تحسين المحيطات: الجانب الإيجابي لحرائق الغابات

تتسبب حرائق الغابات في الكثير من المشاكل، لكن قد تكون وسيلة لتخصيب المحيطات.
وتلعب المحيطات دورًا محوريًا في نظام الأرض المناخي، وهي أبرز الأجسام الأرضية القادرة على امتصاص كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
من جانب آخر، يتجلى دور الغابات أيضًا في التخفيف من آثار الاحترار العالمي؛ فهي أيضًا تمتص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون عبر النباتات، لكنها تتأثر بالتغيرات المناخية، ونتيجة لذلك تحدث حرائق الغابات المسؤولة عن إطلاق الدخان بما فيه من جسيمات دقيقة تُضر جودة الهواء تهدد صحة الإنسان وأمنه الغذائي وتؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي، وغير ذلك من الأضرار.
لكن، وعلى الرغم من المشكلات العديدة التي تتسبب فيها حرائق الغابات، إلا أنّ النتائج اللاحقة بالمحيطات نتيجة تلك الحرائق لا تحظى باهتمام كبير.
مع ذلك، اهتمت مجموعة بحثية دولية بدراسة تأثيرات الجزيئات التي تُطلقها حرائق الغابات في الغلاف الجوي، وينتهي بها الحال بعد التنقل لمسافات بعيدة في المحيطات، ما يؤثر بالتبعية على نمو العوالق النباتية، ومنها على دورة الكربون. ونشر الباحثون دراستهم في دورية “نيتشر كلايمت تشانج” (Nature Climate Change) في 13 يونيو/حزيران 2025.
العوالق النباتية هي عبارة عن كائنات حية دقيقة تعيش في المياه، وتقوم بعملية البناء الضوئي، والتي من خلالها تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحوله إلى غذاء وأكسجين. وعندما يزداد نمو العوالق النباتية؛ فهذا يعني امتصاص المزيد من ثاني أكسيد الكربون؛ فتتأثر دورة الكربون، ما يؤثر بدوره على توازن النظام المناخي العالمي.
تخصيب المحيطات
استخدم مؤلفو الدراسة نماذج مناخية متقدمة بهدف توقع انبعاثات الحديد من الحرائق؛ خاصة في المناطق الشمالية، حيث شمال المحيط الأطلسي الذي يتسم بندرة الحديد في الظروف الطبيعية.
لكن مع ارتفاع درجات الحرارة وازدياد وتيرة حرائق الغابات، تسافر الجزيئات الناتجة عنها حاملة الحديد إلى المحيطات حيث تُغذي العوالق النباتية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وهذا يعني أنّ هناك عملية مثل تخصيب للمحيطات تُجرى، يمكن تشبيهها بعملية تخصيب الأراضي الزراعية بالأسمدة؛ فينتج عن ذلك زيادة في امتصاص ثاني أكسيد الكربون أكثر من الظروف الطبيعية، وهذا ضروري للتنبؤ بمستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي؛ خاصة في منطقة شمال الأطلسي والتي تُعد أحد النقاط الأساسية في دورة الكربون.
وخلص الباحثون إلى أنّ الزيادة في انبعاثات الحديد الناتجة عن حرائق الغابات بفعل الأنشطة البشرية، وهي أعلى ما يتراوح بين 1.7 إلى 1.8 مرة من التوقعات الحالية، يمكن أن تزيد الإنتاجية البحرية في شمال الأطلسي بنسبة قد تصل إلى 20% سنويًا، و40% في أشهر الصيف بحلول نهاية القرن الحالي.