مدثر شيخة، مؤسس “كريم”: رائد تغيير وسائل النقل في المنطقة العربية

يعترِض الشغف طريق بعض الناس أحياناً، فيفقدون حماسهم تجاه أمورٍ في حياتهم، ويغدو النجاح بالنسبة لهم أشبه بحلم بعيد المنال.
غير أنّنا قد نصادف بالصدفة، أو من خلال حديث أحدهم، قصة نجاحٍ ملهمة لشخصٍ تجاوز مشقّات كثيرة حتى بلغ ما هو عليه من إنجاز وتميّز.
وعندما تدرك حجم الإصرار الذي تحلّى به ذلك الشخص في سبيل تحقيق مستقبله وحلمه، تجد نفسك وقد امتلأت بطاقة إيجابية تدفعك إلى إحداث تغيير في مسارك أيضاً، وينطبق هذا الوصف على قصة رائد الأعمال الباكستاني “مدثّر شيخة”، أحد مؤسسي شركة “كريم”.
وفاة مخترع حبوب الإجهاض إيتيان إميل بولييه
النشأة
كان ينتمي مدثر شيخة في بداية حياته إلى الطبقة المتوسطة، حيث وُلِد في مدينة كراتشي الباكستانية ضمن أسرة تعمل في تجارة الأرز.
وعُرف منذ صغره بعزيمته القوية وإصراره على تجاوز التحديات، وتلقّى دراسته الأولى في المدرسة الإنجليزية المتوسطة بباكستان، حيث برز بتفوقه الأكاديمي وحقق درجات عالية.
وتميّز مدثر شيخة بذكائه الحاد وشخصيته الفريدة، فكان يتفوق على جميع أقرانه، الأمر الذي أهّله لاحقًا لتأسيس واحدة من أكبر شركات سيارات الأجرة في آسيا، وهي شركة كريم، التي غدت من أبرز العلامات التجارية في هذا المجال.
ولم يتوقف طموحه عند حدود الدراسة المدرسية، بل استكمل مسيرته العلمية بحصوله على منحة دراسية إلى جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1999م لدراسة علوم الاقتصاد وعلوم الحاسوب، إذ لم تكن عائلته قادرة على تحمّل تكاليف تعليمه. وأتمّ دراسته الجامعية في غضون ثلاث سنوات ونصف.
وبدأ مدثر مسيرته العملية مبكرًا بالعمل في إحدى الشركات العالمية، مستلهما ذلك من والدته التي كانت مثالًا للمرأة الباكستانية الطموحة، فقد تزوجت في سن صغيرة وكرّست حياتها من أجل نجاح أبنائها، في حين لم يكن والده قد نال قسطًا كافيًا من التعليم.
وتابع مدثر شيخة رحلته العلمية بنيل درجة الماجستير في علوم الحاسوب عام 2003 من جامعة ستانفورد، وظل حلم تأسيس شركته الخاصة يراوده حتى قبل التخرج.
وبدأ مسيرته العملية الفعلية في عام 2000 حين التحق بالعمل في شركة Brience في سان فرانسيسكو، حيث اكتسب منها خبرات تأسيسية قيّمة مهّدَت له الطريق لتحقيق طموحاته الريادية.
تأسيس شركة “كريم”
وبدأت رحلة “مدثر شيخة” نحو تأسيس شركته الخاصة من خلال فكرة انطلقت بعد تعرّفه إلى السويدي “ماغنوس أولسون”، الذي أصبح لاحقاً شريكه في تأسيس شركة “كريم”.
وكان ذلك حين عملا معاً سابقاً كمستشارين في شركة “ماكنزي” العالمية، حيث كان “مدثر شيخة” يتولى الاستشارات في فرع الشركة بباكستان، بينما عمل “أولسون” في الفرع السويدي.
وقد جمعتهما رؤية مشتركة تمثّلت في السعي لإحداث نقلة نوعية في منطقة الشرق الأوسط، عبر مشروع تجاري مربح يعود بالنفع على المجتمعات المحلية في عدة دول.
ومن هنا وقع اختيارهما على مدينة دبي لتكون مقر انطلاق مشروعهما، باعتبارها بيئة استثمارية واعدة ومناسبة لتنفيذ فكرتهما.
وتمحورت الفكرة الأساسية حول استثمار التكنولوجيا في تنظيم وحجز سيارات الأجرة الخاصة، وحرص الشريكان على دراسة المشروع من مختلف الجوانب قبل الشروع في تنفيذه.
وفي أحد الاجتماعات، استعرض “مدثر شيخة” الخطط المؤقتة التي كان يعمل عليها لتوسيع نطاق خدماته، وتقديم شركة رائدة تخدم الجميع بكفاءة.
وكانت النتيجة ميلاد شركة “كريم”، التي أصبحت علامة فارقة في عالم النقل الذكي بالمنطقة.
وداعًا لأيقونة الحلويات.. وفاة «فرانسيسكو ريفيلا» مخترع النوتيلا
واختار “مدثر شيخة”، مؤسس شركة كريم، هذا الاسم انطلاقًا من معناه الذي يعكس روح الكرم تجاه العملاء، إذ تقدّم الشركة خدمة متميزة وغير مسبوقة في المنطقة.
ولم يقتصر مفهوم الكرم على العملاء فحسب، بل شمل أيضًا السائقين، حيث تحرص الشركة على رعايتهم، والاهتمام بأسرهم وصحتهم، مع السعي لتوفير بيئة عمل تحفظ حقوقهم وتؤمّن مستقبلهم، بعيدًا عن فكرة الوظائف المؤقتة التي تفتقر إلى الأمان والاستقرار.