«أكويلا».. طموح إيطالي لم يتحقق أثناء الحرب العالمية الثانية

«أكويلا».. طموح إيطالي لم يتحقق أثناء الحرب العالمية الثانية


خلال الحرب العالمية الثانية، سعت إيطاليا بقيادة بينيتو موسوليني جاهدة لإثبات أن قوتها تُضاهي قوة النازيين والإمبراطورية اليابانية.

ورغم أن ذلك «لم يكن دقيقا»، كان أسطول إيطاليا البحري على الأرجح الفرع الأكثر فعالية في قواتها المسلحة، حتى وإن كان يفتقر إلى الكثير من المقومات مثل امتلاك حاملة طائرات وهي القدرة التي رغبت فيها البحرية الملكية الإيطالية بشدة، لكنها لم تنجح في تطويرها، وفقا لما ذكره موقع “ناشيونال إنترست”.

كان المسرح البحري الرئيسي لإيطاليا هو التنافس على السيطرة على البحر الأبيض المتوسط مع البحرية الملكية البريطانية؛ ونظرًا لتزايد هيمنة القوة الجوية البحرية على الاشتباكات البحرية، والمزايا التي منحتها حاملات الطائرات البريطانية للبحرية الملكية البريطانية في القتال في البحر الأبيض المتوسط، أرادت روما امتلاك سفينة مماثلة.

أصول الفكرة

ظهرت “أكويلا” وتعني “النسر” بالإيطالية كمشروع جريء، انتهى بالفشل بسبب القيود الصناعية، والعثرات الاستراتيجية، وتقلبات مسار الحرب.

وتعود أصول الفكرة لفترة ما بين الحربين العالميتين، عندما راقب الإيطاليون كيف تطور مختلف القوى البحرية العظيمة في العالم الحديث حاملات طائرات من أنواع مختلفة.

وفي عام 1923، جرى إلغاء أي مشروع جدي بسلل القدرة الصناعية المحدودة لإيطاليا، والتركيز على مواجهة البوارج الفرنسية، والاعتقاد بأن إيطاليا نفسها كانت بمثابة حاملة طائرات غير قابلة للغرق في البحر الأبيض المتوسط.

لكن الغارة على تارانتو في نوفمبر/تشرين الثاني 1940، كشفت عن ضعف الأسطول الإيطالي حيث شلّت قاذفات الطوربيد البريطانية ثلاث بوارج إيطالية. وأكدت ذلك معركة كيب ماتابان في مارس/آذار 1941، حيث كان من الممكن تجنب خسارة ثلاثة طرادات ثقيلة باستخدام طائرات تنطلق من حاملات الطائرات، لذا وافق موسوليني على تحويل سفينة الركاب “إس إس روما”، التي يبلغ وزنها 30,800 طن إلى حاملة طائرات وتمت تسميتها “أكويلا”.

مواصفات أكويلا

كان تحويل “إس إس روما” وهي سفينة مدنية إلى إلى “أكويلا” وهي سفينة حربية قادرة على حمل 51 طائرة “مهمة صعبة”، فجرى تفريغ الجزء الداخلي من السفينة لاستيعاب سطح حظيرة طائرات وورش عمل وآلات جديدة.

كما جرى إطالة الهيكل وتزويده بأبواق عميقة لتحقيق الاستقرار والحماية من الطوربيدات وتسليح سطح الطيران جزئيًا بصفائح 76 مم فوق مخازن وقود الطائرات والذخيرة وربط سطح الطيران بالحظيرة بواسطة مصعدين مثمنين، بسعة تحميل محدودة تبلغ خمسة أطنان لكل منهما.

تم تطوير نظام دفع أكويلا بثمانية غلايات وأربعة توربينات بخارية، مما أنتج 151,000 قوة عمود دوران، وسرعة قصوى تبلغ 30 عقدة (34 ميلاً في الساعة)، وهي سرعة تُضاهي سرعة حاملات الطائرات الأمريكية مثل “يو إس إس رينجر”.

