين في الخدمة، وثالثة قيد التجارب، ورابعة قيد البناء).

ثالثًا، اختبار الحدود التشغيلية للبحرية الصينية من خلال الإبحار لمسافات بعيدة، مما يساهم في تطوير قدراتها اللوجستية والتكتيكية على المدى الطويل.