ما الذي جعل نيبال واحدة من أسرع الأسواق نمواً في مجال السيارات الكهربائية؟

ما الذي جعل نيبال واحدة من أسرع الأسواق نمواً في مجال السيارات الكهربائية؟


تُعرف مدينة كاتماندو، عاصمة نيبال، بكونها واحدة من أكثر مدن العالم تلوثًا، لكنها باتت الآن من أسرع الأسواق نموًا للسيارات الكهربائية.

ووفقا لتقرير نشره موقع “فاست كومباني”، فقد تفوقت مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة في نيبال على مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري. وبينما تبلغ نسبة مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة حوالي 9%، وصلت هذه النسبة في نيبال إلى نحو 65%.

ونقل التقرير عن ديفيد سيسلين، مدير البنك الدولي في نيبال وجزر المالديف وسريلانكا: قوله:”لقد شهدنا تحولًا مذهلًا في تبني السيارات الكهربائية.”

تحول مذهل

ومنذ 5 سنوات فقط، كانت السيارات الكهربائية تشكل نسبة ضئيلة جدًا من مبيعات السيارات الجديدة، وكانت الحافلات الصغيرة ذات الثلاث عجلات – وهي سيارات شائعة – تعمل في الغالب بالبنزين. أما اليوم، فقد بلغت نسبة التحول إلى الكهرباء في هذه الفئة من السيارات 83%.

تراجع المبيعات للشهر الخامس على التوالي.. هل قاطع الألمان تسلا؟

ويُرجع سيسلين هذا التحول إلى سبب بسيط، وهو أنه في يوليو/تموز 2021، خفّضت الحكومة بشكل كبير الضرائب الجمركية ورسوم الاستهلاك على السيارات الكهربائية. “وعندما تُصبح أرخص، يتبناها الناس فورًا”.

ورغم أن الحكومة زادت الضرائب مؤخرًا قليلًا (على الأرجح لتعويض الإيرادات المفقودة)، تظل السيارات الكهربائية صفقة أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تشغيل سيارة كهربائية أرخص بكثير من سيارة تعمل بالوقود، خاصةً في نيبال حيث يُستورد الوقود وتكون تكلفته مرتفعة.

في المقابل، فإن شحن السيارة الكهربائية قد يُكلّف عُشر تكلفة تعبئة خزان الوقود – أو حتى أقل. والنماذج المتوفرة من شركات مثل BYD الصينية وتاتا الهندية مرغوبة ومناسبة للسوق المحلي، وقد بدأت تسلا مؤخرًا ببيع سياراتها في نيبال، رغم أن الخيارات الصينية تبقى أرخص وربما أفضل أداءً.

ووفقًا لسيسلين، فإن “السيارات الكهربائية تُرى يوميًا، وتبدو وكأنها نصف ما هو موجود ومستخدم على الطريق. وعدد وكلاء البيع مذهل”.

سوق قديم

نيبال كانت من أوائل الدول التي استخدمت السيارات الكهربائية ذات الثلاث عجلات، المعروفة محليًا باسم “تمبو”، بدعم من وكالة التنمية الأمريكية (USAID) في التسعينيات. ولكن في أوائل الألفينات، أدت سياسات الحكومة الخاطئة إلى تراجع الصناعة، بعد خفض الضرائب على الحافلات الصغيرة العاملة بالبنزين. واليوم، تشهد هذه السيارات عودة قوية وحديثة.

ورغم أن البنية التحتية للشحن لا تزال تمثل تحديًا، فإنها تنمو بسرعة، إلى جانب حلول مثل تبديل البطاريات. ويقول ديباك راونيار، رجل أعمال يعمل على إنشاء شبكة لمحطات تبديل البطاريات للمركبات الثنائية والثلاثية العجلات: “نريد استخدام التكنولوجيا لجعل الرحلة بأكملها سلسة”.

وبدأت كاتماندو أيضًا في إطلاق أسطول من الحافلات الكهربائية الكبيرة. ففي العام الماضي، أضافت شركة ساجها ياتيات، وهي خدمة حافلات تعاونية، 40 حافلة كهربائية جديدة ومحطة شحن كبيرة، وتخطط الآن لإضافة 100 حافلة أخرى. وتكلفة شحن الحافلة الكهربائية تعادل 1/33 من تكلفة تشغيلها بالديزل، رغم أن تكلفتها الأولية أعلى.

وتُشحن هذه المركبات بالكهرباء النظيفة، إذ إن معظم كهرباء نيبال تأتي من الطاقة الكهرومائية.

وتسعى نيبال إلى الوصول إلى 90% من تبني السيارات الكهربائية الخاصة ذات الأربع عجلات بحلول عام 2030، ضمن أهدافها المناخية في اتفاق باريس. لكن مع أن البلاد لا تُنتج سوى 0.027% من الانبعاثات العالمية، فإن السبب الرئيسي هو التلوث الهوائي، وليس المناخ.

وتقع كاتماندو في وادٍ محاط بالجبال، مما يؤدي إلى احتباس الملوثات. ومع تغير المناخ، تقل الأمطار شتاءً، مما يجعل الهواء أكثر تلوثًا. ويأتي التلوث من مصادر متعددة، منها الحرائق البرية (التي تزداد مع تغير المناخ) والمصانع القديمة، التي يسعى البنك الدولي إلى المساعدة في تحديثها. ومع انخفاض عدد السيارات التي تُطلق الأدخنة السوداء على الطرق، فإن كاتماندو ستصبح مدينة أكثر صحة للعيش.