تضمن تسليح “أكويلا” ثمانية مدافع ثنائية الغرض عيار 135 ملم، أُعيد استخدامها من طرادات غير مكتملة من فئة كابيتاني روماني، و12 مدفعاً مضاداً للطائرات عيار 65 ملم مع أن بطارية الدفاع الجوي كانت غير مكتملة بحلول استسلام إيطاليا عام 1943.

واعتمدت مرافق الطيران التابعة للسفينة على التكنولوجيا الألمانية، التي تم الحصول عليها خلال مهمة فنية عام 1941 وتم تركيب منجنيقين هوائيين مضغوطين من طراز ديماج، في مقدمة سطح القيادة، قادرَين على إطلاق طائرة واحدة كل 30 ثانية.

وُضِعَت خمس مجموعات من معدات إيقاف الإطلاق الألمانية، لكن ثبت وجود خلل في تركيبها الأولي، مما أثار المخاوف من حاجة الطائرات إلى الهبوط في البحر أو في المطارات بعد المهام وهو قيد تشغيلي شديد.

وبعد أشهر من الاختبار اعتُبرت المعدات صالحة للاستخدام بحلول مارس/آذار 1943، وكان من المخطط أن تتكون مجموعة “أكويلا” الجوية من 51 قاذفة مقاتلة من طراز ” Reggiane Re.2001″، مع 41 طائرة مخزنة في الحظيرة و15 مقاتلة معلقة من رأس سطح السفينة بسبب الأجنحة غير القابلة للطي و10 طائرات على سطح الطيران.

ماذا لو اكتمل بناء أكويلا؟

لو اكتمل بناء أكويلا، لكانت قد عززت عمليات إيطاليا في البحر المتوسط من خلال توفير دفاع جوي للأسطول وقدرات هجومية.

لكن إيطاليا افتقرت إلى الخبرة في عمليات حاملات الطائرات حيث اقتصر تدريب الطيارين على عمليات المحاكاة البرية، وقللت الأجنحة غير القابلة للطي لطائرة Re.2001 من سعة حظيرة الطائرات، كما أن انخفاض وزن الرافعة حدّ من قدرة الطائرة على المناورة، وشكلت معدات التوقف المعيبة، حتى بعد التعديلات، مخاطر، كما أن عدم وجود حاجز اصطدام، زاد من خطر وقوع الحوادث.

وواجهت القاعدة الصناعية الإيطالية المتوترة، والمثقلة أصلاً ببناء المدمرات والغواصات والطرادات، صعوبة في إعطاء الأولوية للسفينة “أكويلا” وشقيقتها “سبارفيرو”.

وبحلول سبتمبر/أيلول 1943، كانت “أكويلا” قد اكتملت بنسبة 80 إلى 90%، مع اختبار المحركات والمقاليع، لكنها كانت تفتقر إلى طاقم كامل ومدافع مضادة للطائرات وطائرات عملياتية.

نهاية حزينة

وأدى قرار إيطاليا المفاجئ بالانسحاب من الحرب في 8 سبتمبر/أيلول 1943 إلى توقف بناء أكويلا.

وبعد سيطرتها على شمال إيطاليا وإعادة تنصيب موسوليني استولت القوات الألمانية على السفينة في جنوة، وكانت تعتزم إعادة توظيفها أو تفكيكها، لكن الغارات الجوية للحلفاء ألحقت بها أضرارًا في 16 يونيو/حزيران 1944، مما أدى إلى توقفها عن العمل لبقية الحرب.

وفي 19 أبريل/نيسان 1945، هاجم رواد غواصات إيطاليون من وحدة مارياسالتو الموالية لمملكة إيطاليا، التي انضمت إلى الحرب إلى جانب الحلفاء “أكويلا” بطوربيدات بشرية لمنع الألمان من استخدامها أو استخدامها كسفينة حصار مما تسبب في أضرار طفيفة، لكنه ترك السفينة عائمة.

وبعد الحرب، أُعيد تعويم “أكويلا” عام 1946، وسُحبت إلى لا سبيتسيا عام 1949، ثم أُلغيت في عام 1952، لتضع نهاية غير رسمية لأول حاملة طائرات إيطالية.