من أوكرانيا إلى إيران: مجموعة السبع تبحث عن حلول في جبال روكي

تم تحديثه الإثنين 2025/6/16 02:07 م بتوقيت أبوظبي
قمة مرتبة مسبقا تجد نفسها في مواجهة سيل من الأزمات، أحدثها الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، وأقلها حدة التوتر بين كندا وأمريكا.
ويبدأ قادة دول مجموعة السبع، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اجتماع قمة في جبال روكي الكندية، اليوم الإثنين، بحثا عن موقف مشترك بشأن قضايا عدة يتقدمها في الوقت الراهن التصعيد بين إيران وإسرائيل.
ويعيد الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام في مدينة كاناناسكيس الكندية، ترامب إلى جدول المواعيد الدبلوماسية الدولية، بعدما فاجأ حلفاء بلاده منذ عودته إلى البيت الأبيض بتغييرات واسعة في السياسة الخارجية، ورسوم جمركية باهظة على الشركاء والخصوم على السواء.
ووضع رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، أجندة تهدف إلى التقليل من الخلافات خلال قمّة الدول الصناعية الكبرى، بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة.
مع ذلك، يتوقع ظهور انقسامات بين قادة هذه الدول أثناء مناقشة الهجمات المتبادلة بين تل أبيب وطهران والتي بدأت عقب تنفيذ إسرائيل ضربات على مواقع نووية وعسكرية في إيران فجر الجمعة.
لكن على الصعيد الدبلوماسي، قال كارني إن كندا تستطلع حاليا آراء الدول بشأن دعوة مشتركة لـ”خفض التصعيد” بين إسرائيل وإيران.
تباين المواقف
ويمكن لمجموعة السبع أن تدعو إلى خفض التصعيد، أو تكتفي بتكرار “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” وتحميل طهران المسؤولية عن التصعيد الراهن على خلفية برنامجها النووي، وفق “فرانس برس”.
وقبيل القمة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنها أبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن “الدبلوماسية هي الخيار الأمثل بشأن إيران”، من دون أن تطالب بوقف فوري لإطلاق النار.
وقالت فون دير لاين للصحفيين في مكان انعقاد قمة مجموعة السبع، إنها توافقت مع نتنياهو على أن “إيران لا ينبغي أن تمتلك سلاحا نوويا، دون أي شك”، مضيفة “بالطبع أعتقد أن حلا تفاوضيا هو الأفضل على المدى البعيد”.
فيما أشاد ترامب بالضربات الإسرائيلية، مع دعوته البلدين إلى “إبرام تسوية”.
من جهتها، حافظت الدول الأوروبية على موقف حذر. ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضبط النفس، لكنه حضّ طهران على استئناف المفاوضات مع واشنطن، متهما إيران بتصعيد التوترات المرتبطة ببرنامجها النووي.
أما اليابان التي لطالما حافظت على علاقات ودية مع إيران، فاتخذت موقفا مختلفا عن الدول الغربية عبر إدانتها الضربات الإسرائيلية ووصفها بأنّها “غير مقبولة ومؤسفة للغاية”.
ربط إيران وأوكرانيا
إلى ذلك، دعت فون دير لاين، كذلك مجموعة السبع للربط بين النزاع الإيراني الإسرائيلي، والحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وقالت رئيسة المفوضية إن “المسيّرات والصواريخ البالستية المصمّمة والمصنّعة في إيران تقوم بضرب مدن في أوكرانيا وإسرائيل عشوائيا. لذا يجب مواجهة هذه التهديدات بالتوازي”.
ودُعي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور القمة حيث يأمل في التحدث مع ترامب.
وكان الرئيس الأمريكي تعهّد بالتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا في الأيام الأولى من وصوله إلى البيت الأبيض، كما تقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. غير أنّ هذا التقارب لم يلبث أن تحوّل إلى غضب، بعدما رفض بوتين الدعوات الأمريكية للتوصل إلى هدنة.
وأجرى ترامب، السبت الماضي، اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي ناقشا خلاله النزاع بين إيران وإسرائيل والحرب في أوكرانيا، وأبدى ترامب “انفتاحا” على أداء بوتين وساطة بين إسرائيل وإيران.
أما الرئيس الفرنسي فأعرب عن اعتقاده أن نظيره الروسي لا يمكن أن يؤدي مثل هذه الوساطة “بأي شكل من الأشكال”.
“الولاية الـ51”
ويزور ترامب، كندا التي لطالما ردد في الآونة الأخيرة أنها ستكون أفضل حالا في ما لو أصبحت “الولاية الحادية والخمسين” في الولايات المتحدة.
غير أنّ التوترات بين البلدين هدأت منذ تولي مارك كارني رئاسة الحكومة في كندا في مارس/آذار خلفا لترودو الذي كان ترامب أبدى عدم إعجابه به.
لكن توترات حادة لا تزال قائمة.
وتعهد ترامب، الذي يسعى إلى إحداث تحول جذري في النظام الاقتصادي العالمي القائم على التجارة الحرة، بفرض رسوم جمركية شاملة على أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها اعتبارا من التاسع من يوليو/تموز.
ومع استضافته لقمة السبع، يجد رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، نفسه في أمام أول اختبار كبير له على الساحة العالمية بعد 3 أشهر له فقط في المنصب.
وقد تكون مهمته الأولى هي تجنّب تكرار قمة عام 2018 التي أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وذلك وفقا لما ذكرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.
كان كارني قد وصل إلى السلطة بحملة علنية ضد ترامب وتهديداته بضم كندا، لكن الآن لديه خط مباشر مع الرئيس الأمريكي وسط مفاوضات على صفقة اقتصادية وأمنية.
وقالت لويز بليس، المستشارة الخاصة الأولى للشؤون الأمريكية والدولية في مجلس الأعمال الكندي “على كارني أن يُحقق التوازن.. يشعر الكنديون بالظلم من الرئيس الأمريكي. لذا عليه أن يكون لطيفًا، ولكن ليس مُفرطًا في اللطف”.
وحذرت بليس من أن ترامب قد يتعرض للتشتيت بسهولة بسبب الترحيب البارد من الكنديين الغاضبين.
وحتى لو لم يقترب المتظاهرون من القمة، فمن المؤكد أن المظاهرات ستُحدث ضجة إعلامية.
وفي ظلّ هذه المتغيرات المتضاربة، بما في ذلك احتمال نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، يخشى مراقبو القمة أن تشبه قمة “شارلفوا” في 2018، والتي خرجت عن مسارها في ظل التوتر المستمر بين ترامب ورئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو.