منتدى مقديشو: آمال التقدم أمام عقبات الانقسام

منتدى مقديشو: آمال التقدم أمام عقبات الانقسام

تم تحديثه السبت 2025/6/14 11:24 ص بتوقيت أبوظبي


الأنظار تتجه في الصومال وخارجه إلى منتدى المشاورات المرتقب في ظل انقسامات سياسية حادة حول مستقبل الحكم وآليات الانتخابات القادمة.

وبينما تسوق الحكومة الفيدرالية المنتدى المقرر عقده، الأحد، المقبل كفرصة لتكريس التوافق الوطني، تعتبره قوى معارضة محاولة لفرض رؤية أحادية تتجاهل مبادئ الشراكة الفيدرالية والتعدد السياسي.

مباحثات أمريكية صومالية حول تعزيز العلاقات ومكافحة الإرهابمؤتمر معارضة الصومال.. مساعي وحدة ومبادرة توافق

وفي الوقت الذي تستعد فيه العاصمة الصومالية مقديشو لاستقبال فعاليات “منتدى القادة السياسيين والمجتمعيين” بدعوة من الرئيس حسن شيخ محمود، تشهد الساحة السياسية تصعيدا حادا.

وتمثل ذلك في إعلان ولاية بونتلاند رفضها المشاركة في المنتدى، إلى جانب فرضها قيودا صارمة على النشاط السياسي الداخلي في عاصمتها غروي، مما يلقي بظلال قاتمة على آفاق الحوار الوطني المرتقب ويستشرف أزمة عميقة في شرعية المخرجات المحتملة لهذا المنتدى.

وجاء رفض المشاركة في تصريح لوزير العدل في بونتلاند، محمد عبد الوهاب، أكد فيه أن بونتلاند لن تدخل في أي حوار مع الحكومة الفيدرالية “ما لم تعد إلى الالتزام بالدستور المتفق عليه في أغسطس/آب 2012، والقبول بمنصة تشاور وطنية جامعة وليست مسيسة”.

وتشترط بونتلاند كذلك إجراء انتخابات وطنية توافقية وشاملة، والقبول بنتائج الانتخابات المحلية في جوبالاند، واعتبار المجلس الاستشاري الوطني غير مؤهل كمظلة سياسية حيادية بعدما تحول إلى طرف سياسي.

فيما يتوقع أن تعلن جوبالاند التي تحتفظ بصمتها حتى الآن، رفضها المشاركة خاصة أنها سبق أن قاطعت فعاليات مشابهة ما سيكون له إنعكاسات على مخرجات المؤتمر ونتائجه المرتقبة.

والمجلس الاستشاري الوطني هو هيئة تنسيقية عليا تضم قادة الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الإقليمية في الصومال.

وقد أنشئ منتصف عام 2021 بهدف تعزيز التنسيق بين المستويين الفيدرالي والإقليمي حول القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها الانتخابات، الأمن، واستكمال الدستور.

وعلى الرغم من أنه لعب دورا بارزا في التوافق على نموذج الانتخابات غير المباشرة التي أُجريت بين 2021 و2022، إلا أنه تعرض لانتقادات لاحقًا بأنه تحول من منصة توافقية إلى أداة سياسية.

وجاءت الاننتقادات بعد إعلان الرئيس حسن شيخ محمود تأسيس حزب العدالة والتضامن في 13 مايو/ أيار الماضي بمشاركة عدد من أعضاء المجلس، ما دفع بونتلاند وجوبالاند إلى مقاطعته

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، مطلع يونيو/حزيران الجاري عن انطلاق منتدى المشاورات الوطنية لقادة المجتمع السياسي والمدني في مقديشو في 15 من الشهر نفسه.

ولفت إلى أن المنتدى يهدف إلى بناء توافق واسع النطاق حول الأولويات الرئيسة لبناء الدولة، بما في ذلك الأمن الوطني، ومكافحة الإرهاب، والتحول الديمقراطي، والعمليات الانتخابية، واستكمال الدستور، والوحدة الوطنية، والمصالحة، وفق ما نقله إعلام صومالي.

ورحب منتدى إنقاذ الصومال المعارض، في بيان صدر حينها بتلك الخطوة، مشترطاً أن تؤدي المشاورات إلى حل دائم للخلافات في تعديل الدستور، والانتخابات على المستويين الفيدرالي والإقليمي، وأن تناقش القضاء على الجماعات الإرهابية أيضاً.

