بورجيه 2025: أكبر معرض للطيران ينطلق وسط عواصف التوترات العالمية

تم تحديثه السبت 2025/6/7 04:29 م بتوقيت أبوظبي
في ظل عالم يزداد اضطرابًا بالصراعات الجيوسياسية والتنافسات الاقتصادية، يعود معرض بورجيه الدولي للطيران والفضاء بنسخته الـ55 ليؤكد مكانته كأكبر فعالية في العالم لصناعة الطيران.
ومن 16 إلى 22 يونيو/حزيران الجاري، سيكون مطار بورجيه في ضواحي باريس نقطة التقاء رؤساء دول، قادة جيوش، كبار المصنعين، ومبتكري التكنولوجيا، في حدث يتخطى مجرد عرض جوي ليصبح مرآة لرهانات كبرى تمزج بين الدفاع والابتكار والاستدامة.
وفي نسخته الخامسة والخمسين، يكتسب هذا الحدث زخمًا إضافيًا وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والحرب الاقتصادية العالمية. نظرة أولية على فعاليات هذا الحدث الاستثنائي، بحسب مجلة L’usine Nouvelle الفرنسية.
«طائرة من ألياف الكربون» بمعرض أبوظبي للطيرانماذا قدمت الشركات في معرض أبوظبي للطيران؟
وأكثر من نسخة 2023، تعد نسخة 2025 من معرض بورجيه بأن تكون الأضخم حتى الآن. وكما جرت العادة كل عامين، ينصب قطاع الفضاء والطيران خيمته في بورجيه. وعلى مدار سبعة أيام، يعد المعرض بعروض مبهرة تجذب انتباه صناع القرار السياسيين والصناعيين، ضمن بعد دولي وكثافة غير مسبوقة.
وقال غيوم فوري، المدير التنفيذي لشركة “إيرباص” ورئيس تجمع الصناعات الجوية الفرنسية (GIFAS)، خلال مؤتمر صحفي عُقد في 5 يونيو/ حزيران بباريس: “تُقام هذه النسخة في سياق خاص. كانت نسخة 2023 تمثل العودة بعد أزمة كوفيد وإلغاء المعرض في 2021. أما هذا العام، فإن الوضع أكثر تعقيدًا بسبب النزاعات المسلحة والتوترات التجارية. المعرض سيحقق تقدمًا إضافيًا مقارنة بـ2023”.
وسيظل معرض بورجيه هذا العام منصة لعرض خبرات الشركات العالمية في مجال الطيران، ومناسبة لإبراز قدرات صناعة الطيران الأوروبية المهددة من جهات عدّة. لكن الحدث الكبير سيكون، أكثر من أي وقت مضى، ساحة للحوار والتبادل، خاصة في هذه الفترة التي تشهد توترات دولية متزايدة.
وقال فريديريك باريزو، المفوض العام لـ GIFAS: “سنستقبل مفوضين أوروبيين، وللمرة الأولى مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO). كما سنستضيف عددًا يقارب ضعف الوفود الرسمية مقارنة بنسخة 2023”.
ومن المتوقع أن يتجاوز عدد الوفود الرسمية 300 وفد. وقد يتخطى عدد الزوار عدد عام 2023 الذي بلغ 293 ألف شخص، منهم 127 ألف مهني.
مئة ملعب كرة قدم للاحتفاء بالطيران
ومن المرتقب أن يكون المعرض الأكبر عالميًا في قطاع الطيران ممتلئًا بالكامل.
ويوضح إيمانويل فييار، المفوض العام للمعرض: “لقد بلغنا الحد الأقصى لما يمكن تركيبه، فلو أردنا إضافة المزيد من الأجنحة، لكان علينا توسيع المطار”.
وعلى مساحة 70 هكتارًا، أي ما يعادل حوالي 100 ملعب كرة قدم، سيستضيف الحدث 2400 عارض من 48 دولة. وستكون فرنسا في الصدارة بـ1110 عارضين، تليها الولايات المتحدة بـ449 عارضًا، ثم إيطاليا بـ122.
ومن بين أبرز المفاجآت، سيكون هناك جناح للهند، يعكس طموحاتها في قطاع الطيران، وجناح لأوكرانيا رغم استمرار النزاع مع روسيا. أما مشاركة شركات إسرائيلية، فتبقى معلقة بقرار محكمة بوبينيه، نظرًا للجدل القائم حول الحرب في غزة.
