العولقي يتبع الحوثيين: استغلال مأساة غزة لتغطية عجز “القاعدة”

العولقي يتبع الحوثيين: استغلال مأساة غزة لتغطية عجز “القاعدة”


في ظهور باهت يعكس تراجع القدرات التنظيمية، أطلّ زعيم “القاعدة” باليمن، بخطاب دعائي حاول فيه توظيف غزة لتلميع صورة التنظيم المتآكلة.

سعد العولقي، الذي تولى قيادة التنظيم في مارس/أذار 2024، خصص نصف ساعة لبث مشاهد مؤثرة لأطفال غزة، في محاولة لاستثمار المأساة لرفع شعبيته، وهو أسلوب بات مألوفا من قبل زعيم مليشيات الحوثي عبدالملك الحوثي، الذي يستغل الحرب أسبوعيا للغرض ذاته.

والخطاب من منظور مراقبين، أعاد إنتاج الرواية الكلاسيكية التي روّج لها سابقا مؤسسو القاعدة مثل عبدالله عزام وأسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، مستخدمين غزة كمنصة للعودة إلى مفردات “الجهاد العالمي”، والدعوة إلى حمل السلاح.

غير أن اللافت في خطاب العولقي هو تجاهله التام لمليشيات الحوثي، رغم تقاطع مساراتهما، ما يعكس محاولة واعية لخلق انطباع زائف بالاستقلالية، بينما تستمر الشراكة الضمنية بين الطرفين، بحسب مراقبين.

ستار دعائي لتغطية العجز

العولقي لم يقدم استراتيجية جديدة، بل لجأ إلى أساليب دعائية مفرغة، عبر الدعوة إلى الفوضى المدنية مثل الإضرابات وتعطيل الطرق، وهي أدوات كانت تُعد “هامشية” في خطاب التنظيمات الإرهابية التقليدية.

أما دعواته للقبائل لاقتناء السلاح والتجار لتمويل ما سماها “ساحات الإعداد” فكشفت عن مأزق مالي وتنظيمي عميق يمر به فرع القاعدة في اليمن.

وهو ما أكده الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، محمد بن فيصل، الذي وصف الخطاب بأنه “دليل واضح على الإفلاس الفكري والتنظيمي”.

وقال بن فيصل، لـ”العين الإخبارية” إن “الظهور الإعلامي الأخير لسعد بن عاطف العولقي، يعد مؤشراً واضحاً على حالة التراجع والإفلاس الفكري والتنظيمي وحتى العسكري الذي يعاني منه تنظيم القاعدة في المرحلة الراهنة”.

مضيفا أن الخطاب “اتّسم بطابع انفعالي ودعائي أكثر من كونه طرحا عسكريا أو أمنيا متماسكا”، مشيرا إلى أنه “ركّز على دعواته لزعزعة الأمن والاستقرار في الدول العربية، بوسائل احتجاجية مدنية كانت سابقا محل سخرية الجماعات الإرهابية”.

وبالنسبة للخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، فإن هذا التحول من التركيز على العمليات العسكرية والأمنية إلى تبنّي أساليب تحريضية، “يهدف إلى إثارة الفوضى المدنية، ويكشف عن ضعف استراتيجي وتراجع في القدرات العملياتية والتنظيمية، إذ لم يعد الخطاب الجهادي قادراً على تقديم نفسه كفاعل عسكري حقيقي”.

خطاب من إنتاج طهران؟

بن فيصل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، مرجحا أن خطاب العولقي كان “من إنتاج المخرج في طهران”، في إشارة إلى النفوذ الإيراني.

واعتبر أن القاعدة في اليمن لم تعد قادرة على تنفيذ عمليات ذات طابع نوعي، وباتت تلجأ إلى “الحرب النفسية” والتحريض العاطفي.

القاعدة والحوثي والتيار الواحد

وعن عدم تطرق العولقي لمليشيات الحوثي في خطابه، فسّر الباحث اليمني في شؤون الجماعات الإرهابية، سعيد الجمحي، بأن الطرفين باتا جزءا من “تيار واحد يستخدم غزة كذريعة لتسويق ذاته كمقاومة”.

وقل إن “حرب غزة باتت ذريعة للحوثيين والقاعدة لتقديم أنفسهم كحركات مقاومة لاستجلاب التعاطف”.

ولفت الجمحي إلى أن العولقي لا يمكنه الظهور كخصم للحوثيين أو إيران بينما يعمل على نفس الأجندة وهي كسب التعاطف الشعبي من خلال الاستغلال العاطفي لغزة.

وتابع “يدرك العولقي أن الانفعالات والغضب يوفران أرضا خصبة للتجييش الشعبي ولهذا ظهر بالوقت المناسب ليبرز ويجدد فكرة أن تنظيم القاعدة لازال حيا”.

ووفق تقارير أممية، فإن العولقي حافظ على اتفاق عملي مع الحوثيين طيلة السنوات الثلاث الماضية، شمل عدم الاعتداء المتبادل، ما يعزز من فرضية أن خطاب غزة ما هو إلا غطاء سياسي مشترك بين القاعدة والحوثيين لخدمة أجندات تتجاوز حدود اليمن.