تونس: استعادة النشاط على شاطئ حمام الأنف

عادت الحياة إلى شاطئ “حمام الانف” بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، بعد أكثر من عقدين من التلوث الناجم عن المياه القذرة التي تتدفق من المدن إلى البحر دون أي معالجة.
شهدت مدينة حمام الأنف، الواقعة بين البحر وجبل بوقرنين في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، عودة تدريجية لبريقها السياحي بعد تحسن ملحوظ في جودة مياه شواطئها، التي كانت توصف في السابق بـ”لؤلؤة الخليج”. ويأتي هذا التحسن عقب توقف عمليات سكب المواد الملوثة، ما أعاد الحياة إلى واحد من أجمل الشواطئ في البلاد.
وكان شاطئ حمام الأنف يُعرف قديمًا بـ”شاطئ البايات”، نسبة إلى حكّام تونس في عهد الإمبراطورية العثمانية، الذين اتخذوا المدينة مقرًا لعطلهم الشتوية والصيفية، لما تمتاز به من عيون طبيعية ذات خصائص علاجية، وجو ساحلي مبهج يتحول صيفًا إلى كرنفال فرح نابض بالحياة.
وفي إطار حملة وطنية تهدف إلى تحسين نظافة الشريط الساحلي الممتد على كامل البلاد، أطلقت وزارة البيئة التونسية أولى حملاتها من حمام الأنف، بالتعاون مع المجتمع المدني وسكان المنطقة، بعد سنوات من التلوث البحري الذي أثّر سلبًا على صورة المدينة كمقصد سياحي شهير خلال تسعينات القرن الماضي.
مفاجأة في عيد الأضحى
الناشطة في المجتمع المدني محرزية الجبالي عبّرت في تصريح لموقع “العين الإخبارية” عن سعادة الأهالي بنقاء مياه البحر، مؤكدة أن سكان المدينة تفاجؤوا منذ يوم عيد الأضحى بصفاء الشاطئ وعودة روّاده للسباحة والاستجمام، بعد غياب طويل فرضه التلوث.
ودعت الجبالي إلى الابتعاد نهائيًا عن سكب المياه الملوثة في البحر، حتى تستعيد المدينة ألقها ومكانتها السياحية التي تراجعت بفعل التدهور البيئي.
خطة بيئية واسعة تشمل 200 كيلومتر من السواحل
من جهته، أعلن وزير البيئة حبيب عبيد أن الحملة البيئية انطلقت من حمام الأنف لتشمل تنظيف نحو 200 كيلومتر من الشواطئ التي يرتادها السياح، مشيرًا إلى أن التحضيرات بدأت منذ شهر ونصف، وتندرج ضمن برنامج متكامل للنهوض بالبيئة الساحلية.
وأضاف عبيد أن الوزارة أعدت مخططًا بيئيًا خاصًا بمحافظة بن عروس، يتضمن دراسة مستويات التلوث على المستويات الصناعية والزراعية والساحلية، إلى جانب مخطط خاص بوادي مليان الذي يشهد وجود 135 نقطة تلوث سيتم التعامل معها بشكل منهجي.
مشاريع المعالجة وإعادة الاستغلال
وأكد وزير البيئة أن العمل جارٍ حاليًا على تحديث نظام المعالجة الثلاثية في نحو أربع محطات للصرف الصحي، ضمن مشروع لإعادة رسكلة المياه الملوثة واستغلالها في الري الزراعي بالمحافظة.
وفي خطوة تقنية جديدة، تم إنجاز وحدة تمتد على 7 كيلومترات داخل البحر لمعالجة المياه الصناعية التي تُصرف في البحر، بهدف تطهيرها قبل دخولها إلى المياه الساحلية، مما يعكس تحولاً نوعيًا في الإدارة البيئية للمنطقة.
ومع هذه الجهود، يأمل سكان حمام الأنف أن تكون هذه الخطوة بداية فعلية لاستعادة مكانة مدينتهم كوجهة سياحية بحرية وصحية، بعدما طالها الإهمال لسنوات.