«خريف الأباتشي»: قصة جديدة عن «فأر» هزم «أسد»

في المرويات الشعبية، هناك فأر ضعيف ينال من أسد، وهو أمر طالما تكرّر في الحياة، لكن أحدًا لم يكن يتوقّع أن تسقط فيه “دبابة السماء”.
وتواجه مروحية “أباتشي” الهجومية الأمريكية الملقبة بـ”دبابة السماء”، رمز التفوق الجوي لعقود، تحديات وجودية في البيئات القتالية المعاصرة.
وذكر الليفتنانت جنرال جوزيف رايان، نائب رئيس أركان الجيش الأمريكي للعمليات، أن الطراز القديم إيه إتش-64دي الذي دخل الخدمة قبل 30 عاماً – لم يعد قادراً على حسم المعارك وأصبح تشغيله مكلفاً للغاية. وحذر من أن الطراز الأحدث إيه إتش-64 إي بات “على حافة فقدان فعاليته” مقارنة بأدائه السابق.
«غريبن».. مقاتلة المهمات المركبة في يد القوات التايلاندية
ويعود هذا التراجع إلى ظهور تهديدات متطورة مثل أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، والحرب الإلكترونية التي تستهدف أنظمتها الرقمية، وانتشار الطائرات المسيرة القتالية التي تشكل خطراً مضاداً رغم نجاح صواريخ “هيلفاير” في مواجهتها أحياناً، بحسب موقع “بيزنس إنسايدر”.
وأشار رايان إلى حرب أوكرانيا كشفت نقاط ضعف المروحيات الهجومية في المواجهات الحديثة، والأداء “المحدود للغاية” للمروحيات الروسية والأوكرانية مثل كا-52 “التمساح”. ووفقاً لموقع “أوريكس”، تم تدمير 64 مروحية كا-52 منذ بدء العملية الروسية، مما يظهر هشاشة هذه المروحيات أمام الدفاعات الجوية الحديثة.
وأدى تفوق أنظمة الدفاع الجوي إلى تقييد حركة الطائرات بجناحيها الثابت والمتحرك، مما حوّل الصراع إلى حرب برية تقليدية تخدم التفوق العددي الروسي في الأفراد والمعدات.
وتستجيب وزارة الدفاع الأمريكية لهذه التحديات بخطوات عملية، حيث يجري تسريع إخراج المروحيات من طراز “دلتا إيه إتش-64دي من الخدمة مع التركيز على تطوير الطراز “إيكو إيه إتش-64 إي المزود بمحركات أقوى وأنظمة تشويش متطورة مثل القنابل المضيئة المضادة للصواريخ الحرارية.
وتجري هذه الإجراءات ضمن خطة وزير الدفاع “بيت هيغسث” لإنشاء قوات “أكثر رشاقة وفتكاً”، والتي تشمل تقليص تشكيلات المروحيات المأهولة واستبدالها جزئياً بأساطيل من الطائرات المسيرة الرخيصة والكثيفة العدد لإرباك الدفاعات المعادية.
كما يجري نقل طواقم صيانة الطرازات القديمة لدعم وحدات الطراز “إيكو”، ومواصلة تطوير برنامج التكامل بين الطائرات المأهولة والمسيرة (MUM-T) رغم استمراره لأكثر من عقد.
ورغم بقاء الطلب العالمي على طراز إيه إتش-64 إي (خاصة من “بوينغ”)، فإن هذه التحولات تعكس إدراكاً استراتيجياً بأن عصر الهيمنة المطلقة للمروحيات الهجومية التقليدية قد شارف على نهايته.
ويتجه البنتاغون نحو نموذج مختلط يجمع بين منصات مأهولة محدثة وأسراب مسيرة، في محاولة لاستعادة الميزة التكتيكية في وجه بيئة التهديدات المتسارعة التطور.