بين تحديات الصين وألغاز واشنطن.. اليابان تشرع في تعزيز قدرتها العسكرية

بين تحديات الصين وألغاز واشنطن.. اليابان تشرع في تعزيز قدرتها العسكرية


مع تصاعد التوترات الإقليمية في شرق آسيا، وبخاصة مع تنامي القوة العسكرية للصين وعدم وضوح التزامات الولايات المتحدة تجاه حلفائها، تسير اليابان بخطى حثيثة نحو إعادة تعريف دورها العسكري.

ووفقا لتقرير صحيفة نيويورك تايمز، يأتي هذا التوسع العسكري الياباني انعكاسا لرغبة طوكيو في لعب دور أكثر فاعلية في حماية أمنها القومي وضمان استقرار المنطقة، من خلال تطوير قواتها المسلحة وتعزيز شراكاتها الاستراتيجية.

«إف-20 تايغر شارك».. قصة مقاتلة أسقطها التوقيت والسياسة

وقد تجلى هذا التوسع في نشر بطاريات صواريخ متنقلة تابعة للفوج السابع الذي تأسس حديثا على قمم تلال مكشوفة في جزيرة أوكيناوا.

هذه الخطوة تعد جزءا من توسع عسكري أكبر تتبدى ملامحه وسط مخاوف متنامية من التمدد العسكري الصيني، الذي يزيد من وجوده البحري قرب المياه اليابانية، وتساؤلات حول التزام الحليف التقليدي، الولايات المتحدة، وخاصة في ظل تصريحات الرئيس دونالد ترامب المنتقدة لاعتماد اليابان المفرط على الحماية الأمريكية.

وتسعى اليابان عبر إضافة صواريخ وأسلحة متقدمة (أمريكية ومحلية) إلى تحويل جيشها، بعد عقود من النزعة السلمية التي فرضها دستور ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلى قوة فعالة قادرة على العمل جنباً إلى جنب مع الجيش الأمريكي، لإثبات أنها شريك لا غنى عنه.

ويرى نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق، نوبوكاتسو كانيهارا، أن تعزيز القدرات العسكرية التقليدية هو الوسيلة لضمان دعم الولايات المتحدة وإظهار قيمة اليابان كحليف أساسي لترامب.

كما دفعت الحرب في أوكرانيا طوكيو في 2022 للإعلان عن مضاعفة الإنفاق على الأمن القومي ليصل إلى حوالي 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وترجم هذا الإنفاق إلى بناء عسكري واسع شمل شراء أسلحة أمريكية متطورة مثل مقاتلات الشبح إف-35بي وصواريخ توماهوك، مما يمنح اليابان لأول مرة منذ 1945 قدرة على ضرب أهداف داخل أراضي العدو، وإنعاش الصناعة الدفاعية المحلية التي تعرض الآن أسلحة واعدة مثل صواريخ فرط صوتية وأنظمة ليزر مضادة للطائرات المسيرة.

كما أظهرت طوكيو عزمًا جديدًا على القتال مع واشنطن عبر التخطيط لإنشاء “مقر عمليات قتالية” مشترك في العاصمة، وهو ما أشاد به وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث.

رغم هذه الجهود، يظل القلق يسود القيادة اليابانية من تقلبات مواقف واشنطن. فبالإضافة إلى دعم شخصيات مثل هيغسيث وماركو روبيو، يخشى صناع القرار اليابانيون من التيار الانعزالي لحركة “أمريكا أولاً” والطابع المتقلب لترامب نفسه.

وتتمثل أسوأ مخاوف القادة اليابانيين في أن يبرم ترامب صفقة كبرى مع الصين تتخلى فيها واشنطن عن اليابان وجيرانها لصالح النفوذ الصيني.

جنود يابانيون بجوار صواريخ مضادة للسفن

واستعداداً لأي سيناريو، تعمل اليابان على “خطة بديلة” لتنويع تحالفاتها وتعزيز شراكات دفاعية أخرى. فهي تطور مقاتلة بالتعاون مع بريطانيا وإيطاليا، وتعزز علاقاتها مع أستراليا وعرضت بيعها فرقاطات متطورة، وشاركت للمرة الأولى في تاريخها بمناورات عسكرية متعددة الجنسيات في الفلبين.

كما وضعت طوكيو خطة طوارئ نهائية تتمثل في مخزون ضخم من البلوتونيوم المدني الذي يمكن نظرياً استخدامه لبناء ترسانة نووية خاصة بها، رغم أن الإرث النفسي لهيروشيما وناغازاكي يظل رادعاً قوياً ضد هذه الخطوة.