اليوان يثير انقسامات في بلغاريا: القلق من التضخم وضغوط العاصمة الأوروبية.

اليوان يثير انقسامات في بلغاريا: القلق من التضخم وضغوط العاصمة الأوروبية.


إمتلأت شوارع العاصمة البلغارية صوفيا بالغضب الوطني رفضًا لليورو، فيما تستعد البلاد لتبني رسميا العملة الأوروبية.

وقال تقرير نشرته صحيفة التليغراف البريطانية إن شوارع صوفيا تحولت إلى بحر من الأعلام البلغارية الحمراء والبيضاء والخضراء خلال الأيام الماضية حيث خرج الآلاف في مسيرة احتجاجية ضد اليورو.

وجاءت التظاهرات قبل أيام فقط من إعلان البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية أن بلغاريا قد اجتازت جميع الاختبارات الاقتصادية اللازمة لتصبح العضو الحادي والعشرين في منطقة اليورو.

ومن المقرر أن يصوّت وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي في 8 يوليو/تموز على تأكيد الانضمام، ما يمهّد الطريق أمام بلغاريا — التي انضمت إلى الاتحاد في 2007 — لاستبدال عملتها الحالية “الليف” باليورو في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.

ورغم أن المسؤولين الأوروبيين يقدمون هذا الأمر على أنه إجراء فني وإداري بحت ضمن التزامات عضوية الاتحاد، فإن المشهد في بلغاريا مختلف تمامًا.

بلغاريا على أبواب اليورو.. بروكسل ترحب بانضمام محتمل في 2026

انقسام داخلي

وتشهد البلاد انقسامًا حادًا بشأن العملة الموحدة، وسط أزمة سياسية متصاعدة تشمل الرئيس والبرلمان والمحكمة الدستورية، بالإضافة إلى اتهامات بانتشار المعلومات المضللة وتدخلات روسية.

وقال السياسي الشعبوي كوستادين كوستادينوف خلال المظاهرة: “بلغاريا انتفضت وقالت: الحرية! نحن نختار الليف البلغاري!”.

ورغم الجدل حول عدد المتظاهرين، فإن استطلاعات الرأي تعكس الانقسام بوضوح. ووفقًا لأحدث استطلاع من يوروباروميتر الشهر الماضي، يؤيد 43% فقط من البلغاريين اعتماد اليورو، بينما يعارضه 50%. أما مركز “ترند ريسيرش” المحلي فأظهر أن 21% فقط يدعمون الانتقال العام المقبل، و33% يفضلون تأجيله، فيما يعارضه 38% تمامًا.

وتدعم الغالبية فكرة إجراء استفتاء شعبي، لكن المحكمة الدستورية رفضت دعوة حزب “النهضة” القومي (الذي يقوده كوستادينوف) لذلك، معتبرة أن اعتماد اليورو التزام تعاقدي بموجب عضوية الاتحاد.

الخوف من التضخم

والقلق الأكبر لدى البلغاريين هو ارتفاع الأسعار، حيث أشار 47% في استطلاع يوروباروميتر إلى أن التضخم وتكاليف المعيشة هي أكبر تحدياتهم.

وتقول عالمة السياسة البلغارية إميليا زانكينا: “الناس خائفون فعلًا، لأنهم يتعرضون لحملة دعائية مكثفة تفيد بأن الأسعار ستتضاعف، وأن الاقتصاد ليس مستعدًا، وأن النظام المصرفي سينهار، وأن مدخراتهم ستُمحى”.

وكانت كرواتيا قد شهدت مخاوف مماثلة قبيل اعتمادها اليورو في 2023. وأظهرت دراسة للبنك المركزي الكرواتي بعد عام أن التحول أدى إلى زيادة في الأسعار بنسبة 0.4 نقطة مئوية فقط، في حين ساهم في تقليل معدلات الفائدة وخفض تكاليف المعاملات عبر الحدود.

من جهته، أكد البنك المركزي الأوروبي قبل أيام أن بلغاريا تفي بجميع الشروط: نسبة الدين العام 24% من الناتج المحلي، العجز 3%، التضخم متوافق مع معايير منطقة اليورو، وعملة “الليف” مرتبطة باليورو منذ سنوات.

ولا تزال عدة دول خارج منطقة اليورو: الدنمارك لديها إعفاء رسمي، والسويد رفضت الانضمام في استفتاء عام 2003. أما بولندا والمجر والتشيك فتؤجل الخطوة لأسباب سياسية، فيما لم تستكمل رومانيا المتطلبات الاقتصادية.

وتأمل بروكسل أن تؤدي توترات الاقتصاد العالمي — وخصوصًا مع احتمال عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب — إلى تعزيز مكانة اليورو عالميًا. وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد مؤخرًا إن التغيرات الاقتصادية الأمريكية قد تتيح “فرصة” لليورو.

ووصف وزير المالية الأيرلندي باشال دونوهو اليورو بأنه “رمز قوي لسيادتنا المشتركة يمكن الإحساس به في محفظتك”.

تدابير حكومية

ورغم صخب المعارضين في بلغاريا، تأمل الحكومة في تهدئة الأجواء من خلال آليات لمراقبة ارتفاع الأسعار، وموقع إلكتروني لتفنيد الشائعات.

ويظل البلغاريون، رغم رفضهم لليورو، مؤيدين للاتحاد الأوروبي عمومًا — حيث تشير الاستطلاعات إلى أنهم يثقون في بروكسل أكثر من حكومتهم أو برلمانهم.

وتقول زانكينا: “هؤلاء السياسيون الشعبويون ينجحون في إبقاء حالة الاستقطاب، حتى عندما تكون القضايا التي تسببت في الانقسام قد انتهت فعليًا أو فقدت قدرتها على إثارة الجدل”.

وتختم: “إذا كان عليّ أن أراهن، سأقول إن اليورو سيتم اعتماده. ثم سننتقل إلى قضية انقسامية أخرى ببساطة”.