الضربات الإسرائيلية ضد إيران تثير انقسامات داخل صفوف “أمريكا أولاً”

بينما دوت الانفجارات في عمق إيران بفعل الضربات الإسرائيلية، كانت تداعياتها تتردد في أروقة الحزب الجمهوري الأمريكي، لا طهران وحدها.
فقد كشفت الساعات الأربع والعشرون الأخيرة عن انقسامٍ حاد داخل معسكر «أمريكا أولاً»، أحد أقوى التيارات الشعبوية في السياسة الأمريكية المعاصرة. فبينما وحد القصف الإسرائيلي مواقف الجمهوريين المنتخبين خلف دعم صقوري لإسرائيل، بدت أصوات مثل تاكر كارلسون وستيف بانون وتشارلي كيرك أشبه بصدى يتلاشى في الفراغ، عاجزة عن كبح التيار الجارف نحو مزيد من التدخل.
فكيف ذلك؟
يقول موقع أكسيوس، إن زعماء الحزب الجمهوري اتحدوا في دعم الهجوم الإسرائيلي المستهدف على إيران – رغم التحذيرات التي أطلقتها وسائل الإعلام التي تتبنى مبدأ «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» على مدى أشهر ضد مثل هذه الضربات.
ومن تاكر كارلسون مرورا بتشارلي كيرك إلى جاك بوسوبيك، حاولت شخصيات رئيسية من حركة «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» لعدة أشهر حشد قاعدة ترامب ضد دعم الولايات المتحدة للهجمات المباشرة على إيران.
دعم استند إلى أن مبدأ عدم التدخل هو أحد الركائز الأساسية لحركة «أمريكا أولاً» – ويمكن القول إنه مهم بالنسبة لقاعدة «أمريكا أولاً» مثل الهجرة والتجارة، بحسب موقع أكسيوس.
لكن الدعم العلني الذي قدمه الجمهوريون المنتخبون للتحرك الإسرائيلي يشير إلى أن «صقور الأمن القومي الأكثر تقليدية ما زال لديهم بعض الأرضية التي يمكنهم الوقوف عليها، في الوقت الراهن».
و«قبل شهرين، منحت إيران مهلة 60 يومًا للتوصل إلى اتفاق. كان عليهم فعل ذلك»، هذا ما نشره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منصة «تروث سوشيال» يوم الجمعة.
وقال مسؤولون إسرائيليون لموقع «أكسيوس»، إنه رغم النأي الرسمي للإدارة الأمريكية عن الضربات، فإن الولايات المتحدة أعطت إسرائيل الضوء الأخضر.
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون في بيان: «إن مجلس الشيوخ الأمريكي مستعد للعمل مع الرئيس ترامب ومع حلفائنا في إسرائيل لاستعادة السلام في المنطقة، وقبل كل شيء، الدفاع عن الشعب الأمريكي من العدوان الإيراني».
دفاع عن إسرائيل
وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري من لويزيانا): «قررت إسرائيل أنها بحاجة إلى اتخاذ إجراء للدفاع عن نفسها. وكان من حقها بوضوح أن تفعل ذلك».
وبحسب كبار موظفي الكونغرس الجمهوريين لـ«أكسيوس»، فإن حدود نفوذ الانعزاليين المؤيدين لترامب – وخاصة مع المشرعين – واضحة.
ووصف أحد رؤساء الأركان الشخصيات على شبكة الإنترنت بأنهم «في فقاعة»، مؤكدا أنهم لا يتمتعون بأي تأثير حقيقي على الكونغرس.
وقال آخر إنهم يشعرون أنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإن معظم الجمهوريين لا يتوافقون تماما مع أصوات مثل كارلسون.
وزعم ثالث أن ترامب لا يختلف كثيرا عما كان عليه في ولايته الأولى، عندما قتل قاسم سليماني أو أمر بشن ضربات على سوريا ردا على هجوم بالأسلحة الكيميائية – على الرغم من الأصوات الجديدة في دائرته الداخلية.
فيما قال رابع إن الوقوف إلى جانب الحلفاء هو من أساسيات السياسة الخارجية، واصفا إياه بأنه “أمر مثير للدهشة” كيف يتظاهر البعض في الجناح الانعزالي في الإدارة بخلاف ذلك.
وبحسب «أكسيوس»، فإن بعض الجمهوريين يذهبون إلى خطوة أبعد من مجرد الموافقة على الإجراءات الإسرائيلية، حيث يشجعون على المزيد من التدخل الأمريكي المباشر في حين أنهم لم يدعوا بعد إلى إرسال قوات إلى الميدان.
«أحيي مجددًا الرئيس ترامب لحثه إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات”، هذا ما نشره السيناتور ليندسي غراهام (جمهوري، كارولاينا الجنوبية) على منصة إكس يوم الجمعة، مضيفًا: «ومع ذلك، إذا رفضت إيران هذا العرض، فإنني أؤمن إيمانًا راسخًا بأن من مصلحة الأمن القومي الأمريكي بذل كل الجهود لمساعدة إسرائيل على إتمام المهمة».
فيما قال السيناتور ماركوين مولين (جمهوري من أوكلاهوما)، وهو حليف مقرب من ترامب: الرئيس لا يخادع. إذا هاجم الإيرانيون الأمريكيين، فسيكون هناك ثمن باهظ.
وبحسب «أكسيوس»، فإنه ربما كان تأثير عالم ماغا قد تقلص بسبب انقسامه حول قضية إسرائيل وإيران.
ويريد البعض في حركة «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، بقيادة الناخبين الأكبر سنا والإنجيليين، مواصلة الدعم التاريخي الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل حتى مع تجنب التورط في صراعات خارجية أخرى.
وأكد الموقع الأمريكي، أن «هذه الانقسامات كانت واضحة تماما يوم الجمعة».
فـ«كيف لا تكون أمريكا أولًا في تهنئة أولئك الذين تأكدوا للتو من أن الذين يهتفون الموت لأمريكا والذين خططوا علنًا لاغتيال الرئيس ترامب لن يحصلوا على فرصة للحصول على سلاح نووي؟» كتبت اليمينية لورا لومر على منصة إكس.
وقال ستيف بانون في بودكاسته «غرفة الحرب» يوم الجمعة: «يجب أن تكون إسرائيل أولًا. لكن علينا أن نكون أمريكا أولًا». وأضاف: «الخلاصة هي أنه لا يمكن جرّنا حتمًا إلى حرب على الكتلة الأرضية الأوراسية أو في الشرق الأوسط أو في أوروبا الشرقية».