أبل على حافة مصير نوكيا.. هل ينجح تيم كوك في تغيير مسار الأحداث؟

تم تحديثه الإثنين 2025/6/9 05:11 م بتوقيت أبوظبي
قال تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست إنه قبل عام، أعلنت شركة أبل عن دخولها مجال الذكاء الاصطناعي من خلال “Apple Intelligence”، وأدي ذلك إلى ارتفاع قيمتها السوقية بأكثر من 200 مليار دولار في يوم واحد، وسط آمال بتحول الآيفون إلى مساعد ذكي فعلي يعزز المبيعات.
لكن بعد 12 شهرًا، تلاشى هذا التفاؤل ليحل محله القلق. فالعديد من الوعود الكبرى تحولت إلى وعود فارغة؛ فقد تم تأجيل تحديث “سيري” (وهو نظام مساعد افتراضي صوتي تتيحه Apple، على أجهزة iPhone و iPad وApple Watch وMac لعدة أغراض، مثل البحث عن معلومات، إجراء مكالمات، إرسال رسائل نصية، أو التحكم في أجهزة المنزل الذكي) إلى أجل غير مسمى، وتبين أن “Apple Intelligence” متأخرة عن منافسيها مثل Gemini من Google.
وفي الوقت نفسه، كشفت الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب عن هشاشة وجود أبل في الصين. كما أن التهديدات القانونية والتنظيمية باتت تهدد مصدرين رئيسيين من مصادر دخلها عالية الربحية: عائدات محرك البحث ومتجر التطبيقات.
انخفاض الأسهم
انخفضت أسهم أبل بنسبة 20% هذا العام، متأخرة عن منافسين مثل Alphabet وAmazon. ويقارن البعض بين أبل اليوم وشركة جنرال إلكتريك سابقًا، التي أخفت تحت أرباحها الظاهرة مشكلات هيكلية عميقة. فبينما ارتفعت قيمة أبل السوقية إلى 3 تريليونات دولار في 2022، إلا أن غياب الابتكارات الكبرى يثير القلق.
ولتجنب مصائر شركات مثل نوكيا، يرى محللون أن أبل بحاجة إلى استراتيجية جديدة في الأجهزة، إذ إن نجاحها التاريخي ارتبط بإعادة اختراع المنتجات: الماك، الآيبود، والآيفون. واليوم، بينما تطور شركات مثل Meta وGoogle نظارات ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تبقى أبل متأخرة، رغم امتلاكها جهاز Vision Pro، الذي قد يمنحها مدخلًا للسوق.
WWDC 2025.. كيف تشاهد حدث افتتاح مؤتمر أبل السنوي للمطورين؟
تعاني أبل من قيود فرضتها على نفسها، مثل التمسك الشديد بالخصوصية، ما يقلل من قدرتها على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة بسبب نقص البيانات. كما فضّلت تشغيل الذكاء الاصطناعي على الأجهزة بدلاً من الاستثمار في البنية السحابية، مما جعلها تتخلف عن الآخرين. والاضطرار للسماح باستخدام ChatGPT على أجهزتها مثال واضح على هذا التأخر.
سبل إنقاذ
يمكن لأبل شراء شركة متقدمة في الذكاء الاصطناعي لتدارك الموقف، لكن معظم الخيارات أصبحت محجوزة: OpenAI مع جوني آيف، وAnthropic مع أمازون، والبدائل المتاحة إما صينية أو صغيرة. وبديل آخر هو الانفتاح على مزودي ذكاء اصطناعي خارجيين، مما قد يساعد في تطوير سيري بسرعة ويمنح المستخدمين سببًا فعليًا لترقية أجهزتهم، لكنه خيار غير مرجح في ظل إدارة تيم كوك، التي تميزت بالحذر والتركيز على الاستقرار المالي أكثر من المجازفة الابتكارية.
وفي الوقت نفسه، تواجه أبل تهديدات كبيرة في قطاع الخدمات، الذي أصبح ركيزة أرباحها في ظل تباطؤ مبيعات الآيفون. كما أن حكما قضائيا محتملا قد يمنع غوغل من دفع 20 مليار دولار سنويًا لأبل مقابل جعل محركها البحثي هو الافتراضي في الآيفون، ما يمثل خطرًا مباشرًا على عائدات الخدمات البالغة 96 مليار دولار سنويًا.
كما تواجه أبل ضغوطًا على متجر التطبيقات، بسبب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي ودعوى مكافحة الاحتكار من شركة Epic، مما قد يقلص من إيراداتها التي تقدر بـ31 مليار دولار سنويًا.
في ظل هذه التحديات، تجد أبل نفسها عند مفترق طرق. فإذا استمرت على نهجها الحالي، قد تخسر مكانتها في طليعة الابتكار. لكن إن استغلت هذه اللحظة لإعادة التفكير في نهجها، خاصة في الذكاء الاصطناعي والخصوصية والانفتاح، فقد تتمكن من كتابة فصل جديد في مسيرتها.
وخلال السنوات الأخيرة، كان قطاع الخدمات هو الجانب الأكثر إشراقًا في عهد كوك، وساعد في التغطية على تباطؤ مبيعات الآيفون. وإذا تعرض هذا القطاع للضرر، سيكون الأمر مؤلمًا. لكنه قد يكون أيضًا اللحظة التي تدفع كوك إلى إعادة كتابة قواعد لعبته الخاصة — في الذكاء الاصطناعي، والخصوصية، والانفتاح — مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر جرأة.