جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي: أنهوا القتال أو ارجعونا إلى بيوتنا

تتعالى أصوات جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي مطالبين بإنهاء الحرب على غزة أو إعادتهم إلى حياتهم الطبيعية بالمنزل.
وفي الأسابيع الأخيرة، أعلن الجيش الإسرائيلي استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط للمشاركة في عملية “عربات جدعون” لتوسيع الحرب على غزة.
وأعداد كبيرة من الجنود الذين تم استدعاؤهم كانوا قد شاركوا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لأكثر من مرة في جولات حربية.
ولأجل الاستجابة لدعوات التجنيد فإن جنود الاحتياط يضطرون لترك وظائفهم وأعمالهم التجارية وعائلاتهم ما يتسبب في تراجع أوضاعهم الاقتصادية. كما أن النسبة الأكبر من 862 جنديا قتلوا و5630 جرحوا منذ بداية الحرب هم من جنود الاحتياط.
وإضافة إلى ذلك فإن عشرات آلاف الجنود طلبوا منذ بداية الحرب الخدمة النفسية بسبب أعراض صدمة الحرب، وفق تقارير وزارة الدفاع الإسرائيلية.
ووفقا للمعطيات الرسمية الإسرائيلية، فقد تجاوزت نسبة استجابة جنود الاحتياط في بعض الوحدات 100% في بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلا أنه مع استمرار الحرب بدأت هذه النسبة في التراجع تدريجياً.
وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن ثمة عدة أسباب أدت الى التراجع؛ بينها:
مواجهة الكثير من جنود الاحتياط مصاعب اجتماعية ومهنية تحول دون استجابتهم لاستدعاءات الخدمة
ازدياد الجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية
ظهور قطاعات لا بأس بها تؤيد وقف الحرب لصالح إعادة الرهائن.
معارضة توجه الحكومة لإعفاء متدينين يهود “حريديم” من الخدمة العسكرية.
تصاعد الانتقادات
وفي هذا الصدد، قال موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي، الجمعة: “يحاول الجيش الإسرائيلي التعامل مع انتقادات جنود الاحتياط بشأن إعادة توزيع المهام في قطاع غزة، والذين يطالبون بـ”إنهاء الحرب”، أو إن لم يكن “إعادتهم إلى منازلهم ليتمكنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعية”.
وفي إشارة إلى عملية “عربات جدعون”، قال الموقع الإخباري الإسرائيلي: “يتضمن جزء كبير من المناورة العودة إلى الأماكن التي قاتل فيها الجيش الإسرائيلي سابقًا”.
وقال ضابط كبير في الفرقة 98: “المناورة التي أجريناها هنا هي جزء مما ساهم في تهيئة البنية التحتية اللازمة لنكون أكثر دقة. ويتجلى ذلك في كشف الأنفاق، لقد وصلنا إلى الشرايين الرئيسية بسرعة نسبية. فعندما تفهم النظام بأكمله، لا يتعين عليك الوصول إلى جميع الأنفاق. فهناك عدة مراكز ثقل”.
وبخصوص ملاءمة الدبابات ومخزون الذخيرة، أضاف أن “المشكلة الكبرى مع الدبابات تكمن في قطع الغيار”.
من جهته، قال ضابط كبير في اللواء السابع إن “القوات سيطرت على مناطق مهمة في خان يونس. لقد اخترقنا ممرًا تقسيميًا يسمح لقوات إضافية بالدخول واحتلال مناطق بالغة الأهمية، لتمكيننا من شن هجوم عميق، وتحقيق أهدافنا، والاستيلاء على موارد هامة من حماس، سواءً فوق الأرض أو تحتها”.
غير أن الضابط لم يُخفِ استنزاف الجنود النظاميين، قائلاً: “لقد قاتلوا لفترة طويلة. دخلوا المناورة بقوة، وسيعودون إليها قريبًا ويستعيدون عافيتهم. من المهم جدًا حماية الجنود، فنحن نقدّرهم كثيرًا”.
الهدف النهائي للعملية
وبخصوص الهدف النهائي للعملية، تابع الضابط الكبير: “الهدف هو بلا شك إعادة المخطوفين. وعلى المدى البعيد، هزيمة حماس”.
إلا أن صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قالت: “يقترب نزاع داخلي في الجيش الإسرائيلي حول كيفية إدارة العبء المتزايد على جنود الاحتياط في السنوات القادمة من اتخاذ قرار من قِبل مديرية الموارد البشرية في الجيش”.
وأضافت: “النتيجة المتوقعة: سيستمر جنود الاحتياط في الخدمة لمدة شهرين على الأقل سنويًا في ظل السيناريو الأكثر تحفظًا، ما لم يزد الجيش عدد مجنديه”.