وقود الطيران المستدام… الإمارات تقود التغيير في منتدى الشحن العالمي 2025
وبخصوص الطائرات والطائرات بدون طيار (درون) والتاكسيات الطائرة والمروحيات، فسيصل عددها إلى نحو 150 طائرة تشارك في عروض جوية وأرضية. من بينها مقاتلة “رافال” من داسو، وF-35 من لوكهيد مارتن، وAirbus A350.
أما الطائرة الصينية C919 من شركة Comac، المنافس الجديد لإيرباص A320 وبوينغ 737، فلن تشارك بعد أن فشلت في الحصول على شهادة اعتماد أوروبية، وتم تصنيع أقل من 20 وحدة منها حتى الآن.
كذلك، لم يتمكن طراز EH216-S من شركة Ehang الصينية من التحليق كما كان مخططًا. بالمقابل، قد يفاجئ الجمهور بعض المصنعين الجدد بطائرات صغيرة منخفضة الانبعاثات، ما قد يشكل قفزة نوعية في تطور مشاريعهم.
وسيكون موضوع إزالة الكربون حاضرًا بقوة داخل “مختبر باريس الجوي” Paris Air Lab، المخصص لأكثر الابتكارات طموحًا.
حضور قوي للدفاع والفضاء
لن يغيب عن النقاش موضوع الرسوم الجمركية المتقلبة التي تفرضها الإدارة الأميركية، خاصة في مجال الطيران التجاري.
ويقول غيوم فوري: “سيكون هناك العديد من المصنعين الأميركيين، وسنناقش معهم هذه القضايا. فشبكات سلسلة القيمة في قطاع الطيران ترتبط بشكل كبير بالمحيط الأطلسي الشمالي”.
وأضاف: “لن نقوم بعمليات ضغط سياسي، بل ستكون هناك الكثير من النقاشات مع المنافسين والشركاء والموردين والعملاء بشأن كيفية التأقلم مع بيئة تنظيمية معقدة لا نملك تأثيرًا كبيرًا عليها”.
كما أكد المنظمون على الطابع الدفاعي والفضائي القوي لهذه النسخة.
فأكثر من 200 وفد عسكري، غالبًا بمشاركة رؤساء أركان القوات الجوية، سيجوبون المعرض، إضافة إلى نحو 30 وزيرًا أو نائب وزير من وزارات دفاع أجنبية.
وسيمثل العارضون العسكريون نحو 45% من إجمالي المشاركين، وهي زيادة ملحوظة مقارنة بالدورة الماضية.
ويشير فريديريك باريزو: “هذا المجال كان مهمشًا نسبيًا في السنوات الماضية”.
وإلى جانب الشركات الدفاعية التقليدية، ستشارك لأول مرة شركات مثل “Anduril” الأمريكية و”Helsing” الفرنسية الأمريكية، واللتين تبرزان باستخدام الذكاء الاصطناعي، خصوصًا لتعزيز فعالية الطائرات الدرون الهجومية.
تكريم خاص للنساء والصناعات الفضائية
ستُمنح الصناعات الفضائية مساحة خاصة في “Paris Space Hub”، وهو جناح تبلغ مساحته 2500 متر مربع، يضم نحو خمسين عارضًا.
ويقول غيوم فوري: “الفضاء بات يكتسب أهمية متزايدة، فالصين والولايات المتحدة تضخان استثمارات ضخمة في المجالين المدني والعسكري. نولي أهمية كبرى لتطور قدرات أوروبا وفرنسا على صعيدي الإنفاق واستخدام هذه التكنولوجيا”.
وشدد على ضرورة تنظيم الصناعات الأوروبية في بيئة شديدة التنافس عالميًا. ومن المنتظر أن يكشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته للمعرض يوم الجمعة 20 يونيو/حزيران، عن الخطوط العريضة للاستراتيجية الفضائية الفرنسية الجديدة.
ورغم هذا السياق الدولي المتوتر، يبقى معرض بورجيه مهرجانًا شعبيًا بامتياز. فالقطاع الفرنسي الذي يشغّل 220 ألف شخص، يخطط لتوظيف 25 ألف موظف جديد هذا العام.
ويستهدف استقطاب الشباب عبر “طائرة المهن”، وهي مساحة من 3 آلاف متر مربع تستعرض مختلف وظائف القطاع، من مستوى البكالوريا المهنية حتى الدكتوراه.