كما طالب بأن تكون المشاورات شاملة بمشاركة قادة الحكومة الفيدرالية، وحكومات الأقاليم، والسياسيين المعارضين.

آمال وتحديات

وبحسب مراقبين، فإن التوقعات المرتقبة لما قد يتمخض عنه المنتدى في ظل المعطيات السياسية الراهنة سيحدث انقسامات بين الولايات المعارضة.

تكهنات نابعة من أن غياب بونتلاند التي تعد واحدة من أقدم وأكثر الولايات نفوذا واستقرارا نسبيا عن المنتدى سيُفقد هذا اللقاء قدرا كبيرا من شرعيته ومصداقيته.

فضلا عن موقف غامض من جوبالاند التي لم تعلن بعد مشاركتها، لكنها تُعرف كذلك بانتقاداتها الحادة لسياسات الرئيس.

وبالتالي، سينظر إلى المنتدى في ظل عدم مشاركة بونتلاند على أنه حوار بين طرف واحد ومقربين منه، وليس ساحة توافق وطني، ما يضعف أي مخرجات متوقعة، خاصة تلك المتعلقة بالإصلاحات الدستورية أو الانتخابية.

وبحسب الخبير والباحث في الشأن الصومالي، عبدي علي، فإنه يرجح أن يفضي المنتدى إلى اتفاق جزئي بين الحكومة ومكونات مؤيدة لها، مع إبقاء الباب مفتوحا للمعارضة. 

ويتوقع علي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، «مخرجات عامة تؤكد على أهمية الحوار والتكامل الوطني، مع وعود بمشاورات مستقبلية موسعة. وهو ما يمنح الحكومة زخما دبلوماسيا، لكنه لا يحل الخلافات البنيوية ما لم يتم إشراك بونتلاند وجوبالاند بشكل جدي».

وتابع قائلا “المنتدى قد يكون فرصة أو أزمة مؤجلة في ظل الواقع الراهن بمقاطعة بونتلاند، وبالتالي فإن نجاحه مرهون بقدرة الحكومة على تحويله من لقاء نخبوي إلى منصة شاملة تضع خارطة طريق قابلة للتنفيذ، وذات شرعية توافقية، وخلافا لذلك، ذلك سيكون مكلفا أمنيا وسياسيا لاستقرار الصومال».

«تعميق الخلافات»؟

في المقابل يرى الباحث والأكاديمي، إبراهيم عبد الرحمن، أنه «في ظل مقاطعة قوى محورية كبرى، مثل بونتلاند وجوبالاند لن يساهم في توافق جامع بين النخب الصومالية المشاركة بل قد يعمق الخلافات الحالية».

وأشار عبد الرحمن، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إلى أن جوبالاند لم تعلن موقفها الرسمي حتى الآن لكن موقفها معروف سابقا بعدم مشاركتها.

ويضيف أنه يتوقع أن «يشهد المنتدى إعلان مخرجات فضفاضة وبيانات تحمل طابعا احتفاليا لا أكثر، تستخدم كأداة للعلاقات العامة، مثل تأكيد دعم الانتخابات المباشرة وخطة استكمال الدستور، لكن دون آلية واضحة أو توافق سياسي حقيقي، وهو ما يعمق الشكوك ويضعف مصداقية الحكومة داخليا».

وبحسب إبراهيم، فإنه «حال بادرت الحكومة الفيدرالية إلى تقديم تنازلات، مثل التعهد بمراجعة بنية المجلس الاستشاري، أو تحديد إطار تشاوري جديد يشمل كافة الفاعلين، فقد تكون الفرصة أمام تحول حقيقي، لكن هذا يتطلب التزاما من الرئيس الصومالي بالدعوة إلى مؤتمر موسع لاحق قبل نهاية 2025».

وفي السياق ذاته، ينظر مراقبون بمنطقة القرن الأفريقي للمنتدى التشاوري الوطني الصومالي المرتقب على أنه فرصة حاسمة لإعادة ضبط المسار السياسي في الصومال.

ويعتبرون أن نجاحه يتوقف على قدرته في تحويل التوافقات إلى التزامات دستورية تمهد لانتخابات عادلة وشاملة عام 2026، وتعيد اللحمة بين مكونات الدولة الصومالية .