وأشارت إلى أنه “يأتي هذا النقاش في ظل جهود متواصلة من الأحزاب الدينية “الحريديم” لعرقلة التشريعات التي تهدف إلى تجنيد عشرات الآلاف من طلاب المدارس الدينية في الجيش – وهي جهود تضمنت تهديدات بإسقاط الحكومة”.
72 يوما سنويا
وبحسب الصحيفة فإنه “منذ أواخر العام الماضي، طبّق الجيش الإسرائيلي نموذجًا جديدًا للاحتياط يُلزم الجنود بالخدمة لمدة 72 يومًا سنويًا – حوالي شهرين ونصف – مع فترات راحة مدمجة في تلك الفترة، باستثناء أي عملية عسكرية كبرى”.
واستدركت: “مع ذلك، تجاوزت الحرب الحالية بالفعل هذه الحصة. ففي الأشهر الأخيرة، شملت العمليات البرية المحدودة في غزة – التي تقودها بشكل رئيسي وحدات في الخدمة الفعلية – ألوية من جنود الاحتياط لم يكن من المقرر أن تخدم خلال هذه الفترة”.
وقالت: “لقد ترك الانتشار البطيء للفرق العاملة في غزة تحت قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي فجوات على طول الحدود الأخرى، وخاصة في الشمال والضفة الغربية، مما دفع إلى استدعاء مفاجئ لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط ليحلوا محل القوات العاملة”.
لا هنا ولا هناك
وأضافت: “حتى قبل التصعيد الحالي في غزة، أعرب قادة السرايا والكتائب عن مخاوفهم من أنه خلال فترة الخدمة التي تبلغ شهرين ونصف، كان الجنود غالبًا “لا هنا ولا هناك”.
وأوضحت في هذا الصدد أنه “بسبب الإرهاق والاحتراق النفسي، أرسل العديد من القادة جنودهم إلى منازلهم لقضاء فترات راحة طويلة – تصل أحيانًا إلى أسبوع أو أكثر في كل مرة – مما يسمح لهم بالراحة وإعادة التواصل مع عائلاتهم ومواصلة العمل أو الدراسة. في كثير من الحالات، يظل هؤلاء الاحتياطيون يتقاضون رواتبهم كاملة من الجيش الإسرائيلي، حتى عندما لا يتم نشرهم فعليًا”.
ونقلت عن ضابط احتياط، قوله: “كانت النية حسنة، لكن النتيجة إشكالية، إنهم ليسوا في الخدمة الاحتياطية فعليًا، لكنهم ليسوا في منازلهم أيضًا. يمكن استدعاؤهم للعودة في أي لحظة. هذا يُسبب صداعًا شديدًا للقادة الذين يديرون القوى العاملة والانتشار العملياتي”.
وبحسب الصحيفة فإنه “لمعالجة هذا الأمر، تدرس مديرية الموارد البشرية التحول إلى عمليات انتشار أقصر وأكثر تركيزًا – من ثلاثة إلى أربعة أسابيع كل ثلاثة إلى أربعة أشهر. ستشمل هذه الفترات فترات راحة قصيرة، غالبًا خلال عطلات نهاية الأسبوع، مما يسمح لجنود الاحتياط بالتركيز الكامل على مهامهم دون الحاجة إلى التنقل المستمر بين المنزل والقاعدة”.
وقالت: “بموجب هذا النموذج، سيبقى إجمالي خدمة الاحتياط السنوية كما هو تقريبًا – حوالي 10 إلى 12 أسبوعًا – ولكن موزعة على عدة عمليات انتشار أقصر بدلًا من فترة طويلة واحدة، بافتراض عدم وجود تصعيد في غزة أو على الجبهة الشمالية”.
يخدم جنود الاحتياط أربعة أضعاف مدة خدمتهم قبل 7 أكتوبر.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “يمثل عبء الخدمة الحالي تحولًا كبيرًا عن حقبة ما قبل 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، عندما كان معظم جنود الاحتياط يخدمون مدة أقل بكثير”.
وقالت: “قبل الحرب، كان قادة الكتائب فقط يخدمون عادةً شهرين في السنة. كان جندي الاحتياط النظامي في وحدة ذات أولوية عالية، مثل وحدة تابعة للقيادة الشمالية، يتدرب لمدة أسبوع أو أسبوعين في عام واحد، ثم ينفذ ثلاثة أسابيع من الخدمة العملياتية في العام التالي”.
وأضافت: “أما الآن، فغالبًا ما يخدم قادة السرايا والكتائب ثلاثة إلى أربعة أضعاف المدة، ويقضون معظم وقتهم بالزي العسكري منذ بدء الحرب. هؤلاء مدنيون لديهم وظائف وعائلات، وليسوا عسكريين دائمين”.
وتابعت: “يضغط القادة أيضًا على أصحاب العمل لعدم فصل جنود الاحتياط، الذين يشغل الكثير منهم مناصب عليا في الوكالات الحكومية والمؤسسات العامة والشركات الخاصة”.
aXA6IDE1NC43My4yNDkuMjIg